تصاعدت الانتقادات خلال الفترة الماضية في هولندا من قبل شخصيات هولندية معروفة إزاء سياسة المعايير المزدوجة تجاه اللاجئين، بعد أن فتحت هولندا وأوروبا أذرعها لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين مقدمة لهم كل التسهيلات في الإقامة والعمل، في حين أغلقت القارة العجوز أبوابها خلال السنوات الماضية في وجه اللاجئين السوريين وغيرهم من القادمين من الدول التي تشهد حروبا.
"فضيحة لهذا البلد"
انتقد عمدة مدينة نايميخين الهولندية، هوبير برلس، ما اعتبرها "ازدواجية المعايير" التي مارستها الحكومة الهولندية والهولنديون إزاء اللاجئين، وقال برلس في برنامج "دي ويك فان خيلديرلاند" التلفزيوني "هذه فضيحة لهذا البلد. أنا غاضب جداً من ذلك".
واعتبر برلس أنه "من غير المفهوم مدى عدم الرغبة في استقبال اللاجئين في السنوات الأخيرة خاصة إذا قارنت ذلك بالوضع الحالي فيما يتعلق باستقبال الأوكرانيين".
وأضاف "لم أر المبادرات الموجودة الآن، بما في ذلك من قبل المواطنين الهولنديين، عندما كان يجب استقبال الأفغان، أين كانت المبادرات عندما جاء السوريون؟".
وأشار برلس إلى أن الحكومة والمواطنين يقدمون أداءً عالياً إزاء استقبال الأوكرانيين، لكن هذا كان مختلفاً في السنوات الأخيرة في الاستقبال المنتظم، مشيراً إلى أن " بعض البلديات في هولندا لم تستقبل أفغانياً ولا سورياً ولا لاجئاً منذ سنوات، هذا في الحقيقة فضيحة". على حد قوله.
وأضاف "بصرف النظر عن المبادرات الخاصة، لقد أنجزنا كبلديات 44000 مكان استقبال ولم يتم ملء 10000 منها. لماذا لا يملأ اللاجئون النظاميون تلك الأماكن البالغ عددها 10000؟ إذا كان بإمكاننا تقديم ذلك، فبإمكان البلديات الأخرى أيضاً، أليس كذلك؟".
"باحثون عن الثروة" و "طاعون لاجئين"!
من جانبه، انتقد الممثل الهولندي من أصول مغربية، نصر الدين دشار "ازدواجية المعايير" تجاه اللاجئين في هولندا، وأوضح أنه يتم حالياً احتضان اللاجئين الأوكرانيين في حين يتم تجاهل اللاجئين العرب أو الأفارقة.
واعتبر الممثل الهولندي أن تلك المعاملة غير متساوية للاجئين في هولندا، مضيفاً: نحن "رحماء" مع اللاجئين الأوكرانيين.
وأعرب عن اعتقاده أنه من "الرائع أن يستقبل الهولنديون اللاجئين الأوكرانيين"، لكن من ناحية أخرى، كما يقول، يُصنف اللاجئون الأفارقة أو العرب على أنهم "باحثون عن الثروة" أو "طاعون لاجئين"!.
وأضاف " أعلم بالفعل أننا نعيش في بلد لا يتساوى فيه الجميع.. لكنني أجد أنه من المقزز أن المعايير المزدوجة تكشف عن نفسها الآن بوضوح بهذه الحرب الرهيبة".
وعلق كثير من الهولنديين على تدوينة دشار بالقول "هذا يزعجني أيضاً"، و "من الجيد أن تقول هذا"، كما استشهدوا أيضاً باللاجئين من سوريا أو مخيمات اللاجئين بالقرب في موريا في اليونان.
"أمر مؤلم"
بدوره، تحدث موقع RTL nieuws في تقرير له عن سياسة الأذرع المفتوحة في هولندا لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين وازدواجية المعايير ونقل عن مواطنين هولنديين وصفهم للاهتمام بالأوكرانيين أكثر من اللاجئين الآخرين بأنه "أمر مؤلم".
ونقل الموقع عن مجموعة من المدونين الهولنديين آراءهم بهذه السياسة.
وكتبت كارلا بسخرية على تويتر "لماذا نحن لسنا عنصريين؟ نرحب باللاجئين من أوكرانيا بأذرع مفتوحة بشرط أن يكونوا أوروبيين"، مضيفة "اللاجئون من إفريقيا وسوريا، الذين عانوا من نفس المصير - حتى لو أرادوا الفرار من أوكرانيا - نبقيهم في الخارج. إذا لزم الأمر، سنتركهم يغرقون".
بدورها تتساءل إيما "هل الحماسة لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين كبيرة جداً لأنهم يأتون مع ضمان أنهم من البيض؟".
في حين علقت إليزابيث أيضًا قائلة: "الاختلاف مع اللاجئين السوريين على سبيل المثال والآن اللاجئين من أوكرانيا أمر مؤلم. يجب أن يتلقى جميع الفارين من الحرب نفس المعاملة، بغض النظر عن اللون أو الأصل".
وكانت صحيفة "هارت فان نيدرلاند" نقلت عن دراسة هولندية لوكالة الأبحاث "Motivaction" أن الهولنديين في كل أرجاء هولندا أعربوا عن رغبتهم في مساعدة الأوكرانيين الهاربين من الحرب في بلادهم، لكن عندما طرق نظراؤهم السوريون أبواب هولندا بسبب الحرب هناك، كان رد الفعل "أقل دفئاً".
وأظهر استطلاع أن ثلثي الهولنديين أي نحو ستة وستين في المئة إيجابيون بشأن استقبال اللاجئين الأوكرانيين في هولندا، وأن ما يصل إلى ثمانية وسبعين في المئة من المستجيبين يعتقدون أن اللاجئين الأوكرانيين يستحقون الحماية ويعتبرونهم "شجعاناً".
لكن الاستطلاع أظهر أن واحداً من كل ثلاثة هولنديين لديه موقف إيجابي تجاه استقبال اللاجئين السوريين الذين فروا أيضاً من حرب أكثر شراسة شنها على السوريين نظام الأسد بدعم من روسيا وإيران.
وخلال الأسابيع الماضية، وصل عدد كبير من اللاجئين الأوكرانيين إلى هولندا بعد أن شنت روسيا حرباً على أوكرانيا بذريعة نزع سلاحها ومنعها من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وعلى مدار السنوات العشر الأخيرة وصل عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى هولندا هرباً من الحرب التي شنها نظام الأسد على المدن الثائرة ضد حكمه والتي أسفرت عن سقوط عشرات آلاف القتلى من السوريين.
وقبل أشهر، أغلقت بولندا حدودها مع بيلاروسيا لمنع طالبي اللجوء السوريين والأفغان والعراقيين من دخول الاتحاد الأوروبي، في حين فتح الأخير أبوابه للأوكرانيين وقدّم لهم كل التسهيلات اللازمة.