icon
التغطية الحية

نقطة "اللاعودة".. حين تحمل هتافات السويداء هوية آذار 2011

2023.08.28 | 18:36 دمشق

آخر تحديث: 30.08.2023 | 10:00 دمشق

نقطة "اللاعودة".. حين تحمل هتافات السويداء هوية آذار 2011
من مظاهرة 28 آب 2023 في السويداء
+A
حجم الخط
-A

"عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد". يبدو أن متظاهري السويداء قد اختاروا هذه المرة أن تنطلق هتافات ساحة "الكرامة" وميادين بلداتها، من النقطة التي صدحت فيها حناجر السوريين في ثورتهم خلال أكثر من 12 عاماً بالرغم من حداثة التظاهرات الأخيرة في المحافظة والدوافع المباشرة لاندلاعها، عقب مرسوم الزيادة الصورية للمعاشات والأجور بنسبة 100 في المئة، وما تمخض عنها من رفع أسعار المحروقات، واشتداد أزمة المعيشة وتردي الاقتصاد المنهار أصلاً.

فالتظاهرات التي دخلت يوم أمس أسبوعها الثاني، تختلف تماماً عمّا سبقها من احتجاجات متقطّعة ومحدودة المطالب، كانت تندلع بين الفينة والأخرى لأسباب ومقاصد مختلفة. إلا أن نظام الأسد، وعلى الرغم من كل محاولاته السابقة في محاصرة تلك الاحتجاجات واحتوائها، والالتفاف عليها، وقمعها؛ فشل فشلاً ذريعاً في منعها من الوصول إلى نقطة "اللاعودة" التي وصل إليها سوريو السويداء قبل تسعة أيام.    

المهجّرون والنازحون السوريون، والقابضون منهم على الجمر في مناطق سيطرة النظام؛ تابعوا اليوم الأول من احتجاجات السويداء باهتمام بالغ وترقُّب قلق. وقبل أن يطلقوا أحكامهم المباشرة على هُوية الحراك؛ جاءت هتافات ومطالبات المتظاهرين في اليوم الثاني لتبدّد شكوك القلقين وتثلج صدورهم، ولتقضّ مضاجع المتربصين في "قصر المهاجرين" بدمشق.

"يا بشار ارحل عنا بدنا نعيش"

فبعد احتجاجات اليوم الأول (الخميس 17 من آب الجاري)، والتي أغلق فيها المشاركون الطرق الرئيسة الواصلة بين بلدات وقرى ريف السويداء المؤدية إلى العاصمة دمشق، في كل من "المتونة ومجادل ونمرة شهبا وقنوات والثعلة وعريقة"؛ تفجّرت حناجر أبناء السويداء في اليوم الثاني بهتافات تجاوزت انتقادات الوضع الاقتصادي والمعيشي لتصل إلى المطالبة برحيل النظام ورئيسه عبر صيحة "يا بشار ارحل عنا بدنا نعيش".

وبصوت طفل صغير يقف مبتسماً وسط تظاهرة ساحة الكرامة، خرجت عبارة: "مستمرون حتى إسقاط نظام الأسد المجرم والفاجر..".

"إضراب عام وإسقاط النظام"

ومنذ إعلان الإضراب العام والعصيان المدني في اليوم الثالث، شهدت السويداء شللاً تاماً في مختلف مدنها وبلداتها بعد تسجيل 20 نقطة احتجاج. ولتأمين حماية المدينة ومظاهرات ساحتها "الكرامة" التي صارت مقصداً يومياً لوفود المشاركين القادمين من مختلف مناطق المحافظة؛ أغلق المحتجون الطرقات الرئيسة المؤدية إليها بالحجارة والإطارات المشتعلة، بالتزامن مع إغلاق معظم المؤسسات والمديريات التابعة للنظام السوري.

وإلى جانب استمرار الهتافات المطالبة برحيل النظام، وجّه أهالي السويداء عبارات التضامن و"تحياتهم" إلى المدن السورية الثائرة: إدلب ودرعا وجبلة ودير الزور... وصولاً إلى القامشلي.

اليوم الخامس، ومع تجدد تظاهرات الساحة في المدينة، واتساع رقعتها، واستمرار العصيان المدني في بلدات وقرى المحافظة، من بينها: الرحى وسهوة الخضر ومياماس والكفر والقريا وعرمان وذيبين جنوبي السويداء، وسليم والصورة الصغيرة وقنوات ومردك شمالي السويداء، وريمة اللحف وولغا وريمة حازم وسميع ومجادل وعريقة غربي السويداء، وغيرها؛ حمل متظاهرو "الكرامة" لافتات كتب عليها: "حرية الشعب واستقلاله أكبر من منصب رئيس"، وجددوا هتافات رحيل النظام و"إسقاط بشار الأسد".

مظاهرة

"بشار يطلع برا"

ويوم الجمعة، سادس أيام الاحتجاجات، تزامنت مظاهرة المدينة التي اندلعت منذ ساعات الصباح الأولى، مع أخرى نُظّمت في بلدة القريا أمام ضريح سلطان باشا الأطرش، رفع فيها المشاركون علم الثورة السورية ورددوا هتافات: "هي ويلا بشار يطلع برا"، و"عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد"، و"سوريا لينا وماهي لبيت الأسد"، وسط حضور لافت لرجال الدين.

ونُظمت في ذلك اليوم أيضاً وقفات تضامن مع الحراك الشعبي في السويداء، شملت العديد من مدن البلاد ودول اللجوء، بالإضافة إلى إشادات عبّر عنها سياسيون وحكومات وزعماء من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.

"تنفيذ القرار 2254"

اليوم السابع من الحراك، شاركت فيه عشائر البدو في السويداء، وأصدرت بياناً أكدت فيه دعمها للحراك السلمي في المحافظة، محذرة من تجهيز النظام السوري لفتنة بين أبناء الجبل. وعبّرت العشائر في بيانها عن شكرها لمشايخ الموحدين في المحافظة "لموقفهم المشرف ووقوفهم مع أبناء هذا الوطن ومطالبتهم الحثيثة برفع المعاناة عن أبناء الشعب السوري الواحد".

كما أصدر ناشطون في السويداء بياناً أكدوا فيه استمرار الاحتجاجات الشعبية ضد النظام حتى تحقيق أهدافها. وأعلن الناشطون في بيانهم "استمرار الحراك بشكله السلمي الحضاري المطالب بتغيير النظام وتطبيق القرار 2254 لتحقيق السلام المستدام"، مؤكدين على "وحدة سوريا بكل أطيافها".

وقرر الناشطون "إغلاق فرع الحزب (البعث) في السويداء وكل المقارّ الحزبية في مدن وبلدات وقرى المحافظة"، مشيرين إلى أن هذا القرار "لا رجعة فيه".

واستمرت مظاهرات ذلك اليوم حتى ساعات الليل المتأخرة، ترافقها هتافات إسقاط النظام ورحيل بشار الأسد: "حرية للأبد غصب عنك يا أسد"، و"سوريا لنا وما هي لبيت الأسد".

رسائل سياسية شديدة اللهجة في الأسبوع الثاني للاحتجاجات

ومع دخول احتجاجات السويداء أسبوعها الثاني، أمس الأحد، وجّهت لافتات المحتجين وهتافاتهم رسائل سياسية شديدة اللهجة إلى مؤسسات المعارضة و"اللجنة الدستورية"، وإلى الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص "بيدرسن"، والحكومات العربية المطبّعة مع نظام الأسد. كما رفع المحتجون لافتات تطالب بالإفراج عن المعتقلات والمعتقلين وشددوا على تطبيق قرار مجلس الأمن "2254".

وشنّ المحتجون هجوماً على إيران وميليشياتها وطالبوا برحيلها عن الأراضي السورية، بالإضافة إلى روسيا التي وصفت لافتات المتظاهرين بأنها "القاتل المشترك" للشعبين السوري والأوكراني.

سويدا

واشتملت لافتات متظاهري السويداء على عبارات: "خطوة بخطوة تغرق البلد"، و"الحل السياسي لا يختزل بلجنة دستورية"، و"جيراننا العرب لا لتعويم النظام"، و"لا لهيمنة إيران وصبيانها"، و"نعم لاستقلال النقابات والسلطة القضائية من الوصاية الأمنية"، و"الحرية للمعتقلات في سجون المرتزقة والفصائل".

سويدا

اليوم التاسع: "يسقط حكم العسكر"

وتأتي هتافات اليوم التاسع، الإثنين، لتختصر مشهد الحراك وهويته ولتؤكّد على التزامه بمبادئ ثورة آذار 2011، والسير بركبها "بلا عودة". إذ وجّه المتظاهرون عباراتهم بشكل مباشر إلى رئيس النظام السوري، قالوا فيها: "ارحل مختار حي المهاجرين" و"يسقط حكم العسكر"، "سوريا أم الكل بدنا نضل وبدو يفل"، "ما منحبك ارحل"، "ارحل يا خائن القسم"... بالإضافة إلى لافتات مطالبة بتنفيذ القرار الأممي "2254".