تضاربت الأنباء حول مصير رجل الأعمال السوري خضر علي طاهر، المعروف باسم "أبو علي" خضر، وذلك بعد تقارير تحدثت عن اعتقال عدد من المقربين منه، بينهم صهره، إثر مداهمات أمنية في منطقة المزة بالعاصمة دمشق.
ونقل موقع "صوت العاصمة" عن مصادر خاصة، دون أن يسمها أن أحد الفروع الأمنية استدعت أبو علي خضر للتحقيق، إلا أنه لم يمتثل، ما أدى إلى حملة دهم قامت بها الفروع الأمنية في حي الفيلات الغربية بمنطقة المزة غربي العاصمة دمشق.
وأسفرت حملة المداهمات عن اعتقال ثلاثة من أبرز رجال "أبو علي" خضر، من بينهم صهره إيهاب الراعي، المعروف بإدارته للحواجز العسكرية التابعة لـ "الفرقة الرابعة"، والإيرادات المالية التي تأتي عبرها.
وأفادت صفحات إعلامية محلية وموالية للنظام السوري بأن استخبارات النظام أصدرت برقية استدعاء لخضر، للتحقيق بملفات مرتبطة برجاله المعتقلين، فما كان من خضر إلا أن استشعر الخطر وقرر الهرب من البلاد قبل أن يتم اعتقاله، في حين ذكرت مصادر أخرى أن خضر غادر البلاد برفقة 3 مليارات دولار.
في مقابل ذلك، قالت مصادر محلية في دمشق إن "أبو علي" خضر "متوارٍ عن الأنظار منذ نحو أسبوعين، وذلك إثر خلافات بين فروع أمنية و"الفرقة الرابعة" التي يعمل خضر لصالحها، ويعتبر واجهتها الاقتصادية".
وأضافت المصادر أن "الفرقة الرابعة تحمي "أبو علي" خضر وتخفيه منعاً من اعتقاله، بعد محاولات الفروع الأمنية فتح ملفات فساد وتهريب متورط بها، بالإضافة إلى اتهامات من حكومة النظام لخضر حول تخزين عدد من المواد واحتكار بيعها في الأسواق".
ووفق المصادر فإن "الأجهزة الأمنية حاولت فتح ملفات الفساد المرتبطة بـ"أبو علي" خضر لإعطاء صورة للشارع السوري عن جهود النظام في محاربة الفساد والمفسدين، خاصة مع الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي تعيشها البلاد".
وسبق أن استهدفت دوريات تابعة لمديرية جمارك دمشق، ومديرية مكافحة التهريب، "أبو علي" خضر، منتصف العام الماضي، من خلال حملة طالت العديد من المستودعات ومناطق تخزين المواد المهربة، على رأسها الدخان والمعسل والبضائع التركية، اعتقلت خلالها عدداً من المهربين الذين اعترفوا بارتباطهم بخضر.
وعلى الرغم من ذلك، عاد خضر للانفراد بتجارة واستيراد العديد من المواد الغذائية والمشروبات، على رأسها حليب الأطفال وتجارة المشروبات الكحولية وبعض أنواع العصائر المستوردة والمهربة.
كما فرض أبو علي خضر، مطلع العام الجاري، إجراءات أجبر بموجبها أصحاب المعامل في ريف دمشق، على تغيير أغلفة كافة منتجاتهم لتشغيل معمله الخاص بصناعة البلاستك والطباعة والأغلفة، والذي افتتحه مؤخراً في ريف دمشق الغربي، الأمر الذي وصفه التجار بـ "إجراءات تشبيحية"، وفق "صوت العاصمة".
من هو أبو علي خضر؟
لمع اسم خضر علي طاهر، الذي ينحدر من مدينة صافيتا بمحافظة طرطوس، في العام 2016، عندما أظهر براعة في حماية إحدى القوافل، التي اهتم بها ماهر الأسد شخصياً، كانت قادمة من العراق ومتجهة إلى دمشق دون أن يتدخل أو يكشف حمولتها.
منذ ذلك التاريخ، أصبح طاهر أحد أهم متعهدي حماية القوافل لمصلحة "الفرقة الرابعة"، مستعيناً بميليشيا محليّة جندها من أهالي منطقته صافيتا، ويرأسها صهره إيهاب الراعي، وبلغ تعدادها نحو 2000 عنصر يحملون بطاقات أمنية من "الفرقة الرابعة".
وشهد قطاع حماية القوافل تطوراً ملحوظاً بعد أن أنشأ شركة "القلعة للحماية والحراسة والخدمات الأمنية" في العام 2017، وسهلت له "الشعبة الأمنية"، التابعة لـ "الفرقة الرابعة"، الاستيلاء على عقود حماية القوافل، ولاحقاً أصبحت شركة خضر علي طاهر الذراع التنفيذي غير الرسمي لـ "الشعبة الأمنية"، مستعيناً بالأفراد الذين استمر بتجنيدهم من مختلف قرى الساحل السوري بالتعاون مع صهره.
سريعاً أصبح طاهر داخل الدائرة القريبة من ماهر الأسد، وسمح له هذا الوضع بمواجهة خصومه بشراسة، حتى إن قناة "السورية الإخبارية" اضطرت إلى حذف مقابلة لرئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، فارس الشهابي، بعد أن قام بتسمية "أبو علي" خضر صراحة بمسؤوليته عن فرض إتاوات على المصانع الحلبية، بالإضافة إلى حادثته الشهيرة مع وزير الداخلية محمد خالد الرحمون في شباط من العام 2019.
نهاية العام 2019، كُلف خضر علي طاهر بمهمة استثمار صندوق أرباح "الشعبة الأمنية" وتبييض أمواله، فأنشأ 11 استثماراً على الأقل، على شكل شركات ومشاريع في قطاعات الاتصالات والمقاولات والمعادن والنقل والسياحة وتحويل الأموال والأمن، تدر أرباحاً بالمليارات، وتسيطر على قطاعات واسعة من الاقتصاد السوري.
ومن هذه الاستثمارات شركة اتصالات أمرت بتأسيسها أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام، لبيع معدات الهواتف المحمولة وتوفر خدماتها، والمعدات الإلكترونية والاتصالات السلكية واللاسلكية، بهدف خلق بديل لإمبراطورية رامي مخلوف، ابن خال رأس النظام، وكسر هيمنته لسوق الاتصالات السوري عبر شركة "سيريتل موبايل".
كما استخدمته "الفرقة الرابعة" في دعم ورعاية المشاريع الاجتماعية المحلية في الساحل السوري، بالتعاون مع أسماء الأسد، وشملت هذه المبادرات "فريق معاً وسنبقى معاً"، ومؤسسة "بسمة شباب سوريا"، التي تهتم بشكل خاص بدعم عوائل قتلى وجرحى جيش النظام.
في تشرين الأول من العام 2020، تم إدراج طاهر ضمن قائمة العقوبات الأميركية، ضمن "قانون قيصر"، لتوجيهه عناصر ميليشياته لتحصيل الرسوم على الحواجز والمعابر الداخلية، التي تسيطر عليها "الفرقة الرابعة"، وتربط بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة، بالإضافة إلى المعابر مع لبنان، فضلاً عن إدراج شركاته كافة ضمن قائمة العقوبات.