icon
التغطية الحية

يزداد بين السوريين.. شرطة هولندا تقرع جرس الإنذار من "العنف المرتبط بالشرف"

2024.09.30 | 10:30 دمشق

آخر تحديث: 30.09.2024 | 10:50 دمشق

unsplash
يزدادا العنف المرتبط بالشرف بين السوريين في هولندا ـ موقع (unsplash)
هولندا ـ أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • الشرطة الهولندية أعلنت عن ارتفاع حالات العنف المرتبط بالشرف بين اللاجئين، مشيرة إلى أن أكثر من ربع هذه الحوادث يتعلق بالسوريين.
  • ازدياد حالات العنف المرتبط بالشرف أثار قلقاً في هولندا، حيث دعت الشرطة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لمراجعة سياسات الاندماج.
  • الأبحاث أظهرت أن الصراعات تنشأ عندما تطالب النساء السوريات بمزيد من الحرية أو الطلاق، ما يؤدي إلى تفاقم حالات العنف.
  • قضية الفتاة السورية ريان، التي قتلت على يد والدها، تصدرت الإعلام الهولندي وسلطت الضوء على مشكلة العنف المرتبط بالشرف.
  • وزارة العدل الهولندية تعتبر الزيادة في حالات العنف المرتبط بالشرف مقلقة وترى أن نقص الاندماج هو أحد أسباب تفاقم هذه الظاهرة.

ضجت وسائل الإعلام الهولندية بما كشفت عنه الشرطة الهولندية من ازدياد أعمال العنف المرتبطة بالشرف بين السوريين في البلاد، والذي ترافق مع قضية مراهقة سورية قُتلت على يد والدها الذي هرب إلى سوريا بعد ارتكابه الجريمة.  

وفي التفاصيل، كشفت الشرطة الهولندية قبل أيام عن ازدياد حوادث العنف التي تحدث بسبب ما يسمى بـ "انتهاك شرف العائلة"، مشيرة إلى أن النسبة الأكبر كانت بين أفراد الجالية السورية، وتساءلت عما إذا كان هناك اهتمام كافٍ بالعنف المرتبط بالشرف أثناء فترة الاندماج في هولندا.

ربع الحالات من السوريين

وفي العام الماضي، أبلغت الشرطة "المركز الوطني للعنف المرتبط بالشرف" عن 619 حالة وقع فيها العنف بسبب "انتهاك شرف العائلة"، فيما كان قبل عشر سنوات هناك 460 حالة عنف، وفق ما ذكرت وسائل الإعلام الهولندية.  

وفي ذلك الوقت، كانت حالات قليلة فقط تتعلق بالسوريين، في حين أن أكثر من ربع الحالات في العام الماضي كانت تتعلق باللاجئين السوريين، وبعدهم يأتي أبناء الجاليات من ذوي الخلفيات التركية والمغربية والأفغانية. 

يساعد "المركز الوطني للعنف المرتبط بالشرف" الشرطة في الحالات التي يلعب فيها "شرف العائلة" دوراً في المشاكل، ويحافظ المركز أيضاً على اتصالاته مع المنظمات الأخرى.  

ووفق ما ذكرت وسائل الإعلام الهولندية، فإن حقيقة تورط السوريين في كثير من الأحيان في "قضايا العنف بحجة الشرف" تعود إلى تدفق اللاجئين في السنوات الأخيرة، لا سيما أن عددهم وصل الآن لأكثر من 150 ألف سوري في هولندا.  

وبحسب الشرطة الهولندية، فإن ارتفاع نسبة السوريين في أعمال العنف المرتبطة بالشرف "أمر يثير القلق"، ولذلك سألت الشرطة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عما إذا كان يتم إيلاء الاهتمام الكافي للموضوع في دورات الاندماج.  

يقول ويلفريد جانمات، رئيس "المركز الوطني المعني بالعنف المرتبط بالشرف": "يجب أن يكون واضحاً للوافدين الجدد أن اختيار الشريك في هولندا هو حق للفرد"، مضيفاً: "إذا لم يحدث هذا حالياً بما فيه الكفاية، فسيتعين إيلاء المزيد من الاهتمام له".

"أسباب الخلافات"

وأظهرت الأبحاث الهولندية السابقة أن الصراعات يمكن أن تنشأ عندما تريد النساء السوريات المزيد من حرية الحركة أو الطلاق بمجرد أن يصبحن في هولندا، فيما يشعر الرجال في الوقت نفسه بفقدان "مكانتهم عندما لا يعودون هم المعيلين".  

وتضاف إلى ذلك "صدمات الحرب" التي أتوا محملين بها، كما تقول جانين يانسن، عالمة الأنثروبولوجيا الثقافية وعالمة الجريمة التابعة أيضاً للمركز الوطني. وتضيف: "إن التعرض لعنف الحرب يمكن أن يؤدي إلى مشاكل نفسية".  

بدوره، يعتبر وزير العدل الهولندي فان ويل أن الزيادة في العنف المرتبط بالشرف "أمر مثير للقلق"، ويقول: "للأسف فإن عدد الأشخاص الذين يجدون أنه من المقبول ارتكاب هذه الأنواع من الجرائم آخذ في الازدياد، وهذا له علاقة بنقص الاندماج في هولندا والطريقة التي نتعامل بها مع حرية اختيار الأفراد".  

ويضيف أنه "في بعض البلدان والثقافات والأديان، ليس من البديهي أن يتخذ الناس خياراتهم الخاصة بشأن نوع الحياة التي يعيشونها". ويردف فان ويل: "لكن علينا أن نمرر ذلك".  

وكان ما يقرب من ثلثي حالات العنف المسجلة العام الماضي تنطوي على "تهديدات" أو "إساءة معاملة"، ولكن المراقبة الدائمة والاعتداء الجنسي والزواج القسري تحدث أيضاً بشكل منتظم.  

وبحسب ما ذكرت شبكة "إن أو إس"، فإن أعنف أشكال العنف هي الجرائم بداعي الشرف وهي: "القتل لأن سمعة العائلة الطيبة قد شُوّهت ويجب استعادتها".  

وفي العام الماضي، قُتل أربعة أشخاص في هولندا لهذا السبب، وتقول يانسن: "يمكن أن يتصاعد النزاع إلى حد يؤدي إلى نتيجة قاتلة".

"قضية ريان"

كانت آخر الأمثلة المأساوية للجرائم بداعي الشرف التي ضجت بها وسائل الإعلام الهولندية هي قضية الفتاة السورية ريان، البالغة من العمر 18 عاماً، من مدينة يور، بعد أن تم العثور على جثتها في مايو الماضي بالقرب من ليليستاد. وقبل أيام، خضع شقيقاها الأكبر سناً أمام المحكمة للاشتباه في ارتكابهما جريمة قتلها.  

والد ريان مشتبه به أيضاً، لكنه هرب إلى سوريا، بحسب بعض وسائل الإعلام، وفي رسالة بالبريد الإلكتروني لصحيفة دي تليغراف، تحمّل المسؤولية وقال إنه كان "غاضباً للغاية" من ابنته. 

وبحسب تقارير إعلامية، فقد تعرضت ريان للاعتداء وأُجبرت على ارتداء الحجاب وتم اختيار شريك لها للزواج منه.  

ترى الباحثة جانين يانسن أن العنف المرتبط بالشرف يحدث في كثير من الأحيان خلال فترة البلوغ. وتقول: "الفتيات اللاتي يفقدن عذريتهن في حين أنهن غير متزوجات، أو يخترن شريكاً لا يرضى عنه الأهل، أو يكون من ديانة أو خلفية ثقافية مختلفة.. هنا يمكن أن تنشأ صراعات كبيرة".  

وبحسب الباحثة، فإنه "ليس فقط الأب، ولكن أيضاً الإخوة أو الأعمام يمكن أن يشعروا بالمسؤولية عن (الحفاظ على شرف العائلة) ويمكن أن يؤدي ذلك إلى ضغط كبير من الأقران لاتخاذ إجراءات ضد شخص ما.. والضحايا عادة ما يكونون من النساء، ولكن ليس دائماً"، مضيفة: "يمكن للرجال أيضاً أن يقعوا في مشاكل، على سبيل المثال بسبب ميولهم الجنسية أو علاقة خارج نطاق الزواج".  

وتؤكد يانسن أن العنف المرتبط بالشرف لا يقتصر على الثقافات الإسلامية: "إننا نراه أيضاً في مجموعات أخرى.. نحن في الواقع نرى هذا في العالم كله".

"حلول"

ولإيجاد حلول لهذه الظاهرة، تقول وكالة الأنباء الهولندية في تقرير لها: "يتطلب التصدي للعنف المرتبط بالشرف المعرفة.. يجب أن تعرف وتفهم السياق الثقافي وتعقيداته وحساسياته، وأن تحترمها، مع أن تكون واضحاً بشأن المعايير والحدود والقانون الجنائي لهذا العنف".  

مضيفة أن "إقامة اتصالات في مرحلة مبكرة وتوفير المعلومات وتنظيم الحوار يساعد في ذلك.. والنصيحة هي الاستعانة بأشخاص سوريين (مدربين) لهذا الغرض.. ومن المهم أيضاً أن يتمكن أشخاص مثل المستشارين الاجتماعيين للاجئين أو المدرسين من التقاط إشارات تشير إلى وجود صراع شرف (وشيك)".  

لذلك يُوصى وفق التقرير بأن "يتلقوا تدريباً منتظماً في التعرف على العنف المتعلق بالشرف والزواج القسري والهجر.. من المهم أن يعمل هؤلاء وفقاً لقانون الإبلاغ عن العنف المرتبط بالشرف.. وبدلاً من التصرف بشكل مستقل، فإن النصيحة دائماً هي استشارة خبير من منظمة بيت آمن أو الشرطة أو منظمات معنية أخرى".