شاركت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" مقطعاً ثلاثي الأبعاد مذهلاً لأعمدة الخلق، مستندة إلى بيانات جمعتها من تلسكوبي "هابل" و"جيمس ويب" الفضائيين.
ويُعتبر هذا المقطع الأكثر شمولاً وتفصيلاً حتى الآن، حيث يُظهر الهياكل السماوية الشاهقة بدقة غير مسبوقة، مما يمنح المشاهدين فرصة فريدة لاستكشاف الأعمدة من زوايا جديدة.
وبين عالم التصوير العلمي بمعهد علوم المقاريب الفضائية، فرانك سامرز، أن التحليق الافتراضي فوق الأعمدة وعبرها يوفر رؤية ثلاثية الأبعاد، تتيح مقارنة رؤية تلسكوب "هابل" للضوء المرئي مع رؤية تلسكوب "جيمس ويب" للأشعة تحت الحمراء، مما يكشف عن تفاصيل مختلفة لهذه الأعمدة.
يُبرز المقطع القدرات الهائلة لتلسكوبي "هابل" و"جيمس ويب". يلتقط "هابل" الضوء المرئي من الأجسام ذات الحرارة المرتفعة، بينما يكشف "جيمس ويب" عن الأجسام الأكثر برودة باستخدام الأشعة تحت الحمراء، التي تخترق الغبار الكوني وتكشف عن النجوم الصغيرة المختبئة داخل الأعمدة.
وقد أشار مارك كلامبين، مدير قسم الفيزياء الفلكية في ناسا، إلى أن العلماء يجمعون الملاحظات عبر أطوال موجية مختلفة من الأشعة الكهرومغناطيسية، مما يساعدهم على تكوين فهم أعمق وأشمل للكون.
ويظهر في المقطع تفاصيل مذهلة، مثل النجوم الأولية الحديثة الولادة التي تسطع باللون الأحمر في العمود الأوسط، وتيار من المواد المنبعثة من أحد النجوم الجديدة في العمود الأيسر، كما يمكن للراغبين الحصول على بيانات ثلاثية الأبعاد لطباعة أعمدة الخلق بأنفسهم بعد التواصل مع المسؤولين للحصول على البيانات الضرورية.
"أعمدة الخلق"
في عام 1995، نجح تلسكوب "هابل" في التقاط صورة أيقونية لسديم النسر، وكشف الفلكيون حينذاك عن ثلاثة أعمدة رئيسية في منتصف السديم، أطلقوا عليها اسم "أعمدة الخلق". تمتد هذه الأعمدة إلى نحو 4-5 ملايين سنة ضوئية، وهي جزء صغير من السديم الذي يبلغ طوله 70 مليون سنة ضوئية وعرضه 55 مليون سنة ضوئية.
تتكون أعمدة الخلق أساساً من ذرات الهيدروجين والغبار الكوني، وتتعرض للتآكل بفعل الرياح الشديدة والأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من النجوم الساخنة الشابة القريبة. تحتضن هذه الأعمدة العديد من النجوم حديثة الولادة.
وأفاد غريغ بيكون، مدير الإنتاج في معهد علوم المقاريب الفضائية، بأن أعمدة الخلق كانت دائماً هدفاً رئيسياً للتصوير ثلاثي الأبعاد بفضل بنيتها الفريدة والجذابة.