عكست تصريحات ملك الأردن عبد الله الثاني التي شكّك فيها بسيطرة نظام الأسد على الأراضي السوريّة، وجود انتكاسة في العلاقات بين عمّان ودمشق، بعد نحو ثلاث سنوات من إعادة العلاقات بينهما، وإجراء لقاءات على المستويين الأمني والسياسي ومحاولة التوصّل إلى حلول للمشكلات التي بقيت عالقة، وعلى رأسها ضبط الحدود.
وأعرب الملك عبد الله خلال حديثه ضمن قمة الشرق الأوسط العالمية في نيويورك، قبل ثلاثة أيام، عن اعتقاده بأن بشار الأسد لا يريد صراعاً مع الأردن، إضافة إلى عدم يقينه تجاه سيطرة "الأسد" على الأوضاع في سوريا.
أسباب توتر العلاقات
مصدر أمني مطلع أكّد لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ أسباب توتر العلاقات بين الأردن والنظام السوري تعود بالدرجة الأولى إلى تصاعد المخاوف لدى عمّان من الانفلات الأمني على الحدود مع سوريا، ووجود أدلة واضحة على تورّط تشكيلات عسكرية رسمية تابعة للنظام في تسهيل تهريب الأسلحة والمخدرات إلى داخل الأردن، عن طريق أنفاق ممتدة من جنوب شرقي السويداء إلى جنوبي درعا.
وبحسب المصدر، فإن الأردن يتخوّف من تنامي النشاط الإيراني على مقربة من الحدود، وامتلاكه أدلة على رغبة إيران بزعزعة الاستقرار داخل الأردن عبر تسهيل مرور السلاح ومتطرفين إلى داخل الأراضي الأردنية.
اقرأ أيضاً.. اتفاق أردني مع النظام السوري على تشكيل لجنة مشتركة لمكافحة تهريب المخدرات
ومن الأسباب التي ساهمت في توتير العلاقة بين الأردن والنظام السوري، عدم تجاوب الأخير مع جهود لجنة الاتصال الوزارية العربية الخاصة في سوريا والمتعلّقة بتسهيل عودة اللاجئين من بلدان الجوار، تحديداً من الأردن ولبنان، فقد اشترط النظام على الدول العربية أن تبادر أولاً لإقناع الغربيين برفع العقوبات عنه، لكن الدول العربية أشارت إلى عدم إمكانية ذلك في ظل امتناع النظام عن تقديم أي تنازلات أو إجراء إصلاحات تساعدهم في إقناع الغربيين برفع العقوبات.
بالمقابل، النظام السوري منزعج من استمرار تواصل الجانب الأردني مع قادة سابقين في المعارضة السورية ينشطون ضمن الجنوب السوري، كما أنّ النظام يعتقد بأن عمّان تساهم بشكل غير مباشر في تقديم الدعم السياسي للحراك الشعبي بالسويداء.
محاولات النظام السوري لترميم العلاقات
عمل النظام السوري، خلال الفترة الأخيرة، على ترميم العلاقات مع الأردن، لأنّه لا يرغب بخسارة دور عمّان الدبلوماسي المؤثر على السعودية بالدرجة الأولى، وبدرجة أقل على الجانب الأميركي، حيث سبق أن رعت الحكومة الأردنية مفاوضات بين النظام السوري وإدارة بايدن من أجل الكشف عن مصير المختطفين الأميركيين في سوريا، كما توسطت لتخفيف العقوبات الأميركية على النظام قبل اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية وتدهور العلاقة بين واشنطن وروسيا وجمع المتحالفين مع الأخيرة.
اقرأ أيضاً.. "الصفدي" يبحث مع مسؤول في الخارجية الأميركية الملف السوري وقضية اللاجئين
وأكّدت مصادر أمنية لـ موقع تلفزيون سوريا أن النظام السوري قدّم بعض العروض للأردن من أجل تصحيح العلاقات، مثل عدم معارضة تنفيذ سلاح الجو الأردني لضربات داخل الأراضي السورية ضد أوكار تهريب المخدرات والأسلحة، بالإضافة إلى تشكيل لجنة عسكرية وأمنية مشتركة بهدف مراقبة الحدود.
وأشار المصدر إلى تريّث الأردن في الاستجابة مع جهود النظام السوري، خاصة بعد تجربة تشكيل لجنة اتصال عربية تحت إشراف الجامعة العربية، وعدم تحقيق أي نتائج تذكر، حيث تسود الأجواء بين الطرفين في الوقت الراهن حالة من عدم الثقة.
-
الأردن يتواصل مع قيادات سابقة في المعارضة السورية
خلال الأسابيع الماضية، كثّف الأردن من نشاطه الأمني في الجنوب السوري، وأجرى اتصالات واسعة مع قيادات ومقاتلين سابقين في المعارضة السورية، وأبلغهم بأنه يدرس مختلف الخيارات من أجل ضمان استقرار الحدود، بما في ذلك تكثيف الضربات الجوية ضد مجموعات التهريب، إضافة إلى نشر المزيد من القوات العسكرية وتنفيذ عمليات أمنية متقدمة عند الضرورة.
ومن المتوقع أيضاً، أن يطلب الجانب الأردني المساعدات التقنية من الجيش الأميركي الذي زاد من قدراته الجوية على الأراضي الأردنية قبل شهرين من الآن.