عُقدت أمس الأربعاء في مدينة إسطنبول ندوة حوارية حول آفاق الصراع في سوريا، دعا إليها مركز "حرمون" للدراسات المعاصرة مع "مركز دراسات النزاعات والعمل الإنساني" في معهد الدراسات العليا بالدوحة، وشارك فيها العديد من الباحثين والأكاديميين السوريين والعرب والأتراك.
ناقش المشاركون عبر جلسات الندوة، بعض السيناريوهات الممكن تطبيقها في سوريا خلال السنوات القليلة القادمة، بعد استعراضهم التطورات والتغيرات التي طرأت على مسار الثورة السورية منذ اندلاعها في آذار 2011، وتحوّلاتها نتيجة الصراع المدمر إلى "حرب أهلية"، ومن ثم إلى ساحة "حرب بالوكالة" تتصارع فوقها قوى إقليمية ودولية لها مصالح متناقضة. وبات من الصعب التوصل إلى تفاهم يؤدي إلى حل سياسي عادل في سوريا، حيث جرى تهميش الدور السوري، صاحب القضية، ودخل الصراع في نوع من الهدوء الحذر والقلق، وأخذ اهتمام العالم بالقضية السورية يتراجع، وتحولت إلى قضية إنسانية بعد أن عجز العالم عن حلها، وأصبح التوصل إلى أي حل في البلاد مرهوناً بتفاعل ثلاثة عوامل: داخلي، وإقليمي، ودولي.
ووفق ذلك، استعرض المشاركون الوضع الداخلي في سوريا، التي غدت مقسمة إلى أربع مناطق تديرها أربع سلطات أمر واقع حكومات مؤقتة، تفتقد جميعها الشرعية، وتنتشر على أرضها جيوش وميليشيات لدول أجنبية، ويعاني سكانها واقعاً معيشياً صعباً جداً، وخاصة المقيمين منهم في مناطق سيطرة النظام السوري، بعد تشتت ملايين السوريين في بلدان الجوار ودول العالم.
وانقسم اللاعبون الرئيسيون في الحرب السورية إلى: إيران وروسيا المتمسكين ببقاء النظام السوري كما هو، وبعدم تقديم أي تنازلات، ثم تركيا المنخرطة في الصراع. ثم أميركا وأوروبا اللتين تعوقان إعادة تأهيل النظام، من دون أن تكون لديهما استراتيجية لمستقبل الصراع في سوريا، وخاصة بعد انشغال الأولى بالتحدي الصيني، وانشغال الثانية بصراعاتها وبالحرب القائمة في أوكرانيا.
سيناريوهات السنوات الـ10 المقبلة في سوريا
بعد استعراض ذلك الواقع الصعب والمعقد في الداخل السوري، وتحليل سياسات الفاعلين الإقليميين والدوليين تجاه الحرب السورية: تركيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة ودول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي وإسرائيل؛ توصّل المشاركون إلى وضع سيناريوهات من الممكن أن تطبّق على الحالة السورية خلال السنوات العشر القادمة، من أهمها:
- أن تستمر الأمور كما هي، أو مع احتمالية تقارب مناطق الشمال.
- سيناريو غزة: توجّه أميركي إسرائيلي ضد وجود إيران في سوريا- نهوض الشعب السوري.
- سيناريو توافق عربي- تركي على تقديم مبادرة لحلٍّ وسط قريب من القرار 2254 (شراكة في السلطة).
- سيناريو انتقال سياسي ما بعد الأسد ونظامه (حكم السوريين).
نوقشت تلك السيناريوهات خلال الجلسات الأخيرة من الندوة، أدارها كلّ من مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني غسان كلحوت، ومدير عام تلفزيون سوريا حمزة المصطفى الذي تحدث بدوره عن سيناريوهات أخرى من بينها: تآكل سلطة النظام وانهيار وظائف الدولة وتحول المناطق السورية إلى فيدراليات...
واختتم مدير مركز "حرمون" سمير سعيفان الندوة الحوارية بكلمة أشار فيها إلى أن السيناريوهات ستتم إعادة صياغتها ووضع فرضيات مرتبطة بها، أو ترجّحها، وبحث آثارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المجتمع السوري وعلى اللاعبين الدوليين والإقليميين، وتخصيص ورشة عمل لمناقشتها بشكل مفصّل.