على ضفاف نهر الدانوب، في ولاية بافاريا شرقي ألمانيا، يسحب أربعة شبان، (سوريون وإيرانيون)، حقائبهم عبر الثلوج، متجهين إلى مكان إقامتهم الجديد على متن سفينة، بعد امتلاء مراكز إيواء اللاجئين في الولاية.
وتقول صحيفة (بيلد) الألمانية إن "رحلة لجوء هؤلاء الشبان انتهت، وعنوانهم الجديد الآن هو سفينة (إم إس روسيني) التي ترسو قبالة قرية (باخ) الصغيرة، البالغ عدد سكانها 1100 نسمة"، وهي تتبع لمقاطعة (أوبر بفالتس) في ولاية بافاريا.
وتضيف أن "البلدية استأجرت السفينة لاستخدامها كسكن للاجئين حتى تموز المقبل، إذ أجبر العدد المتزايد من طالبي اللجوء، البلديات في ألمانيا على اتخاذ مثل هذه الإجراءات، خاصةً بعد أن قدم نحو 217 ألفاً و774 شخصاً طلباً أولياً إلى المكتب الاتحادي للهجرة في عام 2022.
وقال رئيس جمعية المقاطعات الألمانية راينهارد صقر "منذ عام 2014، استقبلنا نحو 1.4 مليون طالب لجوء، ومؤخراً أكثر من مليون أوكراني، وقمنا بإيوائهم بشكل إنساني ورعايتهم، ونعمل بكل طاقتنا، لكن القدرات الآن قد استنفدت".
كم تبلغ تكاليف إشغال السفينة لـ 200 لاجئ؟
من جهتها، قالت مديرة المنطقة تانيا شفايغر "من أجل تجنب إعادة شغل الصالات الرياضية المدرسية، كان علينا اللجوء إلى خيار استئجار سفينة فندقية".
وكانت السفينة التي يتجاوز عمرها 40 عاماً، تبحر عبر نهر الدانوب بين باساو وبودابست قبل إيقاف تشغيلها عام 2022، إذ يبلغ طولها 111 متراً، وتحتوي على 100 غرفة داخل كل منها سريرين، وحمام، ومرحاض، وشبكة واي فاي عالية السرعة.
وبحسب موظف بشركة شحن فإنه "جرى إصلاح محطة معالجة مياه الصرف الصحي للتو، في حين سيبقى صالون الشعر وغرفة اللياقة البدنية مغلقة، كما سيتم منع استخدام المسبح الموجود في الطابق العلوي أيضاً، لكن سيتم فتح غرفة مخصصة للصلاة، وسيتم تقديم ثلاث وجبات في اليوم في غرفة الطعام.
ومع دفع مبلغ يصل إلى 50 يورو لكل لاجئ يومياً، ستبلغ تكاليف الإشغال الكامل في السفينة لـ 200 شخص، ولمدة نصف عام، نحو مليون و800 ألف يورو. وفق المتحدث باسم المنطقة هانز فيشتل.
المجتمع المحلي يرفض
واشتكى عمدة قرية (باخ) توماس شمالزل خلال اجتماع للبلدة من قرار مكتب المقاطعة بنقل 200 لاجئ للإقامة على متن سفينة مستأجرة.
ويعبر مايكل البالغ من العمر 53 عاماً، الذي يعيش بالقرب من مكان رسو السفينة، ويفضل عدم الكشف عن كنيته، عن خشيتهم من "حدوث مشكلات داخل السفينة التي سيعيش على متنها 200 شخص من الدول العربية". بحسب وصفه.
ويقول الرجل المتقاعد يوهان ماير البالغ من العمر 64 عاماً، والذي يشارك في المبادرة التي أطلقها سكان البلدة ضد السفينة، "لقد فاجأنا ذلك، نحن نقرأ دائماً عن حوادث طعن تحصل باستمرار، ونخشى أن يحدث ذلك هنا أيضاً".
وبعد مظاهرة نظمها حزب "البديل من أجل ألمانيا" في القرية ضد السفينة، ذكر مكتب المقاطعة في محاولة لتهدئة الأجواء، أن "من بين أول 31 لاجئاً انتقلوا للعيش على متن السفينة يوم الخميس، زوجان لديهما طفلان، وزوجان بلا أطفال، وثلاث نساء بمفردهن".
وليلة الخميس أقدم مجهولون للمرة الثانية على إحراق خيمة للاجئين في بلدة ماركلكوفن في الولاية نفسها. والآن تريد الشرطة الألمانية تسيير المزيد من الدوريات عند رصيف ميناء بلدة (باخ) حيث ترسو السفينة.
وقال النائب في البرلمان لحزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" ثورستن فراي لصحيفة بيلد إن "الوضع يزداد سوءاً، لقد تُركت البلديات بمفردها مع هذا التحدي، على الرغم من الوصول إلى نقطة الانهيار".