icon
التغطية الحية

وادي المنفى.. عندما يصبح التكيف مع ظروف الحرب شأناً يخص النساء

2024.07.05 | 19:14 دمشق

بطلتا الفيلم نور إلى اليسار وريما إلى اليمين في لقطة ثابتة
بطلتا الفيلم نور إلى اليسار وريما إلى اليمين في لقطة ثابتة
Original CIN - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في فيلم وادي المنفى، ركزت المؤلفة والمخرجة آنا فهر على مجموعة من النساء لترسم صورة أكبر للاحتياجات المنزلية وقت الحرب.

تدور أحداث الفيلم في عام 2013، خلال السنوات الأولى من الحرب السورية، ويسرد قصة شقيقتين وهما نور (التي تمثل دورها حلا حسني)، وريما (التي تمثلها ماريا حسان)، واللتين سافرتا إلى لبنان هرباً من الحرب الدائرة في بلدهما.

كانت الأخت الكبرى ريما حاملاً بطفلها الأول وتنتظر التحاق زوجها بهما في لبنان، أما نور فما تزال مراهقة وأكثر ما يشغلها هو البحث عن شقيقها المفقود، فقد تفرقت الأسرة بما أن الأبوين قد توفيا خلال الحرب على ما يبدو، ولهذا أصبحت الشقيقتان قريبتين من بعضهما كثيراً، غير أن الفروق العمرية بين جيل الأولى والثانية واضحة بينهما وضوح الشمس، بما أن نور يافعة وطائشة ومستعدة لخوض المخاطر، بينما تظهر ريما بشخصية تقليدية.

تبدأ القصة بوصول الشقيقتين إلى منطقة سهل البقاع بلبنان، حيث تنزلان من حافلة بعد رحلة شاقة في منتصف مكان مقفر، إلا أن زوج ريما دبر لهما مكاناً لتعيشا فيه، وبما أن المكان لم يناسبهما، لذا أصبحتا وحدهما بعيدتين عن بلدهما ولا يتوفر بين أيديهما سوى مبلغ محدود من المال.

العيش في المخيم

بعد ذلك تعثر نور على مكان يؤويهما برفقة عجوز فلسطينية اسمها هيفاء (تؤدي دورها الأردنية نجوى قندقجي)، وابنة شقيقتها شيرين (والتي تمثل دورها جوي حلاق)، وذلك في أحد مخيمات اللاجئين. في البداية تخشى ريما من فكرة الإقامة في مكان كهذا، إلا أن هيفاء حولت المكان إلى بيت حقيقي داخل مدينة تتناثر فيها الخيام، ولذلك تستقر الفتاتان عندها في نهاية الأمر.

تبدو شيرين مستاءة من مشاركة الخيمة مع ريما ونور في بداية الأمر، ولكن بمجرد أن تلعب نور دور الوسيط وهي تحمل رسائل إلى شيرين من حبيبها العسكري (الذي يمثل دوره ساجد عمرو)، تصبح الفتاتان صديقتين.

تقرر ريما البحث عن عمل، فتختار التدريس، لكن أخريات يخبرنها بأن تنظيف البيوت أفضل بالنسبة لها، ولهذا تخرج للعمل في تنظيف بيت مهندس لبناني اسمه خالد (ويمثل دوره ميشال حوراني) وهو أرمل يعيش وحده.

صراع بين الماضي والمستقبل

في تلك الأثناء، تقوم نور بمغامرات خطرة في الريف القريب من المخيم بحثاً عن شقيقها الذي تعتقد أنه فر من سوريا بصحبة ثلة من الثوار، بعد ذلك ينشب نزاع بينها وبين ريما لأن ريما تقرر أن تمضي قدماً وأن تؤسس حياة جديدة في لبنان، في حين تحن نور إلى سوريا وترفض أي فرصة جديدة للعيش.

ومع استمرار المأساة في نهش حياتهما، يتعين على الشقيقتين تحديد ولائهما لأي بلد ولأي جهة ولأي حلم.

يقدم وادي المنفى قصة شخصية جداً تعرض بوتيرة بطيئة لذا بوسعك أن تراقب كل التفاصيل التي تلخص التكلفة الرهيبة للنزاع وتربطها بالسياق الإنساني. وفي الوقت الذي يحتفي الفيلم بقدرة المرأة على الصمود، يرصد أيضاً فكرة تفكك الأسرة بشكل تدريجي ومؤلم مع تغير الأمور المعهودة.

أسئلة وجودية

خلال مرحلة من مراحل القصة، تشاهد الفتاتان تقريراً إخبارياً على قناة تلفزيونية حول القتال في مدينتهما حمص التي شهدت حصاراً امتد لثلاث سنين، ويتحدث هذا التقرير عن الأزمة الإنسانية التي ظهرت في حمص عقب 500 يوم من الحرب، وتظهر الصور فيه مدينة استحالت ركاماً بسبب القصف، وتدميراً متعمداً للمنازل ولأحياء بكاملها، وعلى الرغم من أن التقرير مدته لحظات، تبقى فكرة النزوح والتشرد الطاغية عليه طاحنة ومهولة، بما أنه لم يتبق أي شيء من تلك المدينة.

إذن، أين هو الوطن؟ ولأي بلد تنتمي تلك النسوة؟ وكيف سيرجعن إلى بلدهن؟ وكيف سيواصلن حياتهن؟

يذكر أن المخرجة قدمت أفلاماً عديدة عن القضية السورية مثل فيلم "أمهات سوريات مهاجرات"، وفيلم: "حياتي في عالم النسيان"، وكلها تركز على النساء اللواتي يحاولن التأقلم مع الغربة والنزوح والمأساة الإنسانية المترتبة على الحرب في سوريا.

المصدر: Original CIN