مهّد الانقلاب الذي نفّذه حزب البعث العربي الاشتراكي، في الـ 8 من آذار 1963، لإحداث تغيير جذري داخل سوريا في شكل الحكم وبنية الفئة الحاكمة، إذ تمت الاستعاضة عن النظام البرلماني الذي مثّله آنذاك البرجوازيون من أبناء المدن وكبار الملاك والسياسيين، بحكم الحزب الواحد الشمولي الذي مثّله صغار البرجوازيين من ذوي الأفكار القومية والاشتراكية، مستنداً في ذلك إلى نفوذ أفراده في مؤسسة الجيش وطبقة الفلاحين.
وانتشر الحزب بادئ الأمر في الريف السوري الفقير والمهمّش، ومنها قرى الأقليات، وفشل آنذاك في اختراق المدن الكبرى. وكان ذلك تمهيداً لنشوء أزمة هيمنت لاحقاً على المشهدين الاجتماعي والسياسي داخل الوسطين الريفي والحضري في سوريا.
المرحلة الأولى الممتدة بين عامي 1963- 1970، تم تناولها في الجزء الأول. وسيتناول الجزء الثاني والأخير المرحلة الممتدة بين تسلّم حافظ الأسد السلطة الفعلية في البلاد (عقب ما أطلق عليه الحركة التصحيحية، تشرين الثاني 1970) واندلاع ثورة السوريين، 15 آذار 2011.
سوريا منذ تسلّم حافظ الأسد حتى حزيران 2000
اتسمت المرحلة عموماً بالحكم الفردي المطلق، وتسلّط أجهزة الأمن والمخابرات على الشعب، وغياب كافة أشكال الحياة السياسية والحزبية، واضمحلال الثقافة المؤسساتية وتبعية كافة السلطات لحكم الشخص الواحد.
وتعتبر من أكثر المراحل تأثيراً على التركيبة العامة للريف والحضر في سوريا، من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وكذلك العمرانية والثقافية.
المدينة والريف: خدمياً واقتصادياً واجتماعياً
انخفض معدل الوفيات في سوريا بمقدار الثلثين بين عام 1960 الى العام 1991، أقل منه في اليابان والولايات المتحدة، نتيجة اهتمام النظام الملحوظ برفاهية أبناء الأرياف المرتبط بجذوره الريفية وجمهوره الريفي، وأصبح الريفيون يعيشون أطول مقارنة بنظرائهم الحضريين.
وكان النمو الديمغرافي في سوريا سريعاً في العقود الأربعة الأخيرة (التي سبقت العام 1999) ومثل عامل زعزعة مهماً في الحياة السورية، باقترانه مع الجفاف المتكرر وتآكل التربة، وتسبب بهجرة ريفية غير مسبوقة، وجعل المدن الرئيسية تعج بالسكان والمشكلات السكانية، ورفع كلفة الغذاء، وتفاقم التفاوتات الاقتصادية، وساهم ذلك على نحو غير مباشر في صعود البعثيين (العائدين معظمهم للأرياف)، و أدى إلى عدم كفاية الإنتاجية، وارتفاع الاستهلاك الفردي، ما فسر تحويل سوريا إلى بلد يرتفع صافي وارداته على صافي صادراته الغذائية، وازدياد العبء المالي لحد كبير.
أدى انخفاض عدد السكان العاملين في الزراعة إلى تفاوت الدخل بين العمال الريفيين والحضريين، وإلى زيادة جاذبية حياة المدينة، واستنزاف المياه الجوفية.
وفي منتصف السبعينيات، لجأ مزارعو حوران وجبل العرب بشكل خاص للهجرة إلى دول الخليج قبل أن تتضاءل آمالهم بعد هبوط أسعار النفط في 1985، مما أدى هذا العامل إضافة إلى صعوبة إيجاد فرص عمل في المدن إلى هجرة عكسية من المناطق الحضرية في أوائل التسعينيات.
تعليمياً
حتى العام 1986 لم يكن التقدم النوعي على جميع المستويات مثيراً للإعجاب، واستمر النقص الحاد في المعلمين المؤهلين في المناطق الريفية، وكانت الغرف الدرسية مزدحمة على نحو مفرط، وصيانة المدارس سيئة، بالإضافة إلى عدم مرونة البرامج المدرسية وعدم ملاءمتها للمجتمع القروي .
الاقتصاد/ الزراعة
الأراضي والمياه: انخفضت المساحات الزراعية الصالحة للاستثمار، من متوسط سنوي 6،5 ملايين هكتار في النصف الأول من الستينيات إلى متوسط سنوي يبلغ 5،5 ملايين هكتار في الثلث الأول من التسعينيات، ويأتي ذلك نتيجة سحب مالكي الأراضي للمياه الجوفية بلا مراقبة، وانخفاض في مردود الآبار، وتلوث بعض الأنهار جراء فرط استعمال الأغراض المنزلية والصناعية في جزء منها، مثال على ذلك ما حدث في نهر بردى وروافده، بالإضافة إلى التسبخ وانتشار الملوحة الناجم عن سوء إدارة مياه الري أو عن ضعف التصريف كما في حوض الفرات ومنطقة الغاب، بالإضافة إلى ضياع بقع مستثمرة نتيجة البناء السكني والتجاري العشوائي.
الثروة الحيوانية: ومع حلول العام 1985 انخفض عدد الأغنام من 10،99 ملايين رأس في العام 1983 ليصبح 3،36 ملايين رأس –أي بحدود الثلث- نتيجة نقص العلف والجفاف ونقص العملة الصعبة.
التصحّر وانحسار الأراضي الزراعية: انتشرت ظاهرة التصحر بشكل متفاقم في العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحالي، وذلك للتأثير السلبي الذي خلقته السياسة التنموية المعتمدة من قبل الحكومات على كافة الأصعدة، الاجتماعية والاقتصادية والبيئية؛ ويعود السبب إلى تزايد عدد السكان وبالتالي زيادة الطلب على الغذاء، والتوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية، والتوسع الكثيف غير العقلاني في استثمار الأراضي ونضوب المياه التي تم استغلالها بشكل جائر، وقيام بعض المتنفذين من قوى السلطة باستغلال جائر للموارد الطبيعية وغير العقلاني.
الموقف الحكومي
لم يتخذ النظام موقفاً جدياً اتجاه الإجراءات والوسائل الكفيلة للحد من الظاهرة، والتي لم تتعدّ الأطروحات النظرية والشعارات الجوفاء، ولم تستطع الحد من هجرة أبناء الأرياف نتيجة لتوسع هذه الظاهرة.
من ناحية أخرى، ساعد انتشار كثير من أبناء الريف الساحلي المقيمين في قرى معزولة ومناطق جبلية وعرة، إلى شعور أغلبيتهم بعقدة النقص والحرمان والاحتقار، ما يفسر لجوء كثيرين منهم إلى الجيش في الوقت الذي كان فيه أبناء المدن يتجنبون هذه المهنة.
سد الفرات ومخطط "الحزام العربي"
في المنطقة الشرقية، وأثناء البدء بإنجاز سد الفرات في محافظة الرقة، غمرت بحيرة السد –التي حملت لاحقاً اسم بحيرة الأسد- مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، فوجدت السلطة الحل بتوزيع الشريط الحدودي التركي بطول 350 كم تقريبًا، وعمق يراوح بين 10 و15كم، على العائلات اللواتي غمرت بحيرة السد أراضيها. وكان الهدف من ذلك أن تشكّل تلك العائلات ما يُسمّى بـ "الحزام العربي"، حيث تعزل الحدود السورية التركية في المناطق التي يوجد فيها الكرد، عن كرد تركيا والعراق. وبدأ تنفيذ المخطط في عام 1974.
ولم توزّع الأرض على الفلاحين آنذاك بل سُلّمت إلى منشأة مزارع الدولة، لتوزيعها لاحقًا على أهالي الغمر الذين رفض كثير منهم تعويضهم من تلك الأراضي المصادرة في الجزيرة. إلا أن السلطات هددت بالحرمان من التعويض كل من يرفض الإقامة في محافظة الحسكة، وقامت بنقل قيودهم في سجلات الأحوال المدنية إلى التجمعات السكنية التي شيّدت لهذه الغاية، وكان القصد من ذلك تغيير ديمغرافية المنطقة .
الهجرة نحو المدينة (ترييف المدن)
بالعودة إلى تاريخ التوزع السكاني في سوريا بين ريف ومدينة، اعتبرت السنوات العشر الأولى من حكم حافظ الأسد 1970- 1980 من أكثر الفترات التي شهدت تراجعاً في سكان الريف السوري، نتيجة هجرة أبنائه إلى المدينة.
نسبة الهجرة نحو المدينة بحسب المحافظات
تهيمن هجرة الريف إلى المدينة على سياسات الهجرة في سوريا، وتعد الشكل السائد بين أنواع الهجرة. وتتباين معدلات هذه الهجرة فيما بينها بحسب المحافظات؛ حيث يقل في ثلاث محافظات فقط (السويداء ـ القنيطرة ـ درعا)، وتعد القنيطرة من الحالات الخاصة بسبب الوضع الأمني على الحدود، بينما يزيد معدل الهجرة في بعض المحافظات الأخرى بمقدار 5% على المستوى الإجمالي للسكان، ويرتفع في ست محافظات عن مثيله على مستوى القطر، بينما تعد معدلات هجرة الريف إلى الحضر في طرطوس، حمص، اللاذقية مرتفعة نسبيا حيث يزيد على 14%.
وترجع أسباب ارتفاع معدلات هجرة الريف إلى الحضر إلى عدة عوامل من بينها النمو السكاني المرتفع في معظم مناطق الريف بالمقارنة مع مناطق الحضر، وحرمان عدد كبير من العاملين الزراعيين من فرص العمل بسبب الاعتماد على المكننة الزراعية، وتمركز المؤسسات الحكومية بشكل عام في المدن الكبرى، وتركيز اهتمام الدولة على المدن وسعيها إلى تأمين متطلبات سكان الحضر قبل سكان الريف .
كيف غدت المدن؟
بالمقابل تزايدت نسبة سكان الحضر (المدن) في سوريا وتسارعت بشكل كبير في العام 1970، حيث أصبح سكان المدن في سوريا من أعلى المستويات الملاحظة في العالم النامي لكن دون الوصول إلى مستويات التحضر (توسعت ظاهرة ترييف المدن بدلاً من السعي لتحضّر الأرياف).
وفي ظل هذا التزايد لم يُلحظ تغيير في مستوى العيش والثقافة وأنماط التفكير وفهم حقوق المواطنة، أو في رفع مستويات التعليم والصحة، أو في توفير مزيد من فرص العمل. إنما اقتصر التغيير على تكديس السكان في المدن وتفريغ الأرياف؛ حيث ارتفعت نسبة التغيير إلى 20% بين العام 1950 والعام 2005.
عشوائيات لتطويق المدن
لوحظ خلال ذلك نشوء أحياء جديدة، معظمها من العشوائيات (تم تنظيم جزء منها وإلحاقها بأحياء المدينة فيما بعد)، على حدود العديد من مراكز المحافظات، كالعاصمة دمشق والمدن الكبرى الأخرى. وغالبية سكان تلك الأحياء هم من ضباط جيش النظام السوري والأمن وأفراده وعناصره، وغالبيتهم من أبناء الريف الساحلي الذين استقدمهم الأخير من قراهم وكذلك من قرى المنطقة الوسطى.
تلك الأحياء شكّلت مع الوقت طوقاً عسكرياً وأمنياً يحيط بتلك المدن، ولعب سكانها دوراً رئيساً في قمع التظاهرات والاحتجاجات خلال سنوات الثورة الأولى
تلك الأحياء شكّلت مع الوقت طوقاً عسكرياً وأمنياً يحيط بتلك المدن، ولعب سكانها دوراً رئيساً في قمع التظاهرات والاحتجاجات خلال سنوات الثورة الأولى، والتضييق على أهالي المدن الثائرة، وشاركوا في عمليات الاعتقال والتصفيات التي طالت أبناء تلك المدن.
ففي دمشق على سبيل المثال وليس الحصر، حاصرت تلك الأحياء العاصمة من جميع الجهات، ومن بينها: حي المزة 86- ضاحية الأسد- ضاحية تشرين- قرى الأسد- التضامن- مساكن الحرس الجمهوري.. إلخ. وفي حمص نذكر من بين الأحياء: الزهراء- عكرمة الجديدة.
تحديث شكلي وترسيخ سلطة شمولية مهّدت لانفجار الريف والمدن
لم يطرأ تغيير لافت على خريطة الريف والمدينة خلال السنوات العشر الأولى من حكم الأسد الابن (2000- 2010)، فقد حافظ بشار الأسد على مخلفات سياسة سلفه المطبّقة خلال العقود الثلاثة السابقة، من حيث:
-تطور في العلاقات التركية السورية، وإنشاء اتفاقيات اقتصادية مع الدولة التركية. ونتيجة تميّز وتفوق البضائع التركية ورخص ثمنها، تضررت الصناعات السورية التقليدية التي كانت تشكل مصدر رزق لعشرات الآلاف من المواطنين السوريين، ولا سيما صناعة المفروشات "الموبيليا"، وانطبق ذلك أيضاً على كثير من مصانع السلع الغذائية (الكونسروة) ومصانع ألعاب الأطفال والملابس والأحذية.
-في أوائل نيسان 2008، رُفع سعر مادة المازوت إلى أكثر من ثلاثة أضعاف دفعة واحدة، من 7 ليرات إلى 25 ليرة سورية، لليتر الواحد، وأدى رفع سعر مشتقات النفط المستخدمة في تشغيل مضخات المياه والآليات الزراعية، المتزامن مع موجة الجفاف، إلى أضرار بالغة في الزراعة والثروة الحيوانية، أدت إلى توقف نشاطاتها وهجرة الفلاحين ومربي الحيوانات من عدة مناطق وخاصة من الجزيرة السورية نحو البلدات المحيطة بالعاصمة دمشق ومناطق حوران، أو للعمالة في القطر اللبناني المجاور.
-القطاع الزراعي كان يسير نحو الانحدار، فاليد العاملة الزراعية تقلصت تقلصًا كبيرًا، والمساحات المزروعة لم تتغير، والأهم هو الانخفاض الكبير في كمية المحصولات للمساحات المزروعة نفسها، وحُمّل الجفاف المسؤولية الكاملة، بينما الحقيقة هي أن الجفاف لا يتحمل سوى جزء يسير، أما الجزء الأكبر فيعود إلى طبيعة السياسات المتبعة وشكلها والتوجه الاقتصادي العام، إذ أسهم في تراجع الزراعة (تقليص دعم الزراعة، رفع سعر المشتقات النفطية، تحميل الطبقات الشعبية فاتورة اقتصاد السوق الاجتماعي) ما أجبر أعدادًا كبيرة من سكان الريف على ترك العمل الزراعي والهجرة باتجاه ضواحي المدن الكبرى.
- بدْء النظام بتنفيذ مشروع (حلم حمص) في العام 2007 ويتضمن إعادة تأهيل المنطقة الممتدة من الساعة القديمة باتجاه الساعة الجديدة المركزية، وشكل أحد أسباب تخوف أهالي مدينة حمص من المشروع لكونه يستهدف وجودهم في الجزء القديم من المدينة، وكان المشروع واحداً من أسباب انتفاضة أهالي حمص في بداية الثورة السورية.
-إضافة لكل ما سبق، أدت القرارات الحكومية الجائرة في القطاع الزراعي، والمترافقة مع موجات الجفاف إلى خروج مساحات كبيرة من الأراضي من الخدمة من جراء عزوف الفلاحين عن الزراعة، خصوصاً للمحصولين الاستراتيجيين (القمح، القطن) نظراً لارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم كفاية المردود المادي، ما تسبب بتشريد مئات الآلاف من العاملين في هذا القطاع المهم وانضمامهم إلى سوق العاطلين عن العمل، والذين ضاقت بهم أطراف المدن السورية مشكلين مزيدا من العشوائيات في الضواحي.
وبالرغم من ذلك، كان يعمل في القطاع الزراعي أكثر من مليون عامل مع دخول العام 2011، وأسهمت الزراعة بـ 17.6% من الناتج الإجمالي، بحيث حققت اكتفاء ذاتياً من القطن والقمح والزيتون والعديد من المواد الاستراتيجية، ووصلت نسبة الصادرات الزراعية السورية نحو 31% من إجمالي الصادرات في عام 2010. وتدريجياً بدأت تتناقص تلك النسبة عقب اندلاع الاحتجاجات في آذار 2011، ليصل عدد من هجر الريف السوري خلال السنوات الست الأولى أكثر من 3 ملايين نسمة.
استغلال التنافر بين الريف والمدينة لتثبيت دعائم السلطة
والحال، فإن السياسة التي طبقتها السلطة في سوريا، وخصوصاً خلال حكم حزب البعث العربي الاشتراكي، ساهمت فعلاً بخلق العديد من المعضلات والإشكالات التي شابت العلاقة السائدة داخل مجتمعي الريف والمدينة ما أفرز حالة جليّة من التنافر بينهما.
وتبين أيضاً أن السلطة لجأت إلى استغلال تلك الحالة من التنافر خلال تلك المرحلة لتثبيت دعائم حكمها عبر تمكّنها من إحكام قبضتها على المؤسستين العسكرية والأمنية من جهة، وسيطرتها على مقدرات البلاد الاقتصادية والخدمية من جهة أخرى.
خلل ديمغرافي وعمراني
وتأثّرت المدن والأرياف بظاهرة الهجرة وإحداث تغيرات ديموغرافية وعمرانية بإشراف السلطة. وبرزت فروق بين مجتمعي الريف والحضر في النواحي الخدمية والاجتماعية والاقتصادية.
بدت تلك الحالات جليّة في السياسة القائمة على إهمال المناطق الريفية في غالبية مناطق ومحافظات القطر السوري، وأيضاً خلال رصد الواقع الخدمي المتردّي وعدم رسم السلطة خططا من شأنها معالجة المشكلات الاقتصادية التي تواجه الريف، ما دفع أبناءه للهجرة إلى المدن التي طبقت عليها هي الأخرى سياسة "ترييف المدينة"، ونشأت فيها ظاهرة الأحياء الريفية، العشوائية منها والمنظّمة، وتطويقها لأحياء المدن المركزية، والتسبّب في إحداث خلل ديموغرافي في كلا المنطقتين.
الانفجار
تلك الممارسات والسياسات مجتمعة، أسهمت في خلق شعور طاغٍ بالقلق والخوف لدى شريحة واسعة من أبناء المدن والأرياف السورية على حدّ سواء، وبغالبية مكوناتها الاجتماعية؛ نتيجة الخلل المقصود الذي ارتكبه النظام في تفريق الطرفين وفي تقوية أحدهما على حساب الآخر، ناهيك عن تشويه بنية المجتمع السوري وتركيبته الديموغرافية، إثنياً وطائفياً ومناطقياً، بحيث سيطر على مقدراته سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. وكل ذلك قام بتنفيذه عبر ضرب النمطين الحضري والريفي، بعضهما بعضا.
وفي نهاية المطاف، راح منسوب الغضب والشعور بالظلم يتضاعف لدى السوريين ليتحوّل مع الوقت إلى حالةٍ من الاحتقان خلال السنوات الأخيرة، ولينفجر لاحقاً عبر الثورة