سلّطت صحيفة "نيويورك تايمز"، في تقرير لها، الضوء على الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام، وطريقة تعامل رئيس النظام، بشار الأسد، معها.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أكدت أن الأسد أجرى لقاء مع صحفيين موالين له أخيراً، سُئل فيه عن الانهيار الاقتصادية وانهيار العملة والارتفاع الهائل في أسعار السلع الأساسية والنقص المزمن في الوقود والخبز.
ووفق مصادر الصحيفة، فإن الأسد أجاب عن هذه الأسئلة بقوله: "أعلم.. أنا أعرف"، من دون أن يقدم أي خطوات ملموسة لوقف الأزمة، سوى توجيهه للقنوات الفضائية لإيقاف برامج الطهي حتى لا تدفع السوريين إلى السخرية من صور طعام بعيد المنال.
ورأت الصحيفة، أن اللقاء غير المعلن للأسد مع الصحفيين "قدّم نظرة نادرة وغير مألوفة لرئيس بدا واضحاً أنه منفصل عن المخاوف الحقيقية للسوريين، وعاجز عن فعل أي شيء حيالها".
وأضافت الصحيفة، أن الأسد "ظل متمسكاً بالتفاهات التي تميز خطاباته العامة، حيث كان يرتدي بدلة سوداء، ويتحدث بمنطق الأستاذ"، موضحة أنه يلقي باللوم على مجموعة من القوى تسببت بالويلات في سوريا، من مثل: "وحشية الرأسمالية العالمية"، و"غسيل المخ من قبل وسائل التواصل الاجتماعي"، و"النيوليبرالية غير المحددة التي كانت تقوّض قيم البلاد".
وبحسب مصادر الصحيفة، فإن الأسد أكد في اللقاء للصحفيين أن سوريا "لن تعقد سلاماً مع إسرائيل، ولن تقنن زواج المثليين"، مشيرة إلى أن هذه القضايا ليست ما يقلق معظم السوريين بشأنها.
واعتبرت الصحيفة في تقريرها، أن الأسد انتصر في الحرب، لكنه غارق في المشكلات الاقتصادية، وبعد عقد من الحرب، فالتهديد الأكبر الذي يواجه رئيس النظام، ليس المعارضة المسلحة أو القوى الأجنبية التي تسيطر على مساحات شاسعة من البلاد، بل هو الأزمة الاقتصادية الطاحنة، التي تعيق إعادة إعمار المدن المدمرة، وجعلت أعداداً متزايدة من السوريين يكافحون للحصول على ما يكفي من الغذاء.
الاقتصاد السوري في أسوأ مراحله
ويمر الاقتصاد السوري في مرحلة بلغت غاية في السوء، إذ وصلت الليرة السورية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار في السوق السوداء، مما أدى إلى انخفاض قيمة الرواتب وارتفاع كلفة الواردات، وزيادة أسعار المواد الغذائية إلى أكثر من الضعف خلال العام الماضي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، حذّر برنامج الغذاء العالمي من أن نحو 60% من السوريين، أو ما يقارب 12.4 مليون شخص، معرّضون لخطر الجوع، وهو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق، إذ يكرّس معظم السوريين وقتهم لإيجاد الوقود لطهي الطعام وتدفئة المنازل، والوقوف في طوابير طويلة للحصول على مادة الخبز، فضلاً عن انقطاع مستمر للتيار الكهربائي.
وأشارت الصحيفة إلى الصفقة التي أجراها نظام الأسد مع إسرائيل الأسبوع الماضي، موضحة أن النظام استخدم الشابة الإسرائيلية التي عبرت الحدود ورقة مساومة للحصول على 60 ألف جرعة من لقاح فيروس "كورونا"، دفعت إسرائيل ثمنها لروسيا 1.2 مليون دولار.
وأوضحت أن أقرب حلفاء نظام الأسد، روسيا وإيران، استثمرا بشكل كبير لمساعدة الأسد على الفوز في الحرب، لكن كلاهما يعاني من مشكلات اقتصادية خاصة بهما، ولا يستطيعان سوى تقديم القليل من المساعدة، إذ واصلت روسيا تقديم مساعدات عسكرية كبيرة، أما المساعدات الإنسانية فمحدودة.
ورأت الصحيفة، أنه على الرغم من هذه المشكلات، وبعد ما يقرب من عقد من القتال، ووصول الحرب إلى طريق مسدود، لا يزال الأسد مسيطراً على نحو ثلثي البلاد، ومعظم سكانها تحت سيطرة حكومته اسمياً، ويأمل أن يؤدي فوزه في انتخابات رئاسية زائفة إلى إقناع خصومه بالتخلي عن آمالهم في تغيير النظام، والقبول به كزعيم لسوريا.
اقرأ أيضاً: انهيار الليرة يجبر سكان دمشق على شراء حاجياتهم بـ "القطعة"