انتشرت قوات من نظام الأسد في محيط بلدة القريا وقرية صما الهنيدات في ريف محافظة السويداء، في إطار خطة للسيطرة على محور الريف الغربي بالكامل، المتاخم لبصرى الشام في درعا، بحسب ما أفاد به أمين فرع السويداء لـ"حزب البعث" فوزات شقير، أمس الأحد، لصحيفة "الوطن" التابعة للنظام.
إعلان نشر قوات النظام في المنطقة يأتي كنتيجة مباشرة للاشتباكات التي وقعت الثلاثاء الفائت، بين ميليشيا "الدفاع الوطني" المدعومة من إيران بمساندة "حركة رجال الكرامة"، وبين عناصر من "اللواء الثامن" التابع لـ"الفيلق الخامس" المدعوم من روسيا، أدت إلى مقتل 15 شخصاً من الحركة والميليشيا وعنصر واحد من "اللواءالثامن" .
كما يأتي بعد أن أعلن زعيم "حركة رجال الكرامة" الشيخ أبو يحيى حسن الحجار، أن دخوله الاشتباك إلى جانب ميليشيا "الدفاع الوطني" هو "من أجل محاربة أعداء وطن حاربوا الجيش العربي السوري وقتلوا من شبابنا ولا يهمنا مع من أقاموا تسوية" في إشارة إلى روسيا". متوعداً بما سماه تقديم المساعدة والتضحية والدماء في أي مكان في السويداء.
وهذه المرة الأولى التي تشارك فيها "حركة رجال الكرامة" باشتباك مع "الفيلق الثامن" حيث أشارت في معرفاتها على "فيس بوك" أنها شاركت كمؤازرة، بعد وصول أنباء عن بدء الاشتباكات وقالت إنها أرسلت مئات من عناصرها إلى القريا للمشاركة في الاشتباكات بعد اندلاعها .
من وزع السلاح على ميليشيا "الدفا الوطني" في القريا؟
وبحسب ناشطين تحدثوا لموقع تلفزيون سوريا، فإن الاشتباك بدأته ميليشيا "الدفاع الوطني"، المدعومة من إيران وميلشيا "حزب الله"، بعد تحضيرات تواصلت طوال الأسابيع الماضية شملت توزيع السلاح على عناصر جدد من بلدة القريا تحديداً تم تدريبهم، في محاولة لتحريك فتنة بين المحافظتين.
وأوضح أحد الناشطين (تحفظ عن ذكر اسمه) أن العميد المتقاعد جواد الأطرش هو المسؤول عن توزيع الاسلحة في القطاع الجنوبي من محافظة السويداء لصالح ميلشيا "الدفاع الوطني" .
وكان العميد الأطرش انتقد دور روسيا في كلمة خلال حفل تخريج 500 مقاتل من ميلشيا "الدفاع الوطني" الشهر الفائت، وذلك بعد أيام على على حفل أقيم في مدينة بصرى الشام في درعا والمواجهة للبلدة، وتم فيه تخريج نحو 1000 شاب، والتحقوا بـ "اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة .
هكذا تم تحريك الفتنة بين القريا وبصرى الشام
الكاتب والصحفي غسان المفلح قال لموقع تلفزيون سوريا، إن هناك من طالب قوات النظام من بعض فعاليات مدنية ومسلحة في السويداء بالتدخل بعد توجيههم تساؤلات حول عدم تدخل قوات النظام وميليشيات إيران و"حزب الله" أيضاً وإحاطة القريا من جهة وبصرى من جهة ثانية.
وأشار المفلح إلى أن المسألة أساسها افتعال فتنة عملت عليها إيران والنظام، لتوريط "حركة رجال الكرامة" في الدخول في الاشتباكات، وكذلك روسيا من خلال توريط "اللواء الثامن" بالتقدم باتجاه نقاط في القريا.
الكاتب والصحفي علي عيد رأى أن نشر النظام قواته من الممكن أن يكون جاء بطلب روسي كي يكون بديلاً عن وجود مجموعات تديرها ميليشيا إيران، لمنع الصدام في المنطقة.
عيد قال لموقع تلفزيون سوريا، إن "طبيعة الوحدات التي تم نشرها يحدد الهدف منها"، موضحاً أنه إذا كانت تلك الوحدات من الفرقة الرابعة فهذا يعني أنها تتبع أن الموضوع قريب من أهداف إيران.
المحلل السياسي حافظ قرقوط قال في حديث لموقع تلفزيون سوريا، إن انتشار قوات النظام هو إحدى نتائج اشتباكات الثلاثاء الماضي، وربما هي مقدمة لأمور أوسع يوسع من خلالها النظام وجوده إذ أن الجهتين أصبحتا بحاجة لوجوده، لأن الثقة مفقودة بينهما بسبب ما حدث منذ آذار الفائت .
ورجح قرقوط أن تكون إدارة الأزمة وتهيئة الظروف لها مصدره إيران وميليشيا حزب الله أما النظام فهو يعيش على فتات ما يترك له، لكن كل من يتابع الشأن العام كان يرجح أن نصل لأن يقدم نفسه النظام كبديل لحفظ الأمن بالمنطقة .
وقال ربما نشهد تمدداً أكثر له في المنطقة، لكن ليساوم بين الروس والإيرانيين وليس لأهداف وطنية أو تتعلق بهيبة الدولة، مردفاً " الإيرانيون وحزب الله عينهم على بصرى والجميع أصبح يلعب بخلق متناقضات من أجل أن تكون الخسائر من كيس الناس وليس من كيسهم وهذا هو دور العودة ببصرى وأفرع الأمن بالسويداء".
الأستاذ الجامعي مهيب صالحة قال لموقع تلفزيون سوريا، تعليقاً على انتشار قوات النظام إن إيران والنظام يريدون فتح معركة درزية- سنية لخلط الأوراق من جديد، منتقداً تدخل "حركة رجال الكرامة" في الاشتباك الأخير.
كيف يُنظر إلى "رجال الكرامة" وميليشيا "الدفاع الوطني"؟
ينظر الأهالي إلى"حركة رجال الكرامة" على أنها الفصيل الأقرب إلى تطلعاتهم ولا سيما بعد الدور الذي لعبته في إطلاق سراح نحو 15 متظاهراً اعتقلهم النظام خلال المظاهرات التي اندلعت قبل نحو شهر في السويداء.، وتضم أعداداً كبيرة من الشبان الذين يرفضون الخدمة في قوات النظام .
ويظهر في درعا شبه إجماع من الأهالي على احتضان ودعم "اللواء الثامن" من أجل حمايتهم من إرهاب النظام وإيران وميلشياتها، من بينها أن "هذا اللواء هو من شبان المحافظة ولا يتبع النظام وأجبر النظام بدعم روسي على إطلاق سراح العشرات من المعتقلين، وأعلن كف البحث عن 3734 شخصاً من المنشقين في درعا وإنهاء قرارات حجز أملاك مئات من قادة الفصائل المعارضة السابقين"، بحسب ما نقل موقع "سناك سوري" المحلي عن رئيس اللجنة الأمنية التابعة للنظام، حسام لوقا .
وينقسم الأهالي في السويداء إزاء ميليشيا "الدفاع الوطني" نظراً لدورها في التنكيل الذي تمارسه بحقهم، وإخمادها المظاهرات واعتقال متظاهرين، وتشكلت هذه الميلشيا في العام 2012 بعيد اندلاع الثورة السورية على غرار ميليشيا الباسيج الإيرانية التي كان لها الدور الأكبر في قمع الاحتجاجات الشعبية في طهران في العام 2009. وبحسب ناشطين فقد تلقى عناصر منها تدريبات على استخدام الأسلحة في إيران في مراحل التعبئة الأولى .
ونتيجة هذه التطورات ومن بينها انتشار قوات النظام مقابل بصرى، يرجح أن يوسع النظام من وجوده في السويداء بدعم من إيران وميليشياتها، ومع عدم ممانعة "حركة رجال الكرامة" الفصيل الأكبر في السويداء بعد أن أوجد لدى عناصر الحركة وهم في غالبيتهم من رافضي الخدمة في قوات النظام ، "عدواً من خارج المحافظة" وفي مرحلة لاحقة دفع هؤلاء للقتال ضد "اللواء الثامن" . ما يعني أن الأيام القادمة مرشحة لاستكمال عناصر الفتنة التي خططت لها إيران و"حزب الله" ويرجح أن تكون برعاية روسية.