نشرت الصحف الرئيسية في إسرائيل، أول أمس الجمعة، مقابلات مطولة مع رئيس الوزراء نفتالي بينيت، لخص فيها سبعة أشهر مضت منذ تسلم مهام منصبه.
وتحدث بينيت في المقابلات عن الجولان وإيران وموقفه الرافض لإحراز أي تقدم على المسار الفلسطيني، إضافة إلى كفاح حكومته ضد فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وغيرها من القضايا التي تواجه حكومته، ومصاعب العمل ضمن ائتلاف حكومي يضم ثمانية أحزاب ذات أجندة يمينية ويسارية متضاربة في بعضها.
يحاول موقع "تلفزيون سوريا" في هذا التقرير تلخيص أبرز ما استعرضه رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، في مقابلاته الصحفية مع الصحف الإسرائيلية الرئيسية، معاريف ويديعوت أحرونوت وهآرتس ويسرائيل هايوم، والتي شكلت حدثاً إعلامياً بارزاً في إسرائيل للاطلاع على السياسيات الداخلية والخارجية لحكومة بينيت التي مضى على تشكيلها أكثر من سبعة شهور.
بينيت (50 سنة) رئيس حزب "يمينا"، اليمين الديني المتطرف، بدأ مشواره السياسي بالمكتب الإعلامي لسلفه بنيامين نتنياهو قبل نحو عقدين، وهو رجل أعمال ومستثمر في قطاع التكنولوجيا الفائقة (الهايتك) من الوسط الديني ويغلب على خطابه الأدبيات الدينية، كرس جزءاً مهماً من هذه المقابلات للرد على نتنياهو وأحياناً للهجوم عليه، بعد أن كان أحد أوفى تلاميذه.
استثمار الوقت في الجولان
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن على تل أبيب استثمار الوقت في مرتفعات الجولان قبل أن تستعيد سوريا عافيتها، مشيراً إلى أن هناك إجماعاً إسرائيلياً، من اليسار إلى اليمين، على مضاعفة الاستيطان في مرتفعات الجولان السوري، الذي تحتله إسرائيل منذ عام 1967.
ودعا بينيت إلى عدم الاكتفاء بوجود 25 ألف يهودي (مستوطن) يعيشون في الجولان منذ عقود.
وأضاف، نحن نعمل على زيادة الاستثمار في الجولان لأنه إذا لم نفعل ذلك لن يمر وقت طويل حتى يقول العالم إن سوريا استقرت فلنسلمها مرتفعات الجولان من أجل السلام.
وقال بينيت متفاخراً بإنجازات حكومته إنها عقدت "جلسة تاريخية"، قبل شهر في مرتفعات الجولان السوري، الذي تحتله إسرائيل منذ عام 1967، ضم كل أطراف التحالف الحكومي من اليسار إلى اليمين، لمضاعفة الاستيطان هناك، واصفاً الخطوة بأنها "تصنع التاريخ".
بينيت: أوسلو لن يتكرر
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي لن تكون هناك دولة فلسطينية، مجدداً رفضه دفع المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين، ومحذراً أن العودة إلى اتفاقيات أوسلو يعني تفكيك الحكومة
وقال بينيت، ما دمت رئيس الوزراء فلا مكان لأوسلو، إذا كان هناك أوسلو لن تكون هناك حكومة، وأنا أعارض الدولة الفلسطينية ولن أسمح بمفاوضات سياسية حول قيام دولة فلسطينية.
وأضاف بينيت، أنا يميني ومواقفي لم تتغير ومازلت أعارض دولة فلسطينية وأدافع عن دولتنا، لافتاً إلى أنه رفض طلب الرئيس الأميركي جو بايدن بإنشاء قنصلية للفلسطينيين في القدس، خلال لقائه بالأخير في واشنطن، في آب/أغسطس الماضي.
وأشار أنه لن يلتقي رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس (أبا مازن) لأن الأخير يرفع دعاوى ضد الجيش الإسرائيلي في محكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وذلك على عكس ما يفعله شريكاه في الحكومة وزير الدفاع بيني غانتس والخارجية يائير لابيد.
وأوضح أن غانتس ولابيد يمثلان موقف اليسار في الحكومة، وأن اللقاءات التي أجرتها أطراف حكومية مع أبي مازن تركز على الجانب الاقتصادي، مشيراً إلى ألا صلاحيات لهما بالتحرك في المجال السياسي.
صراعه مع اليمين.. "أنا يميني مؤمن"
ورداً على الانتقادات التي يتعرض لها من اليمين المتطرف الإسرائيلي، قال بينيت أنا رئيس وزراء يميني يرتدي قلنسوة على رأسه أنا شخص مؤمن وأعبر عن قيمي.
يشار إلى أن اليمين يتهم بينيت بالخيانة لأنه انشق عنهم وأطلق الحكومة الحالية بعد حصوله على منصب رئاستها، بموجب وثيقة التناوب مع يائير لابيد، وذلك على الرغم من أن حزب بينيت لم يحقق إلا عدداً قليلاً من الأصوات.
وقال بينيت ليثبت للمحاور تمسكه بالأجندات السياسية لليمين الإسرائيلي، في عهدي ليست هناك مفاوضات مع الفلسطينيين، بل على العكس هناك معالجات للوضع في مرتفعات الجولان وفي قطاع غزة لصالح إسرائيل.
وأشار إلى أنه أول من اعتبر أن "البالونات الحارقة" التي تطلقها حركة حماس باتجاه إسرائيل، تعامل مثل معاملة الصواريخ، موضحاً أن إسرائيل ترد بالقصف على القطاع بعد البالون الأول مباشرة.
تتمثل انتقادات اليمين لحكومة بينيت بتوقف عمليات تطوير شبكة الطرق بين المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة، وإيصال الكهرباء للمواطنين العرب في النقب المعروف باسم "قانون الكهرباء للبدو"، وفشل تمرير قانون المواطنة الذي طرحه وزير الداخلية أيليت شاكيد، أبرز وجوه اليمين المتطرف في إسرائيل.
إضافة إلى، إيقاف عملية زراعة الأشجار في النقب عقب مظاهرات المواطنين العرب ضد مخطط "الصندوق اليهودي القومي" للاستيلاء على أراضيهم، إضافة إلى هدم بعض البؤر الاستيطانية "غير القانونية" والتي تطلق عليها تل أبيب "المستوطنات الفتية" في الضفة وهو أمر لم يحدث منذ 20 عاماً.
في المقابل، يذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي إنجازاته بأنه وقف ضد إنشاء قنصلية أميركية في القدس لصالح الفلسطينيين، وعمل على إيقاف تحويل الأموال النقدية إلى قطاع غزة عبر الحقائب والاستعاضة عنها بآلية تحويل جديدة يشرف عليها مكتب مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط.
إضافة إلى، تجديد مسيرة الأعلام، وهي احتفالية لليمين اليهودي المتشدد تجوب مدينة القدس الشرقية المحتلة احتفالاً باحتلال عام 1967 وترفع فيها الأعلام الإسرائيلية، ولطالما أثارت التوترات في محيط المسجد الأقصى.
وألقى بينيت اللوم على سلفه نتنياهو إزاء أعمال العنف التي شهدتها المدن الإسرائيلية المختلطة، من يهود وعرب، خلال هبة الأقصى في أيار/مايو الماضي، وما تبعها من شن تل أبيب عملية عسكرية ضد قطاع غزة أطلقت عليها اسم "حارس الأسوار".
ووصف بينيت عنف المدن المختلطة بـ "الجريمة العربية التي انفجرت في وجوهنا في عملية حارس الأسوار"، مشيراً إلى أنها نتيجة إهمال الحكومات السابقة.
وأضاف، قمت بتشكيل فريق من الوزراء بقيادتي ونحن نجعل حياة قادة الجريمة العرب مريرة، بعضهم فر خارج البلاد، ونلاحقهم بطرق إبداعية.
الاستيطان.. "منعنا تدمير الهيكل"
على الرغم من أن بينيت كان المدير العام لمجلس "يشاع" الذي يناهض القرارات الحكومية الساعية لتجميد الاستيطان، إلا أنه يتعرض لانتقادات بعد تسلم منصب رئاسة الوزراء بشأن الاستيطان.
وعن موقفه من الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، قال بينيت، أنا رجل يميني ولم أغير قيمي، واعتقد أننا منعنا تدمير الهيكل، ولو أن اليهود أظهروا قبل 2000 عام مسؤولية أكبر وكانوا أقل تظاهراً بالنقاء، وفهموا أن كثرة البر والتطرف ستحرق الهيكل، لكنا قد منعنا الكوارث منذ ذلك التاريخ.
وأضاف، آمل أن يتم تدوين سجلات الأحداث لعام 2021 أنه كان هناك أشخاص أظهروا المسؤولية والرسمية وأدركوا أن وحدة الشعب ووجود الدولة أكثر أهمية في الوقت الحالي من أي شي آخر.
يشار إلى أن حكومة بينيت تواصل بناء المستوطنات على الرغم من التنديد الدولي والغربي على وجه التحديد لذلك، ففي 27 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، صدَّق الكنيست على بناء 3144 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية.
"الحرب الباردة" مع إيران
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، لقد ورثنا إرثاً صادماً من الحكومة السابقة، إيران قامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 60% ووصلت إلى أكثر نقطة تقدماً على الإطلاق، ويجب أن ندافع عن أنفسنا بالفعل وليس بالكلمات فقط.
وأضاف، وذلك انطلاقاً من قيمي اليمينية التي تقتضي بأنه "لن يعمل أحد بدلاً مني"، في إشارة إلى إمكانية تحرك إسرائيل بمفردها ضد إيران في حال تقاعست أميركا.
وقال، نحن نغير هذه المعادلة ونعمل في جميع الأبعاد لإضعاف إيران اقتصادياً وإدارياً واجتماعياً وأمنياً.
وأشار إلى أن ارتفاع وتيرة الهجمات الإسرائيلية على سوريا ليست صدفة، وتضمنت زيادة بالكثافة والنوعية الضربة والأهداف، الأمر الذي خلق مصاعب للإيرانيين.
مفاوضات فيينا والاتفاق النووي
وحول ما الذي ستفعله إسرائيل في حال تم التوصل إلى اتفاق بين إيران والقوى العظمى في المفاوضات الجارية في فيينا، قال بينيت، إن مسار الاتفاق في فيينا خاطئ جداً، سواء كان باتفاق أو من دونه لدينا استراتيجية للعمل.
وشدد بينيت أن إسرائيل لن تكون ملزمة بالاتفاق في حال تم التوصل إليه، لأنها ليست طرفاً فيه.
وأضاف أن إسرائيل ستحتفظ بالحرية الكاملة في العمل في أي وضع. وأنا أحقق ذلك كل يوم، ليس في الأقوال فحسب بل بالأفعال أيضاً.
الاستعدادات العسكرية لمواجهة إيران
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، نعمل على تضخيم عسكري لهزيمة أعدائنا، عبر زيادة قوتنا بالصواريخ والليزر والسايبر، لخلق فجوة بيننا وبين العدو وجعل قدرته على خوض حرب ضدنا بعيدة، وإبعاد الحرب يعني الاستقرار وهذا سيحقق مزيداً من النمو في المجالات الأخرى.
وعند سؤال الصحفي الإسرائيلي الشهير بين كسبيت من صحيفة معاريف، لماذا لا نرى طائرات سلاح الجو الإسرائيلية تحلق فوق طهران في هذه الأثناء؟
أجاب بينيت، إن الصراع مع إيران يشبه الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وإن واشنطن لم تهاجم الروس، ولكنها تمكنت من تحطيم الاتحاد السوفياتي بحكمة.
وأشار إلى أنه بمجرد أن نحصل على حماية كاملة من الصواريخ والقذائف بواسطة الليزر فإن ذلك سيحبط تماماً الاستثمار الإيراني الضخم، من خلال حزب الله، لإنشاء منظومة الصواريخ والقذائف من حولنا. وفي يوم من الأيام سيتم القضاء عليها. وبحسب بينيت، المعركة في نهاية الأمر اقتصادية. اليوم يطلقون صاروخ قسام يساوي 200 دولار ونعترضها بصاروخ كلفته 100 ألف دولار، ولكن مع الليزر ستنقلب الآية سيكون هناك استثمار كبير في البداية لكن النبضة ستكون مجانية.
ورداً على اتهام نتنياهو لحكومة بينيت بأنها وافقت على عدم التصرف ضد إيران من دون الموافقة الأميركية، قال بينيت هذه كذبة!".
وأكد بينيت ما قاله رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، غادي إيزنكوت، إن إسرائيل الدولة الوحيدة التي تضرب الإيرانيين في الشرق الأوسط.
وأضاف هدفنا إخراج إيران من سوريا، وإنهم في حالة خسارة، إذا بقوا هناك فسيواصلون دفع الثمن وإذا خرجوا فهذا يعني أنهم تراجعوا.
مصير الحكومة "الهجينة"
في 13 من حزيران/يونيو 2021، أبصرت الحكومة الإسرائيلية الحالية النور، بعدما أطاح ائتلاف هجين من الأحزاب الإسرائيلية، بما فيها حزب عربي إسلامي، بحكومات نتنياهو السابقة والمتتالية التي استمرت لمدة 12 سنة.
أكد بينيت أنه سيلتزم بتنفيذ التناوب لرئاسة الحكومة، ومن المفترض في صيف العام القادم أن يسلم منصبه إلى وزير الخارجية الحالي يائير لابيد، وفقاً لوثيقة الائتلاف الحكومي التي نصت على التناوب بين الرجلين لانطلاق الحكومة الحالية.
ونصت الوثيقة على أن يكون بينيت الأول الذي يترأس الحكومة حتى سبتمبر/أيلول 2023، ثم يخلفه "لابيد" حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2025، بحسب هيئة البث الإسرائيلية.
وحول انضمام القائمة العربية الموحدة بقيادة، منصور عباس، إلى التحالف الحكومي، قال بينيت، لدينا أول زعيم عربي يعترف بإسرائيل كدولة يهودية، ويأتي ويعلن أنه يقوم بخطوة لفصل الجانب القومي عن الجانب المدني، ووعلينا أن نأمل بنجاح خط الاندماج في دولة إسرائيل.
القائمة العربية الموحدة، هي حركة إسلام سياسي في إسرائيل، أسهم انضمامها إلى الائتلاف الحكومي في اللحظات الأخيرة في إبصار حكومة بينيت-لابيد النور، لدرجة أن "الموحدة" كانت بيضة القبان.
يشار إلى أن مقابلات رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد 225 يوماً على جلوسه في المنصب مع الصحف الرئيسية، كانت تصب على ثنائية "أنا وهو"، أي نتنياهو.
والجدير ذكره، أنه لم يكن من السهل إزاحة نتنياهو (بيبي) الذي أحكم سيطرته على مفاصل الحكم في إسرائيل طوال عقدين ونصف لا سيما 12 سنة الأخيرة الذي لم يترك فيها كرسي رئاسة الوزراء إلا بعد أن وقع بينيت ولابيد ومنصور عباس وثيقة التحالف الحكومي لتشكيل الحكومة الحالية، يطلقون عليها اسم حكومة التغيير" بينما تصفها أطراف عديدة بأنها هجينة وضعيفة.