بعد سقوط النظام السوري، لم يتسلم موظفو القطاع العام حتى الآن رواتبهم الشهرية. وكانت حكومة تصريف الأعمال قد وعدت بزيادتها بنسبة 400 في المئة، على أن تطبق تلك الزيادة في شهر شباط القادم.
وبررت الإدارة السورية الجديدة التأخر بصرف رواتب العاملين لوجود أسماء وهمية بين الموظفين يتقاضون رواتب من دون دوام فعلي، إضافة إلى خلل في القوائم المالية.
وفي حين بدأت الإدارة الجديدة بصرف رواتب المتقاعدين منذ أيام، أعلن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال أن صرف رواتب موظفي القطاع العام سيتم بدءا من يوم الإثنين 6 من كانون الثاني الجاري، إلا أنّ معظم الموظفين لم يتمكنوا من قبض رواتبهم الشهرية لغاية الآن.
ما مخاوف موظفي القطاع العام في سوريا؟
جمال مصطفى وهو موظف في جهة حكومية، كان واحداً من هؤلاء الذين عانوا من جراء توقف راتبه الشهري. يقول لـ موقع تلفزيون سوريا "راتبي الحكومي هو دخلي الوحيد ومصدر عيشي رغم قلته"، مضيفاً أنه اضطر إلى الاستدانة من بقالة حارته لشراء احتياجات منزله من طعام وغيره خلال الشهر الفائت على أمل قبض راتبه قريباً.
ليس فقط انقطاع الراتب ما يؤرق جمال، إذ يخشى من موضوع إعادة هيكلة القطاع العام والتي ستشمل فصل موظفين وإيقاف رواتب متقاعدين في جيش النظام السابق وآخرين تم توظيفهم بناء على توصيات أمنية وحزبية من حزب "البعث".
جمال ليس الوحيد الذي يعاني من أزمة توقف الرواتب التي باتت تهدد مليون و250 ألف موظف في الدوائر الحكومية وسط تخوف كثيرين منهم من عملية إعادة الهيكلة التي قد تخرجهم خارج الوظيفة العامة في ظل وضع اقتصادي متردي إضافةً إلى صعوبة إيجاد عمل بديل في الوقت الراهن.
وفي حين تصل قيمة الرواتب الشهرية إلى 1.65 تريليون ليرة سورية، وفق تصريحات وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال محمد أبازيد، يعادل الراتب الشهري للموظف حوالي 20 دولار، لكنه يحتاج كحد أدنى لأكثر من 200 دولار لتغطية احتياجاته.
تسليم الرواتب بالعملة القديمة
وفي السياق، قال عدد من المتقاعدين لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ مصارف بدمشق تشترط عليهم استلام رواتبهم الشهرية بالعملات القديمة من فئة الألف ليرة في ظل تعطل معظم الصرافات وخروجها عن الخدمة وصعوبة استلام الرواتب منها نظراً لكثافة الطوابير.
وكان مصرف سوريا المركزي قد عمم على جميع المؤسسات المالية، توجيه الموظفين في الدوائر الحكومية لتحميل تطبيق إلكتروني "شام كاش" من أجل تسلّم رواتبهم الشهرية.
وتتوقع الإدارة السورية الجديدة استرداد ما يصل إلى 400 مليون دولار من الأصول السورية المجمدة في الخارج، والتي يمكن أن تشارك في تمويل النفقات الحكومية الأولية ومنها زيادة الرواتب بنسبة 400 في المئة.
في المقابل، يشير خبراء اقتصاد إلى أن الزيادة القادمة لن تكون كافية لسد احتياجات ملايين السوريين الذين يقبعون تحت خط الفقر. إذ تقدّر الأمم المتحدة أن 17 مليون سوري، بينهم 5.5 ملايين نازح داخل البلاد، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية هذا العام، في مقابل 15.3 مليونا احتاجوا لهذه المساعدات في العام 2023.
إلى ذلك، أكد وزير المالية أبازيد لـ وكالة "سانا" أن كل المتقاعدين العسكريين قبل عام 2011 سيحصلون على رواتبهم كاملة بعد تدقيق القوائم المالية الأسمية لهم، أما العسكريون العاملون والمتقاعدون بعد عام 2011 فسيتم عرض أسمائهم على لجان حقوقية قانونية لدراستها بقصد تحديد معايير بخصوص التعامل مع رواتبهم والكتلة المالية الخاصة بهم.
قطر تخطط للمساعدة في تمويل الرواتب
أفادت وكالة "رويترز" أن قطر تعتزم المساعدة في تمويل زيادة رواتب وأجور القطاع العام الحكومي في سوريا، وذلك عقب الإعفاءات من العقوبات التي أصدرت الولايات المتحدة الأميركية.
ونقلت الوكالة عن مسؤول أميركي ودبلوماسي كبير قولهما إن قطر تخطط للمساعدة في تمويل زيادة ضخمة في أجور القطاع العام وعدت بها الحكومة السورية الجديدة في مساعدة حيوية للحكام الجدد في دمشق.
وذكرت "رويترز" أن دعم الإدارة السورية الجديدة أصبح ممكناً بفضل الإعفاء من العقوبات الأميركية الذي أصدرته واشنطن، يوم الإثنين، والذي يسمح بالتعامل مع المؤسسات الحاكمة في سوريا لمدة ستة أشهر.
وأوضح مسؤول عربي أن المحادثات بشأن تمويل قطر لرواتب الحكومة السورية جارية ولم يتم الانتهاء من شيء بعد، مضيفاً أن دولاً أخرى، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، قد تنضم إلى هذه الجهود,