أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، أمس الخميس، هبوط المركبة "برسيفرانس" بنجاح على كوكب المريخ، بعد رحلة فضائية استمرّت سبعة أشهر، وجرت عملية الهبوط التي بثت بشكل مباشر، دون أي مشكلات.
وتأخر وصول اللقطات الأولى للحظة ملامسة المركبة المريخ قرابة 11 دقيقة بسبب المسافة بين الكوكبين المريخ والأرض، وانطلقت المركبة "بيرسيفرانس" نحو المريخ من قاعدة القوات الجوية الأميركية "كيب كانافيرال" بولاية فلوريدا في 30 من حزيران 2020.
وهبطت "برسيفرانس" وتعني بالعربية (المثابرة) في حفرة "جيزيرو" على سطح المريخ، وتدشّن لمهمّة ستستمرّ عدة أعوام بحثاً عن أدلّة على حياة سابقة محتملة على الكوكب الأحمر، بعد أن نجحت المركبة في رحلتها من الوصول إلى المريخ بالوقت المتوقع بعد قطعها مسافة نحو 470 مليون كيلومتر.
اقرأ أيضاً: اليابان تكشف للعالم أول صورة قادمة مِن كويكب "ريوغو"
ونشرت ناسا الصورة على الحساب الرسمي لـ"برسفيرنس" على موقع تويتر وأرفقتها بتغريدة جاء فيها "مرحباً أيها العالم. هذه أول نظرة لي على ما سيكون منزلي إلى الأبد".
Hello, world. My first look at my forever home. #CountdownToMars pic.twitter.com/dkM9jE9I6X
— NASA's Perseverance Mars Rover (@NASAPersevere) February 18, 2021
والصورة المنشورة هي بالأبيض والأسود ظهر فيها خيال المركبة منعكساً على سطح المريخ. وبعدما دخلت المركبة الغلاف الجوي للمريخ بسرعة 20 ألف كلم/ساعة أدّى احتكاكها مع الهواء إلى رفع درجة الدرع الحراري الذي كان يحميها إلى 1300 درجة مئوية والذي لم تتخلّ عنه إلا بعد أن فُتحت مظلة الهبوط التي تتحمل سرعة تفوق سرعة الصوت.
وبرسفيرنس هي خامس مركبة تحطّ على سطح المريخ. وجميع هذه المركبات الخمس أميركية وقد حطّت أولاها في 1997، في حين لا تزال إحداها "كوريوسيتي" تتجوّل حتى اليوم على سطح الكوكب الأحمر.
لكن خلافاً للمركبات الأربع السابقة فإنّ الهدف العلني لمهمة برسفيرنس هي إيجاد آثار لحياة سابقة على الكوكب الأحمر من طريق جمع نحو ثلاثين عينةً صخرية على مدى سنوات.
اقرأ أيضاً: جيف بيزوس يتنحى عن منصبه في "أمازون" ويركز على رحلات الفضاء
وسيتعيّن نقل الأنابيب المختومة إلى الأرض عبر مهمة لاحقة في العقد المقبل، بهدف تحليلها وربما إيجاد جواب على "أحد الأسئلة التي تؤرقنا منذ قرون، وهو: هل نحن وحدنا في العالم؟"، على ما قال معاون مدير ناسا لشؤون العلوم توماس زوربوشن. وبرسيفرنس هي أضخم مركبة تُرسل إلى المريخ وأكثرها تعقيداً.
وهي صُنعت في مختبر "جت بروبلشن" الشهير في كاليفورنيا ويقرب وزنها من طن، وقد جُهزت بذراع آلية يفوق طولها المترين إضافة إلى 19 كاميرا.
وقال المسؤول المساعد في المهمة كن ويليفورد "لدينا أدلة قوية جداً على أنّ المريخ كان يضمّ حياة في ماضٍ سحيقٍ"، مضيفاً "السؤال: هل الحياة على الأرض هي بسبب خطأ ما أو ضربة حظ؟".
ومن المقرّر البدء بسحب أولى العينات هذا الصيف. ويمكن اعتماد عدة مسارات للحفر في أوساط مختلفة بينها خصوصاً النهر والبحيرة القديمة والدلتا المشكّلة من النهر الذي كان يصب فيها.
ويبحث العلماء عما يسمونه بصمات حيوية، هي آثار لحياة جرثومية "قد تتخذ أشكالاً شتى"، بينها مثلاً أشكال "كيميائية" أو "تغييرات في البيئة"، بحسب مديرة علم الأحياء الفلكي في وكالة ناسا ماري فويتك، وأبدت حماستها الكبيرة إزاء المهمة قائلة "نحن خبراء علم الأحياء الفلكي نحلم بهذه المهمة منذ عقود".
وعدّد العالم المشارك في المشروع كن فارلي الاحتمالات المتوقعة لنتائج المهمة قائلاً "إما نجد (آثار) حياة وسيكون ذلك اكتشافاً استثنائياً، أو لا يحصل ذلك، ما سيؤشر إلى أن كل البيئات القابلة للسكن ليست مأهولة"، وسيتعين تالياً البحث في مواضع أخرى.
وأشار إلى أن الأعضاء المشرفين على هذه المرحلة والبالغ عددهم نحو 450 شخصاً سيعملون في ظروف استثنائية بسبب جائحة فيروس كورونا، موضحاً أنَّ أعضاء الفريق سينفذون المهام الموكلة إليهم "من غرف جلوس منازلهم في أقطار العالم كافة".