icon
التغطية الحية

هدف للقصف الدولي.. مستودعات عياش في دير الزور أنعشت داعش وحمت ميليشيات إيران

2024.02.05 | 05:50 دمشق

آخر تحديث: 28.05.2024 | 15:39 دمشق

لقطة جوية لمستودعات عياش في دير الزور
لقطة جوية لمستودعات عياش في دير الزور
 تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

استهدفت الغارات الأميركية على سوريا، مساء الجمعة، مجموعة مواقع للميليشيات الإيرانية في شرقي سوريا، ولعل واحدا من أهم المواقع المستهدفة كان مستودعات عياش غربي دير الزور.

ولم تكن المرة الأولى التي تتعرض فيها مستودعات عياش للقصف فقد استهدفتها الطائرات الإسرائيلية عام 2021 واستهدفتها الطائرات الأميركية عام 2022، بينما أدت الغارات الأميركية الأخيرة لتدميرها بشكل كامل وفقاً لصور أظهرتها الأقمار الصناعية، فما الذي دار في مستودعات عياش وما الجهات التي سيطرت عليها منذ عام 2011 إلى يوم تدميرها كلياً على يد سلاح الجو الأميركي؟

يعود تاريخ إنشاء مستودعات عياش للأسلحة إلى النصف الأخير من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتقع في ريف ديرالزور الغربي، ويحيط بها عدد من المواقع العسكرية المهمة مثل تلة الحجيف الاستراتيجية ومركز الإذاعة.

وظهرت مستودعات عياش للأسلحة إلى الضوء لأول مرة عندما سيطر تنظيم الدولة "داعش" عليها عام 2016، من يد قوات النظام السوري.

ففي كانون الثاني 2016، شن تنظيم الدولة "داعش" هجوماً ضخماً على المنطقة الغربية من دير الزور وسيطر خلاله على عدد من مواقع قوات النظام السوري بينها مستودعات عياش والتي احتوت على مخازن ضمت أسلحة وذخائر ودبابات وعربات مصفحة ورشاشات ثقيلة، وقذائف متنوعة، وصواريخ حرارية مضادة للدروع.

ويرى العميد المنشق والمحلل العسكري أحمد الرحال أن استيلاء تنظيم الدولة على تلك المواقع وسيطرته على المستودعات ممتلئة بالأسلحة، كانت عملية تسليم لأن الأسلحة كانت سليمة ولم تتعرض لأي تلف.

وقال الرحال في تصريحات لوكالة الأناضول إن قوات النظام السوري بانسحابها من تلك المواقع، مكّنت داعش من السيطرة على صواريخ مضادة للطائرات تركت معها منصات الإطلاق، والرادارت الخاصة بها، في خطوة تهدف إلى الضغط على القوات الأميركية شرقي سوريا. لكن شبكات محلية أفادت بأن الصواريخ الحرارية تلك لم تكن موجودة في المستودعات عند الانسحاب.

النظام وإيران يسيطران على المستودعات

أعقب ذلك عدد من العمليات العسكرية المشتركة بين قوات النظام السوري والقوات الروسية لاستعادة المنطقة، لكن الأنباء تضاربت حول تمكّن قوات النظام من بسط السيطرة مجددا على مستودعات عياش، إذ قالت مصادر إعلامية في حزيران 2016 (بعد 5 أشهر من السيطرة على المستودعات) إن عناصر تنظيم الدولة بدؤوا بتفريغ الأسلحة من المستودعات ونقلها إلى جهة مجهولة.

واستمرت سيطرة التنظيم على مستودعات عياش، حتى عام 2017 عندما شنت قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية بدعم جوي روسي عملية عسكرية ضخمة استعادت بموجبها معظم أجزاء دير الزور.

وسلمت قوات النظام المنطقة بعد ذلك للميليشيات التابعة لإيران وهي الدولة صاحبة العدد الأكبر من القواعد العسكرية فقد بلغ عدد قواعد الميليشيات الإيرانية في سوريا منتصف العام الماضي نحو 570 موقعاً منهم 77 موقعاً في دير الزور، بحسب دراسة أجراها مركز "جسور" للدراسات.

وترجح الشبكات الإخبارية المحلية أنّ ميليشيا فاطميون الأفغانية، إحدى تشكيلات ميليشيات إيران في سوريا، هي المسيطرة على مستودعات عياش وأن العناصر المحليين يمنعون من دخول المستودعات.

وتظهر مقاطع فيديو التقطت في ذات المنطقة وبثت على منصة يوتيوب رايات رفعت خلف السواتر الترابية للمستودعات أحدها باللون الأصفر يتوسطها شعار أسود، وهو الراية الرسمية لميليشيا فاطميون مما يعني صحة ادعاءات الشبكات الإخبارية.

اقرأ أيضاً.. 4 سيناريوهات للرد الأميركي على الفصائل الموالية لطهران

إسرائيل تستهدف المستودعات

مع تمدد الميليشيات الإيرانية في المناطق الشرقية، ازداد نفوذها بشكل كبير لترتفع وتيرة نقل الأسلحة للمواقع  المنتشرة في سوريا انطلاقا من قواعدها في الشرق وتحولت بذلك مستودعات عياش إلى ما يشبه "القلعة المحصنة" بسبب التدعيم الواضح بالسواتر الترابية ونقاط المراقبة المدشمة في محيطها والتي يسهل تعقبها بواسطة صور الأقمار الصناعية.

عمليات نقل الأسلحة هذه دفعت إسرائيل إلى استهداف مستودعات عياش في كانون الثاني عام 2021 بغارة عنيفة استمرت نحو 35 دقيقة بحسب ما أفادت صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

ووصفت الصحيفة ذاك الهجوم الإسرائيلي بأنه "الأضخم منذ سنوات"، مشيرة إلى أنّه جاء بعد أسابيع من إدخال الميليشيات شحنة صواريخ إلى المستودعات.

الجدير بالذكر أن الغارات الإسرائيلية هذه جرت اعتمادا إلى معلومات استخباراتية قدمتها وزارة الدفاع الأميركية لإسرائيل، وذلك وفقاً لما كشفه مسؤول أميركي لوكالة أسوشيتد برس.

وأكد المسؤول أن "القصف استهدف سلسلة مستودعات استخدمت لتخزين أسلحة إيرانية ومكونات مخصصة لدعم برنامج طهران النووي".

مستودعات عياش بعد القصف الإسرائيلي عام 2021 (شبكة دير الزور 24)

لكن الغارات الإسرائيلية على مستودعات عياش لم تستطع إيقاف أنشطة الميليشيات الإيرانية واستمر الوجود العسكري فيها، وانتشرت العديد من التسجيلات المصورة لأنشطة وتحركات الميليشيات في المنطقة.

الاستهداف الأميركي الأول

وفي 2022، استهدفت الولايات المتحدة الأميركية المستودعات رداً على استهداف القواعد الأميركية في المنطقة في ذلك الوقت، إذ أفاد المتحدث باسم الجيش الأميركي الكولونيل جو بوتشينو بأن الرئيس الأميركي جو بايدن أعطى توجيهات بتنفيذ الضربة. 

ووقتئذ وصفت القيادة المركزية الضربة بأنها "إجراء متناسب ومدروس، يهدف إلى الحد من مخاطر التصعيد وتقليل مخاطر وقوع إصابات".

وجرى الاستهداف الأميركي للمستودعات بقصفها بصواريخ شديدة الانفجار تسببت بدمار كبير، وبتتبع صور الأقمار الصناعية لتلك الفترة يمكن ملاحظة آثار القصف بشكل واضح على الموقع.

ورغم الدمار الذي تسببت به الغارات الأميركية إلا أنّ القوات المتمركزة في تلك المواقع عاودت نشاطها، وتمركز فيها عناصر من الجنسية الإيرانية والعراقية، داخل قواعد للصواريخ ومستودعات أسلحة ومهابط للطائرات المسيرة.

وضمت المستودعات مقارّ لميليشيا أبو الفضل العباس، ويقدر عدد عناصرها بـ100 عنصر، وعناصر لميليشيا الحسين قدر عددهم أيضا بنحو 100 عنصر، بحسب ما أورده موقع "الجزيرة" مطلع شباط الجاري.

الاستهداف الأميركي الثاني

وبعد مقتل 3 جنود أميركيين في 28 من كانون الثاني الماضي، في هجوم استهدف قاعدة البرج الأميركية شمال شرقي الأردن، وتبنته الميليشيات المدعومة إيرانياً، أمر الرئيس الأميركي جو بايدن مستشاريه بتحضير خيارات لرد قوي على هجمات الميليشيات التي تدعمها إيران.

وكان الرد سريعاً، بهحوم موسع للطائرات الأميركية يوم الجمعة الماضي ضد 85 هدفاً في سوريا والعراق ومن بين ما استهدفه في سوريا كان مستودعات عياش.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية أن الهجوم على الموقع (مساء الجمعة 2 من شباط 2024) أدى إلى تدمير المستودعات بشكل نهائي مع جميع المباني فيها.

اقرأ أيضا: ردا على هجوم الأردن.. واشنطن تقصف 85 هدفاً للميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق

وقالت القيادة الأميركية في بيان: "شنت قوات القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) غارات جوية في سوريا والعراق ضد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وجماعات الميليشيات التابعة له".

وأضاف البيان أن "القوات الأميركية قصفت أكثر من 85 هدفًا، بوساطة العديد من الطائرات التي تضم قاذفات بعيدة المدى، انطلقت من الولايات المتحدة. استخدم في الغارات الجوية أكثر من 125 ذخيرة دقيقة التوجيه، وشملت مقار العمليات والقيادة والسيطرة ومراكز الاستخبارات والصواريخ والقذائف ومخازن المركبات الجوية بدون طيار، والمرافق اللوجستية وسلسلة توريد الذخيرة لمجموعات الميليشيات ورعاتها من الحرس الثوري الإيراني الذين سهلوا الهجمات ضد القوات الأميركية وقوات التحالف".

وحول نتائج الغارات، أكد موقع "ذا وير زون" المتخصص بالشؤون العسكرية أن استهداف مستودعات عياش أدى إلى "مسحها من الوجود".

اقرأ أيضا: لماذا اختارت واشنطن يوم الجمعة لقصف الميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق؟

وقال الموقع إن صور ما قبل الضربة وما بعد الضربة تُظهر أن منشأة تخزين الذخائر تحولت إلى سلسلة من الحفر المحترقة.

وتابع أن الصور عالية الدقة التي التقطت في العام الماضي تعطي فكرة عما كان يبدو عليه الموقع قبل قصفه من قبل القوات الجوية الأميركية. 

ورجح أن يكون استهداف المستودعات جرى باستخدام قاذفة القنابل من طراز B-1B، والتي تم استخدام اثنتين منها في الهجوم الأميركي الأخير.