في الوقت الذي يزعم فيه النظام السوري محاولته مكافحة التهريب وإيقافه، تنشط عمليات التهريب عبر خطوط بريَّة مع لبنان تشرف عليها أجهزة أمنية تابعة له تُهرب وتدخل بضائع متنوعة إلى دمشق.
وفي شهر كانون الأول الفائت دهمت جمارك النظام محال الألبسة المستعملة (البالة) بمنطقة الإطفائية في مدينة دمشق وغرمت أصحابها بمبالغ مالية وصل مجموعها إلى مليار و200 مليون ليرة سورية.
واشتكى عدد من أصحاب محال البالة بمنطقة الإطفائية التقاهم موقع تلفزيون سوريا من حملة الجمارك الأخيرة، وشبهها بعضهم "بحملة مداهمة أمنية"، إذ فجأة انتشرت العناصر وبدأت بالدخول للمحال وتعبئة البضاعة في سيارات الجمارك وسط ذهول واستغراب أغلب أصحاب المحال.
تهريب بغطاء أمني في ريف دمشق
قالت مصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا "إنَّ منطقة جبل الشيخ بريف دمشق تشهد منذ فترة قريبة حركة نشطة عبر خطوط تهريب مفتوحة مع لبنان ليلاً نهاراً.
وأضافت المصادر، أنَّ عمليات التسلّم والتسليم تحدث أمام مفارز الأمن العسكري في قرى (بيت جن -حضر -عرنة -قلعة جندل) بجبل الشيخ و"على عينك يا تاجر"، وفقاً لوصف محمد وهو (اسم مستعار) لأحد أبناء قرية بيت جن. ويقول لموقع تلفزيون سوريا "تحوي تلك البضائع المهربة كل ما يخطر في بالك، من دخان ومعسل ومشروبات وطعام وحتى الجوالات التي يفرض النظام عليها الجمركة".
ويؤكد إسماعيل فهمي وهو صاحب محل لبيع المشروبات لموقع تلفزيون سوريا أنَّ كل محتويات محله من المشروبات تأتيه عن طريق عنصر أمني يعمل في مفرزة أمنية بإحدى قرى جبل الشيخ، ويقول للموقع "أشتري منه بشكل نصف شهري مختلف أنواع المشروبات وخصوصاً الويسكي".
واستهجن عدد من سكان قرى جبل الشيخ الحدودية مع لبنان ما يحدث في منطقتهم من عمليات تهريب وتشبيح من قبل عناصر أمنية همَّها ملء جيوبها بالمال عن طريق التهريب، ويقول صاحب إحدى البقاليات وهو من مزرعة بيت جن لموقع تلفزيون سوريا "يُعرض عليّ دوما شراء بضاعة سواء كانت مواد غذائية أو غيرها بسعر أقل لكنني أرفض ذلك".
ويبرر رفضه لأسباب تتعلق بعدم ثقته بمن يبيعه من العناصر الأمنية، إذ قد يبيعه الأغراض وبعد فترة وجيزة يأتي عنصر آخر ليحقق في مصدر بضاعته وإن كانت مهربة، ويقول للموقع "أثناء حدوث أزمة الدخان المتكررة اشتريت ثلاثة كروزات دخان أجنبي من عنصر ما وفي اليوم الثاني خسرتها وخسرت ثمنها".
وتؤكد مصادر لــ موقع تلفزيون سوريا "أنَّ خطوط التهريب عبر قرى جبل الشيخ بشكل يومي وعبر عدة قرى، لكنها تنشط بكميات كبيرة في قرى (حضر -بيت جن) إضافةً إلى خطوط التهريب المشهورة والمعروفة في مناطق مضايا والزبداني وبلودان.
حملة مصادرة للبالة
بالمقابل تعرض مؤخراً أكثر من خمسين محلاً للألبسة المستعملة في منطقة الإطفائية بدمشق لحملة مصادرة وتغريم أصحابها مبلغ 35 ألف ليرة عن كل كيلو ألبسة. ونقلت وسائل إعلام محلية عن أحد الباعة أن "عناصر الجمارك طلبوا من أصحاب المحال دفع الغرامات المترتبة عليهم، وإلا فإنهم سيواجهون عقوبة السجن".
وأضاف أن إحدى الغرامات التي فُرضت على أحد محال بيع الألبسة المستعملة (البالة)، وصلت إلى أكثر من 50 مليون ليرة سورية، إضافةً إلى الملابس المصادرة، والتي رفضت الجمارك إعادتها له.
مصادرة بالة وطنية
ويقول صاحب محل (بالة) في منطقة الإطفائية بدمشق لموقع تلفزيون سوريا "إنَّ بضاعته كلها منتجة محلياً لكنها مستعملة، أي أنها بالة وطنية غير مهربة ومع ذلك فرضت عليه الغرامة". ويضيف بشرط عدم ذكر اسمه، أنَّ مداهمة الجمارك كانت تستهدف بعض المحال بعينها وذهب البقية ضحيةً بهدف التمويه من قِبل دورية الجمارك".
وفي وقتً سابق أكد رئيس "غرفة تجارة دمشق" محمد أبو الهدى اللحام "أنَّ نسبة الألبسة المهربة في منطقة الإطفائية لا تتجاوز 10 في المئة والباقي هي منتجات محلية مستعملة تباع حالياً بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة".
وتعتمد نسبة كبيرة من السكّان في مناطق سيطرة "النظام" في شراء ملابسهم على محال البالة، بسبب ارتفاع الأسعار الكبير للألبسة الجديدة، وضعف القيمة الشرائية لليرة السورية، لكنَ "النظام" وفقاً لعدد من السكان يسعى لحرمان الناس حتى من قدرتهم على شراء البالة المستعملة من خلال سطوة إحدى أدواته المتمثلة بالجمارك.