أثار المرسوم الصادر عن "نظام الأسد" والهادف لـ توسعة صلاحيات "وزارة الأوقاف" التابعة له، جدلاً واسعاً وانتقاداً كبيراً بين السوريين (وخاصة "موالو النظام ومؤيدوه") على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تفسيرات متضاربة للمرسوم، حيث اعتبره معارضون بأنه "مرسوم لـ تشيع سوريا".
وكشف العضو في "مجلس الشعب" التابع لـ"نظام الأسد" (نبيل صالح) عن بعض بنود "المرسوم التشريعي رقم 16 الخاص بوزارة الأوقاف"، وقال على صفحته الشخصية في "فيس بوك"، إن المرسوم مخالف للمبدأ الأول في "دستور النظام" الذي يقول "إن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات".
وعقب الكشف عن بنود "المرسوم 16"، هاجمه الكثير مِن السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسوم (هاشتاغ) عدّة منها "#لا_للمرسوم_التشريعي_رقم_16_الخاص_بوزارة_الأوقاف - #لا_لأسلمة_الدولة - #لا_للإسلام_السياسي - #نعم_لسوريا_العلمانية"، معتبرين أن ما جاء في المرسوم "يسير بجهة معاكسة تماماً لـ ادعاءات النظام بأنه علماني"، وطالب البعض بإلغاء "وزارة الأوقاف".
ويُعطي "المرسوم التشريعي رقم 16" صلاحيات واسعة لـ "وزارة أوقاف النظام" شبهه "صالح" بأنه الوزير أصبح بذلك "قائداً فعلياً لـ بلد ديني"، كما يُطلق المرسوم يد "الأوقاف" في الإنتاج الثقافي والفني بـ سوريا، ويحجّم دور "مفتي الجمهورية" وجعله تعينه باقتراح مِن وزير الأوقاف ولمدة محدّدة، بعد أن كان يُعيّن سابقاً بمرسوم مِن الرئيس.
وأضاف "صالح"، أنه عن طريق تشكيل ما يٌعرف بـ"مجلس الأوقاف الأعلى" يكون الوزير رئيسه ومعاونوه أعضاء، فإنه استولى على صلاحيات "المفتي العام"، معتبراً أن ذلك "يُخالف تاريخ المؤسسة الدينية الإسلامية السنية في البلاد منذ الاستقلال..، وأن ذلك بمثابة إعلان خاتمة صراع السيد الوزير مع سماحة المفتي بالضربة القاضية"، على حدِّ تعبيره.
وطلبت بعض الصفحات الإعلامية التابعة لـ "النظام" مِن الموالين بالتراجع عن انتقاد المرسوم ومعارضته،كونه موقّع من "بشار الأسد" المخوّل بإصدار المراسيم دون الرجوع إلى "مجلس الشعب" خارج دورات انعقاده، وأن ذلك يعني تحويل قضية الانتقاد "مِن معارضة للمرسوم إلى معارضة الرئيس نفسه"، إلّا أن بعض الموالين المعترضين، رفضوا ذلك واعتبروا أن ما تغرّد به تلك الصفحات "ليس أكثر مِن مزاودة لـ إثبات الولاء"، داعياً إلى وقفات احتجاجية أمام "المجلس" رفضاً لـ هيمنة "الأوقاف".
وحاول "وزير أوقاف النظام" (محمد عبد الستار السيد) تبرير الغاية مِن المرسوم في لقاء مع "الإخبارية السورية" التابعة لـ"النظام" قائلاً إن "الغاية هي تطوير قوانين الوزارة القديمة، وأن مثله مثل مشاريع المراسيم التي تضعها مختلف الوزارات لتنظيم عملها"، لافتاً أنه وللمرة الأولى "يصدر في سوريا تشريع لضبط العمل الديني ومأسسته"، وأن "الأوقاف مشتركة مع وزارات الإعلام والتعليم والثقافة في مراقبة النصوص الدينية التي ترد في موادها بغية الكشف عن أي فكر تكفيري قد يمر فيها".
وردّ (نبيل صالح) على لقاء "السيد" قائلاً "تكلم كثيراً ولم يقل شيئا.. باستثناء أن السيد الوزير سيسمح بمناقشة قانونه تحت القبة، وهذا جل ما نطلبه كي يتبين الشعب مواد القانون السوداء من البيضاء.. فانتظروا ما سيأتي"، مضيفاً في هوامشه "لم أكن أعلم أن للأوقاف كل هذه السطوة على المؤسسات الإعلامية السورية"، وسط مطالبة الموالين مِن "وزارة الأوقاف" نشر نص القرار الرسمي للمرسوم وتوضيح بنوده.
على الجانب الآخر، رحّب البعض بـ"مرسوم الأوقاف" معتبرين أن اتخاذه "خطوة جيدة"، مرجعين ذلك إلى "الأوضاع التي تمر بها سوريا، وبضرورة فرض الزكاة وضبط الأمور بشكل أكبر"، فيما أضاف مؤيدون آخرون للمرسوم، أن "المجتمع السوري إسلامي"، مشجّعين على تطبيق المرسوم.
وانتقد "مرسوم الأوقاف" بعض معارضي "نظام الأسد" وموالوه معاً، معتبرين أن "غاية النظام مِن مشروع توسيع صلاحيات وزارة الأوقاف، هو دفع مَن تبقى للهجرة خارج سوريا، والضغط على السوريين أكثر فأكثر"، في حين اعتبره المعارضون طريقاً في "تشييع سوريا".
وغرّد المستشار القانوني (محمد صبرة) على حسابه في "تويتر" - ردّاً على منتقدي المرسوم - "رغم عدم اعترافي بشرعية بشار ومايصدر عنه ،لكني فوجئت بضجيج من مدعي العلمانية حول المرسوم 16، والمصيبة أن هؤلاء يدعون أن المرسوم ينتج دولة دينية، أشك أنهم قرؤوا أو فهموا ما يتحدثون عنه، المرسوم يهدف لـ إلغاء السنة في سورية وتغيير هوية أغلبية السوريين الدينية، هذا مرسوم تشييع سورية"، وفقاً لـ وصفه.
يشار إلى أن "المرسوم التشريعي رقم 16" الذي يُنظّم - حسب قانونين - عمل "وزارة الأوقاف" بشكل جذري، صدر بتاريخ 20 أيلول الفائت، وصادف صدوره عطلة "مجلس الشعب" التابع لـ"النظام"، وذلك تجنباً لطرحه للنقاش التفصيلي، وبذلك لا يستطيع أعضاء أعضاء المجلس تناول بنود المرسوم "مفردة"، ولكن يمكنهم "شكلياً" رفضه مُجملاً بحشد ثلثي الأصوات ضده، وهذا بحسب حقوقين معارضين "نوع مِن الخيال العلمي في نظام الأسد" بعد نشر المرسوم بتوقيعه.