كشفت مصادر مطلعة لموقع تلفزيون سوريا عن الطرق التي يقوم بها حزب الاتحاد الديمقراطي PYD (الجناح السوري لحزب العمال الكُردستاني)، بخطف الأطفال والقاصرات والقصّر في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في سوريا، وزجّهم في معسكرات تابعة لـ "وحدات حماية الشعب" YPG، أو "وحدات حماية المرأة" YPJ، أو إرسالهم إلى معسكرات حزب العمال الكُردستاني في جبال قنديل ومؤخراً في شنكال شمالي العراق.
أساليب الخطف القديمة
وقالت مصادر مقربة من حزب الاتحاد الديمقراطي، طلبت عدم الكشف عن اسمها لحساسية القضية، بأنّ PYD يغيّر من خطط وآليات خطف الأطفال والقصّر بين الحين والآخر، ففي بداية تسلّمه مناطق سيطرته من النظام وخلال الأعوام الأولى ما بين 2012 و 2014، قاموا بخطفهم عن طريق المحطات الحزبية، والتواصل مع أقرباء أنصارهم، والزيارات المتكررة للعوائل الفقيرة وفي القرى والأحياء الشعبية النائية، لزرع مفاهيم حزب العمال الكُردستاني أو ما يسمّى بـ "فلسفة" زعيمهم عبد الله أوجلان، والضرب على الوتر القومي وإقناعهم بأنهم يعملون على رصّ الصفوف لـ "تحرير كُردستان".
أما في السنوات الأخيرة فرفع الحزب يافطة "أخوة الشعوب" ومفهوم "الأمة الديمقراطية"، كما شكلوا لجاناً مدرّبة من أطفال وقصّر من طلاب المدارس، ويرافقهم كوادر من PKK، لتقديم الإغراءات من سلاح ومال وجنس، لخطفهم.
الأساليب الحديثة.. أوجه ناعمة للتجنيد والخطف
وبحسب تلك المصادر فإن وسائل الخطف تغيرت كلياً، حيث قاموا مؤخراً بفتح مراكز ترفيهية، ومراكز تدريب رياضية، ومراكز لتعليم الموسيقا، ومراكز لتقديم دورات للشهادتين الثانوية والإعدادية لمناهج النظام، ومن خلالها ينفرد كوادر حزب العمال بهم لزرع أفكار حزبهم وتقديم الإغراءات لنقلهم فيما بعد إلى معسكراتٍ تابعة لهم في سوريا أو العراق بعد إخضاعهم لدورات مكثفة تتعلق بمفاهيم الحزب و"لغة الدم والسلاح"، كما وصفها أحد المصادر.
وسلّطت المصادر الضوء على منطقة رميلان النفطية، وبالتحديد ضمن مساكن موظفيها، فقد قاموا بفتح مركز رياضي ترفيهي لتعليم الأطفال كيفية تسلق الجدران المرتفعة عن طريق شبكة عنكبوتية تمّ تصنيعها من الحبال، فقد أكّد مصدر أنهم استطاعوا في بداية شهر آب الجاري خطف طفلين، وإقناع ذويهم بأنهم بصدد إرسالهم إلى دورة رياضية في إقليم كردستان العراق.
واتخذت الكوادر أيضاً من المدارس والجامعات التي تدرّس بمناهج الإدارة الذاتية ومراكز التجنيد الإجباري (الدفاع الذاتي)، مصادر لخطف الأطفال والقصّر وحتى إغراء الشباب.
من هم القائمون على عمليات الخطف؟
كشف ذوو الأطفال والقصّر الذين اختُطِفوا، في مناطق سيطرة قسد، أنّ هناك العديد من التنظيمات التي تقوم بتلك العمليات، منها التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي كالـ : الكومين (لجان الأحياء) – منظمات نسائية أو شبابية – المحطات الحزبية، والأخرى التي تتلقى أوامرها وتعليماتها من قيادة حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل كتنظيم "شبيبة الثورة" والمعروفة بجوانن شورشكَر، والمعروفة بأعمالها التخريبية، كحرق مقار الأحزاب الكردية المنضوية ضمن إطار المجلس الوطني الكُردي، ومعظم عمليات الخطف التي تقوم بها بحق الأطفال والقصّر، ليتمّ إرسالهم إلى جبال قنديل ومنطقة شنكال في شمالي العراق.
تنظيم شبيبة الثورة (جوانن شورشكَر)
أنشأ حزب العمال الكُردستاني في بداية إعلانه في السبعينيات من القرن الماضي، العديد من التنظيمات وفي مقدمتها الشبابية والنسائية، ومن بينها تنظيم شبيبة الثورة، والذي كان له دور كبير في عمليات الاغتيال في المناطق الكردية من تركيا، وأيضاً في سوريا.
ومنذ تسلّم حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني)، وضع كامل قواه وبمساعدة هذا التنظيم وتقديم الإغراءات لتوسيع قاعدة منتسبيه في جميع مناطق سيطرة قسد.
وبحسب مصادر من ضمن المجلس الوطني الكُردي، فإنّ هذا التنظيم قام بحرق معظم مقارّه وخطف العديد من أعضائه، كما قام بحرق عدة مراكز تدريب لتدريس مناهج النظام في مدينة القامشلي ومن بينها معهد الرسالة.
وتميّز هذا التنظيم بأنه فوق أي "قانون" أصدرته الإدارة الذاتية، ولا يستطيع أي عنصر من الجهات الأمنية اعتقال أو حتى الحديث مع أعضاء هذا التنظيم، ففي عام 2016 قاموا بحرق مقر الحزب الديمقراطي الكُردستاني و"يكيتي" أمام أعين الأسايش من دون أن يحرك الأخيرون ساكناً، كما قاموا بمهاجمة مظاهرة للمجلس في 5/12/2016 في حي ميسلون للمطالَبة بالإفراج عن معتقليهم في سجون قسد أمام أعين جميع الجهات الأمنية للإدارة الذاتية، من دون أن يقوموا حتى بإبعادهم، وعلى إثره فقدت إحدى النسوة جنينها بسبب الضرب الذي تعرّضت له من قبل عناصر "الشبيبة".
اتفاق "قسد" مع الأمم المتحدة لمنع تجنيد الأطفال حبر على ورق
وقّعت قسد في 29/6/2018 اتفاقية مع الأمم المتحدة، لحماية الأطفال وإنهاء تجنيدهم دون سن الثامنة عشرة في المناطق الخاضعة لسيطرتها في شمال شرقي سوريا.
وقالت الأمم المتحدة في بيان، إنّ الاتفاقية تلزم قسد والفصائل التابعة لها بمنع تجنيد الأطفال واستخدامهم كمقاتلين دون سن 18، والكشف عن الأطفال من الذكور والإناث المجندين في صفوفها حالياً وإخلاء سبيلهم، ووضع تدابير وقائية وتأديبية فيما يتعلّق بتجنيد الأطفال واستخدامهم.
كما صرّحت قسد عبر متحدثها الإعلامي، أنه وقع على الاتفاق مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية، في مقر الأمم المتحدة في جنيف، وشاركت في التوقيع على الاتفاق نوروز أحمد عضو القيادة العامة لـقسد ووحدات حماية المرأة، وعبد حامد المهباش، الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية.
وبحسب المصادر فإنّ إنشاء "قسد" مكتباً لـ"حماية الطفل في النزاعات المسلّحة" ليس أكثر مِن غطاءٍ قانوني لدحض الاتهامات والدعاوى التي تزايدت ضد "قسد" فيما يتعلّق بتجنيدها للأطفال.
ويتزامن تجنيد "قسد" للأطفال - وفق المصادر - مع "تسويقها إعلامياً" مسألة مكافحتها عمالة الأطفال وتسليم القاصرين - الذين كانوا يرغبون في الانضمام إليها - إلى ذويهم.
البنتاغون: "قسد" تواصل تجنيد الأطفال قسراً
أفادت دائرة التفتيش العامة في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، في تقرير صدر في آب من العام الفائت بأن "قسد" تواصل تجنيد الأطفال في سوريا من خلال اختطافهم.
ولفت التقرير إلى مواصلة قوات "قسد" اعتقال الأطفال من مخيمات اللاجئين في شمال شرقي سوريا وتجنيدهم، وبأن القوات لم تفِ بالتزاماتها تجاه المنظمات الدولية بعدم تجنيد الأطفال.
اعتصامات ذوي المخطوفين
أفادت مصادر محلية باعتصام ذوي القاصر أحمد رمو في الـ 16 من الشهر الجاري أمام مركز شبيبة الثورة (جوانن شورشكر) في الحي الغربي بمدينة القامشلي، للمطالبة بإعادة ابنهم القاصر البالغ من العمر 15 عاماً، وقامت الأسايش بتطويق تلك المنطقة ومنعت جميع وسائل الإعلام من تغطية الحدث، واعتقلت شاباً حاول تصوير الاعتصام من موبايله.
يُذكر بأنّ الاعتصام الأخير ليس الأول من نوعه، فقد اعتصم ذوو القاصرة روان عمران عليكو في مدينة عامودا أمام مركز وحدات حماية المرأة، لإعادتها في منتصف عام 2020 ولهذه اللحظة لا يزال مصيرها مجهولاً، وغيرهم من أولياء الأمور الذين ناشدوا المنظمات الحقوقية والمعنية لحماية الطفل والضغط على قسد للكفّ والحدّ من هذه العمليات.
وفي نيسان الفائت أصدرت عائلتان كبيرتان من محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، بيانات تدين اختطاف قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، للمدنيين والقاصرين وتجنيدهم إجبارياً في صفوفها.
وأصدرت عائلة "عليكو"، بياناً السبت، بعد مرور ستة أشهر على اختطاف ابنتهم وعلى الوعود بإعادتها إلى البيت من قبل "مكتب الطفولة" التابع لـ قسد.