عرض مدون يهوى جمع جوازات السفر القديمة، جوازي سفر أحدهما سياسي صادر عن الجمهورية السورية عام 1957 وصاحبه كان وزير الزراعة حينذاك حامد الخوجة، والثاني جواز سفر خاص لمسؤول في وزارة المالية حينها آرتين مومجيان.
وتعود ملكية جواز السفر الدبلوماسي لوزير الزراعة الأسبق حامد الخوجة الذي ينحدر من مدينة الرقة، ويظهر على الجواز شعار العقاب الحديدي للجمهورية السورية (1945) ذي الثلاثة نجوم، من تصميم الفنان التشكيلي والدبلوماسي خالد العسلي.
وزار الخوجة معظم دول الكتلة الشرقية والاتحاد السوفيتي مثل يوغسلافيا وبلغاريا وبولندا وتشيكسلوفاكيا وألمانيا الشرقية ورومانيا، أما من الدول الغربية فزار الوزير السوري النمسا فقط.
أما جواز السفر الخاص الصادر عن الجمهورية السورية فكان لرئيس شعبة في وزارة المالية آرتين مومجيان الذي زار على عكس وزير الزراعة الدول الغربية مثل فرنسا وسويسرا وإيطاليا.
وأشار جامع الجوازات إلى أنّ جواز السفر السوري في فترة الجمهورية السورية يشبه إلى حد كبير تصميم جواز السفر الأميركي.
من هو حامد الخوجة؟
ولد حامد الخوجة عام 1904وهو ابن الحافظ إبراهيم بن محمود بن إبراهيم بن علي، الذي هاجر من مدينة أورفة التركية إلى الرقة في أواخر القرن التاسع عشر، حيث عمل معلماً في مدرستها الوحيدة، وهي المدرسة "الرشدية"، بحسب موقع esyria.
و"الخوجة" كلمة تركية تعني "الشيخ أو الأستاذ"، وهو لقب التصق بالعائلة، نتيجة عمله بتعليم أصول الدين واللغة العربية، و"آل الخوجة" رغم أنهم هاجروا من "أورفة"، إلاّ أن أصولهم تعود إلى مدينة دير الزور، من عشيرة "البو خريص"، وهي من العشائر الأساسية، ولهم مكانتهم هناك، وقد برز منهم مجموعة كبيرة من الشخصيات الكبيرة التي أثرت الحياة السياسية والاجتماعية في وادي الفرات.
ويقول الدكتور محمود النجرس: "نشأ حامد الخوجة في بيئة دينية، وقد لعبت "أورفة" دوراً كبيراً في حب أبيه للعلم والمعرفة، فهي من الحواضر التي لم تنقطع فيها الحياة، وكانت مركزاً من مراكز الإشعاع الحضاري عبر التاريخ، وعندما جاءت الأسرة إلى الرقة، كان الحافظ إبراهيم والد حامد الخوجة مديراً أو مدرساً في المدرسة الرشدية، وبقي في هذا المنصب إلى أن عٌين مفتياً خلفاً لمفتي الرقة آنذاك الشيخ عبد الرحمن الحجار، لكنه توفي قبل أن يستلم منصبه، فعُين ولده البكر محمد رشيد الخوجة بدلاً عنه، وكان إماماً وخطيباً في المسجد الحميدي".
ودرس حامد الخوجة في مدينة الرقة، وبعد أن أنهى الابتدائية أواخر عام 1920، انتقل إلى أورفة، ودرس في "المكتب السلطاني" لمدة عامين، وعاد إلى الرقة بعد انهيار حكومة الحركة الوطنية التي كان يرأسها حاجم بن مهيد، ودخول الفرنسيين إلى الرقة في عام 1922، ثم انتقل للدراسة في حلب في مدرسة "الأرض المقدسة"، وكانت مدرسة النخبة من أبناء حلب، وكان الخوجة من أوائل الطلاب في الترتيب الدراسي، يوضع اسمه في لوحة الشرف، ثم دخل "المكتب السلطاني"، وأكمل دراسته في "دار المعلمين"، وتخرّج عام 1926، حيث عاد إلى الرقة، وعمل مدرساً دون مقابل، لأنه لم يرضَ بتعيينه بشكل رسمي، لأنه كان يريد متابعة تحصيله العلمي.
وفي أواخر عام 1926 أوفد للدراسة مع مجموعة من الطلاب إلى فرنسا، بعد نجاحه في المسابقة التي أجريت لهذه الغاية، وقد تخرج في "معهد باريس" حاملاً شهادة دبلوم عليا في الحقوق، والدراسات القضائية في عام 1929.
انتسب الخوجة في عام 1936 إلى الكتلة الوطنية، وكانت تمثل التكتل الأبرز والأهم في الحياة السياسية السورية، وما بين عامي 1937 و 1943 عُين بوظيفة قائم قام لكل من الزاوية وجرابلس، وفي عام 1943 أعيد انتخابه في المجلس النيابي ثم أصبح أمين سر المجلس في عام 1946، وفي عهد هذا المجلس نالت سوريا استقلالها، كما انضمت إلى "الجامعة العربية" و"هيئة الأمم المتحدة". وفي عام 1944 انضم إلى الكتلة الدستورية البرلمانية، وقد لعبت دوراً سياسياً مؤثراً في تلك الفترة، وأوصلت مجموعة من الشخصيات إلى الوزارة.
وفي عام 1949 تم انتخاب الجمعية التأسيسية التي تحولت إلى مجلس نيابي، وفي عام 1950 اتفق مجموعة من النواب على تأسيس "الكتلة البرلمانية للأحرار الجمهوريين"، التي أصبحت تمثل بوزيرين أو أكثر في الوزارات التي تشكلت، وفي عام 1951 شغل "الخوجة" منصب وزير الأشغال العامة والمواصلات في حكومة حسن الحكيم، في عهد الرئيس "هاشم الأتاسي"، كما كُلف بتشكيل حكومة لم ترَ النور.
وبعد الإطاحة بنظام "الشيشكلي"، نجح في انتخابات المجلس النيابي، وهو الثامن منذ تأسيسه، والمجلس الخامس الذي ينجح فيه "الخوجة"، واستمرت هذه الدورة منذ عام 1954، وحتى انعقاد مجلس الأمة وتأسيس دولة الوحدة في عام 1958 وخلال تلك الفترة عين "الخوجة" وزيراً للزراعة عام 1955 في الحكومة التي ترأسها "صبري العسلي".
ولعب "الخوجة" دوراً رئيساً ومؤثراً في عمليات المفاوضات من أجل قيام الوحدة بين مصر وسوريا، وقد مُنح أرفع الأوسمة مثل "وشاح أمية" ذي الرصيعة، و"وشاح النيل" من الدرجة الأولى، تقديراً لجهوده الثمينة في قيام الوحدة بين البلدين، وفي هذه الفترة يتوقف نشاطه السياسي لأسباب خاصة، ليعاود نشاطه في عهد الانفصال.
وفي عهد الانفصال يرشح "الخوجة" نفسه للانتخابات النيابية، وينجح في هذا المجلس إلى حين قيام ثورة آذار في عام 1963، وفي هذه المرحلة يتوقف نشاطه السياسي نهائياً، ويعتزل السياسة، ويتابع أعماله الزراعية.
وتوفي حامد الخوجة عام 1996 ودُفن في مدينة الرقة.