شهدت السياسة التركية هذا الأسبوع رسائل وتصريحات متتالية من عدة أحزاب سياسية، نوقشت بشكل مكثف وتم تفسيرها من قبل بعض الأوساط على أنها تظهر تصدعات داخل التحالف الحاكم "تحالف الشعب".
وكان التركيز على بيان مكتوب يشبه المذكرة أصدره زعيم حزب الحركة القومية (MHP) دولت بهتشلي يوم الأربعاء، وذلك بعد أن التقى الرئيس رجب طيب أردوغان يوم الثلاثاء بزعيم حزب الشعب الجمهوري (CHP) المعارض الرئيسي أوزغور أوزال وزوجة القومي المقتول سنان آتيش في نفس اليوم.
في انتخابات 31 آذار المحلية، انخفض عدد البلديات التي فاز بها حزب العدالة والتنمية من 39 إلى 24. وزاد عدد رؤساء البلديات الكبرى والإقليمية التي فاز بها حزب الشعب الجمهوري من 21 إلى 35.
وفي الوقت نفسه، انخفض عدد بلديات حزب الحركة القومية من 11 إلى 8، مما يعني أن البلديات التي فاز بها تحالف الشعب تراجعت وراء تلك التي فاز بها حزب الشعب الجمهوري.
وقال بهتشلي في البيان: "يمكن ملاحظة أن معادلة جديدة ذات متغيرات متعددة يتم محاولة إقامتها بناءً على بحث عن تطبيع بين الأحزاب السياسية".
وأضاف: "نظراً لأن مجموعة غير راضية داخل حزب العدالة والتنمية تثير المشاكل باستمرار، فإن أصدق رغبات حزب الحركة القومية هي أن يتم إنشاء تحالف واسع النطاق بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري، مدعوماً بعناصر أخرى من الطاولة المكونة من ستة أحزاب".
في نفس اليوم، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر جيليك إن أردوغان وأوزال ناقشا صياغة دستور جديد، والاقتصاد، والتعاون في السياسة الخارجية، وتعيين أمناء في البلديات، من بين قضايا أخرى.
وأكد جيليك أن "تحالف الشعب، الذي تم تشكيله لحماية بلدنا من التهديدات ونقله إلى المستقبل بشكل قوي، يواصل طريقه بشكل حاسم".
اغتيال أتيش ولقاء زوجته
وترجم موقع (Daily Sabah) في مقال نشرها على موقعه، هذا التوتر وتصريحات بهتشلي الأخيرة كإجابة على محاولات التخلي عن حزب الحركة القومية من التحالف وهدف حزب العدالة والتنمية في مواصلة طريقه بشكل مستقل.
ومن القضايا الأخرى التي أشعلت جدلاً ساخناً على التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي كانت مشاركة بهتشلي صورة على تويتر تظهر يده بخاتم كتب عليه "حسبنا الله" على ملف بينما كان أردوغان يجري اجتماعاته.
ومن المحتمل أن تكون الصورة رداً من بهتشلي ليس ضد اجتماع حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري والتطبيع، بل بسبب لقاء أردوغان بزوجة آتيش. وقال بهتشلي: "رئيسنا المحترم يمكنه بالطبع لقاء الجميع والاستماع إلى الجميع. لا نمانع".
ويأتي هذا التوتر في وقت حاسم حيث ستعقد أول جلسة استماع في قضية القتل في أنقرة في الأول من تموز.
وقال بهتشلي مشيراً إلى زوجة آتيش: "إن تشويه سمعة الحركة القومية-الإيديولوجية من خلال قضية قتل أعد لها لائحة اتهام، والتلميع المستمر لبعض الأسماء وتداولها من باب إلى باب، ومن شاشة إلى شاشة، هو محاولة لتسميم جو السلم الداخلي والطمأنينة بدلاً من البحث عن الحقوق والقانون".
وقُتل آتيش، 38 عاماً، في كانون الأول 2022 بالعاصمة أنقرة، حيث جاء بذلك بعد عامين من انتهاء فترته كرئيس لـ"أولكو أوجاكلاري"، وهي مؤسسة مؤثرة مرتبطة بحزب الحركة القومية.
واتهمت عائشة آتيش في مقابلة تلفزيونية الشهر الماضي أعضاء غير مسمين من "أولكو أوجاكلاري" وحزب الحركة القومية بالتورط في القتل، بينما زعمت الأحزاب المعارضة أن القتل كان بدوافع سياسية.
تحالف مستمر.. ولكن!
وأشار بهتشلي في النهاية إلى أن التزام حزب الحركة القومية بتحالف الشعب سيستمر: "علاوة على ذلك، من المستحيل بالنسبة لنا التراجع عن تحالف الشعب، أو التخلي عنه أو التخلي عن مبادئه وأهدافه. يجب أن يعرف الجميع جيداً أننا سنقف بجانب رئيسنا السيد رجب طيب أردوغان، مهما كانت الظروف، وأننا بالتأكيد لن نتركه وحيداً".
وفي حين يمكن تفسير هذه العبارات على أنها تعبير عن أن لا شيء خاطئ داخل التحالف، يمكن أيضاً اعتبارها كلمات لوم تهدف إلى تحميل مسؤولية انهيار التحالف لأردوغان.
من الواضح أن بعض العمليات، بما في ذلك حادثة أيهان بورا كابلان، والتطبيع بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري، وكذلك ملف سنان آتيش، قد تسببت في احتكاك داخل التحالف وكذلك داخل بعض دوائر الحزبين.
ويرى الموقع في مقالته أن التحالف سيستمر، كما صرح كل من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، إلا أن التصريحات والرسائل والصور الأخيرة لديها القدرة على زيادة حدة السياسة التركية في الأسابيع المقبلة.