وصل عدد طالبي اللجوء إلى هولندا خلال الربع الثاني من العام الجاري إلى أكثر من 7 آلاف لاجئ أغلبهم من سوريا، في حين ما زال طالبو اللجوء الذين وصلوا قبلهم يعانون من طول فترات الانتظار للحصول على تصاريح الإقامة الأمر الذي دفع العديد منهم إلى الاحتجاج والإضراب عن الطعام بسبب سوء المعاملة، ويأتي ذلك بينما استبق "اليمين المتطرف" الانتخابات القادمة في هولندا بالهجوم على اللاجئين ونشر "الأكاذيب" عنهم داعياً لتطبيق السيناريو البلجيكي بالتعامل مع أزمة اللجوء.
زيادة طلبات اللجوء في هولندا
وذكر تقرير المكتب المركزي للإحصاء (CBS) أن 7920 شخصاً تقدموا بطلبات لجوء في هولندا لأول مرة في الربع الثاني من العام الجاري، وهذا يزيد بنسبة 15 في المئة عن الربع الأول و8 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفي نيسان وأيار وحزيران من العام الماضي قدم 7330 شخصاً طلب اللجوء.
وعلى الرغم من أن CBS لا تحقق في أسباب زيادة طالبي اللجوء، يعتقد مكتب الإحصاء الهولندي أن الاضطرابات في بلدان المنشأ هي السبب الرئيسي للزيادة.
وشكل السوريون على وجه الخصوص أغلبية طالبي اللجوء (53 في المئة) مقارنة بالربع الأول، وكذلك الإريتيريون (33 في المئة).
ويقول لوك هوفيوس الباحث في "سي بي إس": "لسوء الحظ العالم مكان مضطرب، وينعكس ذلك في طلبات اللجوء"، مضيفاً "عامل آخر هو أن هولندا بها عدد كبير نسبياً من السكان السوريين"، وبحسب وسائل إعلام هولندية فإن ذلك يدفع السوريين الآخرين للتفكير بهولندا عندما يفرون من وطنهم.
وحذر وزير الدولة في شؤون الهجرة واللجوء المنتهية ولايته إريك فان دير بورغ قبل أسبوعين من أن مركز طلبات اللجوء في تير أبيل يهدد بأن يصبح ممتلئاً مرة أخرى هذا الصيف.
وبحسب وسائل الإعلام الهولندية في ذلك الوقت كان المركز الذي يضم ألفي سرير يتسع لـ 150 إلى 250 شخصاً جديداً كل يوم.
ويتم تلقي المزيد من طلبات اللجوء الأولية في الأشهر الأكثر دفئاً مقارنة بأشهر الشتاء، وقال فان دير بورغ إنه يتوقع بلوغ الذروة في آب.
وإضافة إلى طالبي اللجوء الجدد وصل في الربع الثاني من العام الجاري 2630 شخصاً إلى هولندا في إطار لم الشمل، وجاء أكثر من ثلثيهم من سوريا، وفقاً لتقرير المكتب المركزي للإحصاء (CBS) استنادًا إلى أحدث الأرقام من دائرة الهجرة والجنسية (IND).
وبحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الهولندية فإن عدد ما يسمى أفراد الأسرة القادمين في إطار لم الشمل أقل مما كان عليه قبل عام في الفترة نفسها، عندما جاء 3170 شخصاً إلى هولندا مقارنة بالأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وفي الربع الأول من العام الجاري، جاء 1900 شخص إلى هولندا عبر لم الشمل.
سوريون يتظاهرون ويضربون عن الطعام
إلى ذلك تستمر معاناة آلاف طالبي اللجوء خصوصاً السوريين بسبب فترات الانتظار الطويلة للحصول على تصاريح إقامة.
وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام هولندية فقد تظاهر قبل أيام نحو أربعين من طالبي اللجوء من ملجأ الأزمات الطارئة في بلدة بيتين لتحسين ظروفهم المعيشية.
وذكرت صحيفة "نوردهولاند داخبلاد" أن طالبي اللجوء يشعرون بأن السلطات لا تستمع لمشكلاتهم حيث إنه لا يُسمح لهم بالعمل ولا يملكون المال، كما عبروا وفق الصحيفة عن استيائهم من طول فترات الانتظار للحصول على الإقامة لبدء حياتهم الجديدة.
ومؤخراً قامت مجموعة من طالبي اللجوء في ملجأ الأزمات في بورميرند أيضاً بالإضراب عن الطعام بسبب عدم الرضا عن تعامل السلطات معهم، وقال طالب اللجوء السوري محمد م، هو أحد المضربين عن الطعام إنهم يريدون أن يتم الاعتراف بهم كلاجئين بسرعة، لكي يستطيعوا الحصول على "إعانة اجتماعية" ومنزل وإحضار أسرهم.
ولم يكن محمد الوحيد المضرب عن الطعام حيث انضم إليه أكثر من 20 طالب لجوء، وطالبوا IND بأن تسرع إجراءاتها لكي يستطيعوا بناء حياة جديدة ولم شمل أسرهم.
اقرأ أيضا:هولندا تعتزم ترحيل لاجئين سوريين إلى بلغاريا
مجموعة طالبي اللجوء في بورميريند ليست أول من احتج على سوء المعاملة، ففي وقت سابق، شهد تير أبيل ومراكز الاستقبال الأخرى إضرابات أيضاً.
وقبل أسابيع أيضاً أضرب أحد عشر طالب لجوء يقيمون في محطة الإطفاء السابقة في مدينة ألميرا عن الطعام لعدة أيام احتجاجاً على طول فترة انتظارهم للحصول على إقامة.
وبعد إضرابهم قام عمدة المدينة هاين فان دير لو وعضو المجلس المحلي فروكجي دي جونج بزيارتهم المدينة، وتم إرسال خطاب إلى وزير الدول لشؤون الهجرة واللجوء المنتهية ولايته إريك فان دير بورغ وقال "نحن نعتقد أن المقيمين في ملجأ ألميرا للطوارئ - وكذلك طالبي اللجوء في مواقع الاستقبال الأخرى - يستحقون إجراء علاج عادل وشفاف وفي أقصر وقت ممكن".
ووصفت الرسالة أوضاع طالبي اللجوء بأنها "مثيرة للقلق" وخلص رئيس البلدية وعضو المجلس المحلي في رسالتهما إلى أن "الإضرابات عن الطعام في ملجأ ألميرا للطوارئ هي إشارة مثيرة للقلق تتطلب تدخلكم الفوري".
"أكاذيب".. ودعوة لتكرار السيناريو البلجيكي
وكان الخلاف حول لم شمل الأسرة هو السبب الرئيسي لسقوط الحكومة قبل أسابيع حيث لم تتمكن أحزاب التحالف من الاتفاق على حزمة من الإجراءات للحد من تدفق طالبي اللجوء، وكان أحدها تقييد لم شمل الأسرة وكانت إحدى الخطط المطروحة على الطاولة هي أن يكون الحد الأقصى للقادمين عبر لم الشمل هو 200 شخص شهرياً.
إلى ذلك، استبقت أحزاب اليمين المتطرف في هولندا الانتخابات المزمع إجراؤها في شهر تشرين الثاني، القادم بالدعوة لإغلاق الحدود في وجه طالبي اللجوء لا سيما السوريين.
وعلق زعيم حزب الحرية خيرت فيلدرز على الإحصائية الأخيرة وكتب على "فيس بوك": 53 في المئة من السوريين و33 في المئة من الإرتيرين (..) مليارات اليوروهات ليس للرعاية الصحية أو البقالة الرخيصة، ولكن للباحثين عن الثروة .. أغلقوا الحدود".
كما نشر السياسي المتطرف عدة أكاذيب على حسابه على فيس بوك حيث ادعى أن اللاجئين يحصلون على رخص قيادة مجانية وسكن مجاني وكتب "رخص قيادة مجانية للاجئين وسكن مجاني مع الأولوية.. ورعاية مجانية. مزايا مجانية. كل شيء مجاني. والهولندي الذي لا يحصل على أي شيء مجانا ويجب أن يدفع ثمن كل شيء".
كما علق فيلدرز على تعليق بلجيكا لإيواء طالبي اللجوء العازبين داعياً إلى تكرار السيناريو البلجيكي في هولندا وكتب على حسابه الشخصي على فيس بوك "جيد جداً والآن علينا أن نفعل الشيء نفسه بسرعة وإلا سيأتون جميعاً إلى هنا".
وكانت الحكومة البلجيكية قد علقت منح أماكن إقامة لطالبي اللجوء من الذكور غير المتزوجين بسبب نقص المساكن الخاصة باللاجئين.
من جانبه يدعو حزب "منتدى الديمقراطية" اليميني في برنامجه الانتخابي الذي نشره على منصاته الرسمية إلى فرض حظر كامل على الهجرة.
وحذر الحزب اليميني مما سماه "العواقب" التي تترتب على الهجرة وهي "الإزعاج والجريمة وتدهور مشهد شوارعنا والضغط على مخزوننا من المساكن واستنزاف الضمان الاجتماعي وتقويض ثقافتنا وشعبنا".
وقال الحزب المتطرف على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي إنه "لا شيء يمنع جحافل اللجوء من القدوم إلى هولندا، لا شيء حرفياً: حدودنا مفتوحة على مصراعيها.. لقد فقدت هولندا السيطرة تمامًا على الهجرة ومن الضروري استعادة السيطرة قبل فوات الأوان".
وفي عام 2022 وصل 10925 من أفراد الأسرة في إطار "لم الشمل" إلى هولندا، وفقاً لأرقام شبكة سي بي إس معظمهم من سوريا: "7240"، أما في عام 2021 كان معظم اللاجئين الذين تم لم شملهم من سوريا حيث كان من إجمالي 10120 لاجئاً، 6440 من سوريا.
وفي ذروة أزمة اللجوء السابقة في عام 2015 تقدم أكثر من 43000 طالب لجوء للحصول على تصريح إقامة ثم انخفض عدد طالبي اللجوء جزئياً بسبب أزمة كورونا.
وتشهد مراكز الإيواء ازدحاماً بسبب قلة الأماكن المخصصة لطالبي اللجوء، وسط معاناة آلاف من طالبي اللجوء السوريين الذين اشتكى العشرات منهم من فترات الانتظار الطويلة للحصول على تصاريح الإقامة.