قال مدير الفيلم الوثائقي "المصنع"، الذي يتحدث عن علاقة شركة "لافارج" الفرنسية بـ "تنظيم الدولة"، عبد القادر كاراكيل، إن أحد الأشخاص المتورطين في هجمات باريس في 2015 كان على صلة بالمخابرات الفرنسية وإدارة الشركة.
وفي تصريحات نقلتها وكالة "الأناضول"، أكد كاراكيل أن المدعو "أبو لقمان"، العضو في التنظيم والعقل المدبر لهجمات باريس في العام 2015، حجر اجتماعات مجلس إدارة شركة "لافارج" بعلم الاستخبارات الفرنسية.
وأنتجت قناة "TRT" التركية، فيلم "المصنع"، الذي يتحدث عن دفع شركة "لافارج" الفرنسية لصناعة الأسمنت ملايين الدولارات لتنظيمات إرهابية في سوريا، بعلم الاستخبارات الفرنسية
فيلم "المصنع" فحص نصف مليون وثيقة
وأشار عبد القادر كاراكيل في حديثه مع "الأناضول" إلى أن الفيلم الوثائقي فحص نحو نصف مليون وثيقة خلال عامين، حصلت عليها من مصادر في فرنسا، تؤكد أن "لافارج" دفعت نحو 13 مليون دولار لجماعات أجنبية، من بينها "تنظيم الدولة" للبقاء شمالي سوريا.
وأوضح أن الصحافة ومؤسسات الدولة في فرنسا تتعرض لضغوط لمنع إنجاز الفيلم، مشيراً إلى أن بعض الصحفيين تم استهدافهم من قبل مؤسسات أمنية مختلفة تابعة للدولة الفرنسية.
وذكر كاراكيل أن فيلم "المصنع" يتضمن كيف اتصل مسؤولو "لافارج" بالمحققين وأقنعوهم بعد بدء تحقيق في البرلمان الفرنسي"، مشيراً إلى محتوى تقرير التحقيق "استند إلى ما تريده لافارج".
هجمات باريس 2015
هزّت سلسلة من الهجمات الإرهابية المنسقة، العاصمة الفرنسية باريس مساء 13 تشرين الثاني من العام 2015، شملت عمليات إطلاق نار جماعي وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن، حدثت في العاصمة الفرنسية باريس، وأعلن "تنظيم الدولة" مسؤوليته عنها.
كما حصلت ثلاثة تفجيرات انتحارية في محيط ملعب فرنسا في ضاحية باريس الشمالية، بالإضافة لتفجير انتحاري آخر، وسلسلة من عمليات القتل الجماعي بالرصاص في أربعة مواقع أخرى.
أسفرت الهجمات عن مقتل 130 شخصاً وجرح 368 آخرين، ولقي سبعة من المهاجمين حتفهم، في حين واصلت السلطات البحث عن أي من المتواطئين معهم.
تعتبر هذه الهجمات الأكثر دموية في تاريخ فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، والأكثر دموية في الاتحاد الأوروبي بعد تفجيرات قطارات مدريد في العام 2004.
بعد يومين من الهجمات، شنت فرنسا سلسة ضربات جوية استهدفت "تنظيم الدولة" في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا، وأهداف أخرى في سوريا والعراق.
في 18 من الشهر نفسه، أعلنت الشرطة الفرنسية مقتل المشبه به المدبر للهجمات، البلجيكي من أصل مغربي، عبد الحميد أبا عود، في مداهمات شنتها في ضاحية سان دوني.
"لافارج" متواطئة بجرائم ضد الإنسانية في سوريا
ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، في حزيران 2016، أن شركة "لافارج" حاولت بين عامي 2013 و2014 تشغيل مصنعها في سوريا "بأي ثمن"، عبر تمويل جماعات مسلحة من بينها "تنظيم الدولة"، واستمرت هذه الترتيبات حتى إغلاق المصنع في 19 أيلول من العام 2014.
وبعد عدة جلسات قضائية، أخفقت "لافارج" في دحض تهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية في سوريا، عندما قالت أعلى محكمة في فرنسا إنه يتعين إعادة النظر في الأمر، وأبطلت حكماً سابقاً.
وأقرت "لافارج"، بعد تحقيق داخلي، بأن الشركة السورية التابعة لها دفعت أموالاً لجماعات مسلحة لمواصلة عملياتها في البلاد بعد العام 2011، مؤكدة أن "أولويتها المطلقة كانت دائماً ضمان سلامة موظفيها وأمنهم".
وفي أيار الماضي، أيدت محكمة الاستئناف في باريس اليوم الأربعاء اتهامات موجهة لشركة الأسمنت الفرنسية "لافارج" بـ "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية" في سوريا.
وقال مستشار قانوني للمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، وهو طرف في القضية، لوكالة "رويترز"، إن محكمة الاستئناف في باريس أيدت حكماً أصدرته أعلى محكمة في فرنسا، نص على أنه "من الممكن التحقيق مع لافارج بتهم متصلة بجرائم ضد الإنسانية، بسبب استمرارها في تشغيل مصنع في سوريا بعد اندلاع الحرب في العام 2011".
ويقع مصنع أسمنت "لافارج" على بعد 150 كيلومتراً شمال شرقي حلب، كانت الشركة قد اشترته في العام 2007، وبدأ تشغيله في العام 2011.