icon
التغطية الحية

هدنة أذربيجان - أرمينيا.. هل سحبت روسيا ورقة رابحة من يد تركيا؟

2020.10.10 | 16:16 دمشق

putin_erdogan_2020_afp.jpg
إسطنبول - عبدالله الموسى
+A
حجم الخط
-A

دخل وقف إطلاق النار بين أذربيجان والقوات الأرمينية في إقليم قرة باغ حيز التنفيذ صباح اليوم السبت، بعد جهود روسية للوساطة بين البلدين.

وجاء الاتفاق الذي أعلن عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فجر اليوم السبت، في وقت أحرز فيه الجيش الأذربيجاني بدعم عسكري تركي، تقدماً برياً في الإقليم الذي تسيطر عليه القوات الأرمينية.

ولم تعلن أي من الدول الثلاث عن مدة وقف إطلاق النار، وقالت موسكو إن الاتفاق يتيح تبادل الأسرى وجثث القتلى بمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لافتاً إلى أن الاتفاق يرجع إلى دواع إنسانية.

ورغم أن المحادثات استمرت 10 ساعات، إلا أن لافروف أشار إلى أنه "ما يزال يتعين صياغة بنود وقف إطلاق النار".

وأوضح لافروف بأن أرمينيا وأذربيجان اتفقتا على إجراء ما وصفها بمحادثات سلام جوهرية، ستُجرى تحت رعاية مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

ولم يتحدث وزير الخارجية الأرميني زوهراب مناتساكانيان ونظيره الأذربيجاني جيهون بايراموف للصحفيين في موسكو بعد إبرام اتفاق وقف إطلاق النار. لكن مناتساكانيان قدم التحية لبوتين في وقت لاحق عبر التلفزيون الأرميني الرسمي.

 

حصيلة أسبوعين من الحرب

أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية، اليوم السبت، أنها ومنذ بدء المعارك في 27 أيلول الماضي، دمّرت أكثر من 280 دبابة ومدرعة أرمينية وقرابة 300 منظومة مدفع وصواريخ، وأكثر من 60 منظومة دفاع جوي، و16 منطقة قيادة وإدارة ومراقبة، و8 مستودعات ذخيرة، وأكثر من 150 شاحنة ومركبة عسكرية، ومنظومة دفاع جوي من طراز إس-300. استولى الجيش الأذربيجاني على 18 دبابة أرمينية صالحة للعمل.

وأكدت وزارة الدفاع الأذربيجانية تدمير منظومة دفاع جوي أمرينية من طراز "إس 300" في منطقة قوبادلي.

واستعاد الجيش الأذربيجاني سيطرته خلال الأسبوعين الماضيين على مدينة جبرائيل وبلدة هدروت وأكثر من 30 قرية في إقليم قره باغ.

اقرأ أيضاً: تاريخ الصراع الأذربيجاني – الأرميني وآخر تطورات المعركة الجارية

 

الموقف الرسمي التركي من الاتفاق

شددت وزارة الخارجية التركية، في بيان صادر عنها اليوم السبت، على أن الهدنة الإنسانية المعلنة بين أذربيجان وأرمينيا "مهمة إلا أنها لن تحل مكان الحل الدائم".

وأوضح البيان أن "أذربيجان أثبتت لأرمينيا وللعالم برمته قدرتها على استرداد أراضيها المحتلة منذ قرابة 30 عاماً، بإمكاناتها الخاصة".

وأكد أن تركيا شددت منذ البداية على أنها لن تدعم إلا الحلول التي تقبل بها أذربيجان، معرباً عن مواصلة أنقرة دعم لباكو سياسياً وميدانياً في هذا الإطار.

وفي هذا السياق صدر بيان آخر من وزارة الدفاع التركية، أكدت فيه مواصلتها الوقوف إلى جانب الأذربيجانيين "حتى تحرير إقليم قره باغ المحتل من قبل أرمينيا".

وأشادت الدفاع التركية بالجيش الأذربيجاني، مطالبة أرمينيا "أن تعيد الأراضي التي تحتلها لأصحابها الأصليين. سنواصل الوقوف إلى جانب أشقائنا الأذربيجانيين الأتراك حتى يتم اتخاذ هذه الخطوة". 

وكذلك أعلن الجنرال نديم رضا رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الباكستانية، دعم قواته الكامل لموقف أذربيجان في نزاعها مع أرمينيا بشأن إقليم "قره باغ".

وذكر بيان صادر عن الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني أن سفير أذربيجان في باكستان علي علي زاده، التقى رضا، في مقر هيئة الأركان بمدينة روالبيندي، لمناقشة المسائل ذات الاهتمام الثنائي والأمن الإقليمي.

بدوره، أعرب السفير الأذربيجاني عن شكره لرضا على دعم باكستان قضية أذربيجان العادلة. وقال في تغريدة على تويتر عقب الاجتماع "سعيد للقاء الجنرال نديم رضا، رئيس هيئة الأركان المشتركة لباكستان، ولمناقشة سبل تعزيز العلاقات العسكرية الثنائية بين بلدينا الشقيقين".

الجيش التركي في قلب المواجهة

لم تعلن تركيا رسمياً عن تدخلها المباشر في القتال مع أذربيجان، إلا أن جميع خبراء التسليح أكدوا أن القسم الأكبر من الضربات الجوية التي بثت وزارة الدفاع الكثير من التسجيلات المصورة عنها، هي ضربات من طائرات تركية مسيرة من طراز بيرقدار.

وما زالت التصريحات التركية على لسان المسؤولين الدبلوماسيين والعسكريين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان تؤكد وقوف بلادهم مع أذربيجان وتقديم "كل أشكال الدعم" في صراعها ضد أرمينيا.

وقال أردوغان في تصريحات "أذربيجان قالت كفى وقد حان وقت الحساب لأرمينيا"، في حين قال وزير الخارجية مولود جاوش أوغلو "أرمينيا تتلقى حالياً الرد في الميدان بعدما تجاوزت حدودها".

وسبق أن أكّد الرئيس الأذربيجاني عزم بلاده شراء طائرات تركية مسيرة بعد أن أثبتت فعاليتها العسكرية في كل من سوريا وليبيا، لكن لم يتم الإعلان حتى بدء الاشتباكات عن إتمام الصفقة.

 

 

ومن المرجّح أن الطائرات التركية المسيرة التي يستخدمها الجيش الأذربيجاني هي الطائرات التي نقلتها تركيا مطلع آب الماضي إلى أذربيجان عندما أطلق جيشا البلدين مناورات "النسر". كما شارك في المناورات طائرات تركية من طراز F-16.

وفي 29 يوليو/ تموز الجاري، بدأت القوات المسلحة التركية والأذربيجانية مناورات عسكرية شاملة في أذربيجان، تستمر 13 يومًا.

وتضمنت المناورات اختبارات الجاهزية للطائرات الحربية في البلدين، كما جرى خلالها اختبار جاهزية القوات لتنفيذ أوامر القيادة العسكرية، وإطلاق النار من المركبات المدرعة والمدافع على أهداف افتراضية للعدو.

ولم يعلن بشكل واضح عن عودة القوات لتركيا أو ما إن تم إبقاؤها هناك للوقوف إلى جانب أذربيجان في صراعها مع أرمينيا.

من جهتها، اتهمت وزارة الخارجية الأرمينية رسمياً تركيا بتقديم دعم عسكري مباشر لأذربيجان، وقالت في بيان لها "تركيا لها وجود مباشر على الأرض". وأضافت أن خبراء عسكريين من تركيا "يقاتلون جنبا إلى جنب" مع أذربيجان التي قالت يريفان إنها تستخدم أيضا أسلحة تركية من بينها طائرات مسيرة وحربية.

اقرأ أيضاً: خط غاز "تاناب".. تركيا تدافع عن مصالحها

 

الاتفاق مهدد بالفشل

اتهمت وزارة الدفاع الأذربيجانية، ظهر اليوم السبت، الجيش الأرميني بانتهاك الهدنة الإنسانية بين البلدين، بشكل "سافر"، حيث شنّ الأخير هجومين في اتجاهي (أغديرة - ترتر)، و(فضولي - جبرائيل)".

وأوضحت أن الجيش الأذربيجاني تمكن من إحباط الهجومين، ورد عليهما بالشكل المناسب.

ونقلت وكالة اذرتاج عن المكتب الاعلامي لوزارة الدفاع، أنه منذ منتصف يوم الجمعة وحتى صباح اليوم السبت، استمرت العمليات العسكرية على طول خط الجبهة بكامل شدتها. وتبادل الطرفان منذ صباح اليوم الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار.

وأفادت الوكالة بأن الجيش الأذربيجاني دمر 13 دبابة و4 منظومات الصواريخ "غراد بي ام 21" و6 مدفعيات "D-20" و"D-30"  و3 منظومات مدفعية ذاتية الدفع من طراز أكاسيا ومدفعين مضادين للطائرات من طراز "زاستافا" م55 ومحطتا رادار ووسائل قتال إلكترونية راديوية.

ونفت وزارة الدفاع الأذربيجانية الاتهامات الأرمينية بقصف منطقة قافان الأرمينية وسقوط قتلى وجرحى.

وحذّرت أذربيجان من استئناف العمليات العسكرية في قره باغ في حال استمرار أرمينيا بانتهاك وقف إطلاق النار.

 

الموقف الروسي ومكاسب موسكو من وقف إطلاق النار

اكتفت روسيا خلال معارك الأسبوعين الماضيين بين أذربيجان وأرمينيا، بالدعوة إلى وقف إطلاق النار، دون أن تنحاز إلى أحد طرفي النزاع، رغم أن علاقاتها بأرمينيا أفضل من أذربيجان.

وبحسب المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تجمع روسيا بأرمينيا علاقات متينة وتعاون استراتيجي، حيث تعتبر روسيا أول مصدر للسلاح إلى أرمينيا، وتستضيف أرمينيا قاعدة عسكرية روسية كبيرة على أراضيها بالقرب من الحدود مع تركيا. ورغم أن الموقف الروسي في هذه الجولة يميل أكثر إلى التوازن، بسبب الخلافات بين موسكو والقيادة الحالية في أرمينيا التي أتى رئيسها نيكول باشينيان بعد الثورة المخملية وقاد مسار تقارب مع الغرب، ما تسبب بأزمة ثقة خففت حماس يريفان للوساطة الروسية؛ إلا أن روسيا تريد أن تلقن أرمينيا درساً مفاده ألا تنتظر مساعدة الغرب، لكنها لن تقبل على الأرجح بهزيمة أرمينيا أمام أذربيجان، لاعتبارات جيوسياسية واقتصادية متصلة بمخاوف موسكو من علاقات أذربيجان المتنامية مع الغرب، وتحولها إلى بديل للطاقة التي تصدرها روسيا إلى أوروبا . ويشار إلى أن معظم الاشتباكات الحالية تدور على الحدود بين أذربيجان وأرمينيا، بما يهدد خطوط نقل الغاز الطبيعي من المنطقة، ولا سيما المشاريع التركية – الأذرية.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في أول تعليق علني له حول الصراع، إن التزامات روسيا تجاه أرمينيا كجزء من تكتل أمني إقليمي تقوده موسكو لا تشمل منطقة ناغورني قره باغ.

وأكد بوتين على أن أرمينيا عضو في منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO)، وهي تحالف عسكري تقوده روسيا بين ست دول سوفيتية سابقة. تأسس عام 1992 ويضم حالياً روسيا وأرمينيا وبلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجكستان، وانضمت كل من أذربيجان وجورجيا للتحالف عام 1994 لكنهما انسحبتا منه عام 1999، في حين انسحبت أوزبكستان عام 2012.

وكان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أكثر وضوحاً، حيث قال إن التزامات روسيا بموجب منظمة معاهدة الأمن الجماعي "لا تمتد إلى قره باغ".

وضمن هذا التعقيد والتحالفات ومحاولة التحكم بعلاقة متوازنة بين بلدي الصراع، كانت الدعوة لتوقيع وقف إطلاق النار فجر اليوم، خيار موسكو الأفضل لوقف تقدم الجيش الأذربيجاني، وذلك ليس اهتماماً بسيطرة أذربيجان على الإقليم، بقدر محاولة روسيا الحد من المكاسب التركية في ذلك.

ولا تدعو تطورات القتال بعد الإعلان عن الاتفاق والتهديدات والاتهامات المتبادلة، للتفاؤل كثيراً حول صمود هذا الاتفاق، ما يترك الباب مفتوحاً أمام عودة المعارك، التي كانت رأس حربتها طائرات بيرقدار التركية.