دار سجال بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في مجلس الأمن بشأن تصويت سيجريه المجلس قد يجرّد سوريا من حقوق التصويت في "منظمة مراقبة الأسلحة الكيماوية الدولية"، حيث اتهمت موسكو الغرب بمحاولة "شيطنة دمشق"، في حين طالبت واشنطن بإرسال رسالة قوية نظام الأسد مفادها أن "استخدام الأسلحة الكيماوية له عواقب".
وجاءت التبادلات في الاجتماع الشهري لمجلس الأمن بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، والذي قالت خلاله مسؤولة نزع السلاح التابعة للأمم المتحدة، إيزومي ناكاميتسو: إن "إعلان دمشق عن مخزونها الكيماوي ومواقع إنتاج الأسلحة الكيماوية قبل ما يقرب من ثماني سنوات لا يزال غير مكتمل، مع وجود 19 قضية معلقة"، وفق ما نقلت وكالة " أسوشيتد برس".
وأوضحت ناكاميتسو أن من بين هذه المنشآت منشأة لإنتاج الأسلحة الكيماوية كان قد أعلن النظام أنها لم تستخدم أبداً في مثل هذا الإنتاج، بينما وجد فريق خبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية مؤشرات على إنتاج غاز الأعصاب أو تسليحه في المنشأة.
وأضافت أن الزيارات الميدانية التي قام بها خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في أيلول الماضي، وجدت بعض المواد الكيميائية وصفتها بـ "غير المتوقعة" في العينات التي جمعتها، مشيرة إلى أن النظام "أرسل رسالة تحتوي على شرح إضافي يجري تحليلها".
وكان محققو منظمة حظر الأسلحة الكيماوية اتهموا نظام الأسد، في نيسان من العام 2020، بالمسؤولية عن ثلاث هجمات كيماوية خلال العام 2017، وطالب المجلس التنفيذي للمنظمة النظام بتقديم تفاصيل، إلا أن النظام لم يتجاوب مع طلب المنظمة، ما دفع بالمندوب الفرنسي لإجراء مسودة مشروع قرار نيابةً عن 46 دولة في تشرين الثاني الماضي لتعليق الحقوق والامتيازات" التي يتمتع بها النظام في هيئة الرقابة العالمية التابعة للمنظمة.
موسكو تتهم المنظمة بانتهاك "مبدأ الإجماع"
وسيتم النظر في أمر مسودة مشروع القرار خلال اجتماع الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية البالغ عددها 193 دولة، الذي سيبدأ في 20 من نيسان الجاري في المقر الرئيسي للمنظمة بمدينة لاهاي الهولندية.
من جهة أخرى، ادّعى كل من نائب السفير الروسي في المنظمة، ديمتري بوليانسكي، وسفير نظام الأسد، بسام الصباغ، أن "دمشق تعارض بشدة استخدام الأسلحة الكيماوية ولا تمتلكها"، واتهم بوليانسكي المنظمة بـ "انتهاك مبدأ الإجماع وإنشاء فريق تحقيق وتحديد هوية غير شرعي، ارتكب العديد من الأخطاء في اتهام نظام الأسد باستخدام أسلحة كيماوية".
وقال نائب المندوب الروسي إنه "من المحتمل أنه وقبل ختام العرض الكبير، في وقت لاحق من هذا الشهر، فإن فريق المنظمة سيقدّم مفاجأة أخرى، وسيقدم تقريراً عن تحقيق زائف آخر، مع اتهامات ضد سلطات النظام في استنتاجاته".
وحث بوليانسكي الدول الأعضاء في المنظمة على "التصويت بلا" ضد مشروع القرار، متسائلاً أنه "إذا حرمتم سوريا من حقها في المشاركة في القرارات التي تتخذ داخل المنظمة، فما فائدة دمشق لمواصلة العمل معهم أصلاً".
وانضم نظام الأسد إلى اتفاقية الأسلحة الروسية في أيلول من العام 2013، بضغط روسي بعد هجوم النظام الكيماوي على الغوطة الشرقية في آب من العام نفسه، وبحلول آب من العام الذي يليه، أعلن النظام أن تدمير أسلحته الكيماوية قد اكتمل، إلا أن إعلان النظام الأولي عن مخزون السلاح الكيماوي ومواقع إنتاجه بقي محل نزاع بين مندوبي روسيا والنظام من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى.
واشنطن: التصويت يضع صدقيّة اتفاقية الأسلحة الكيماوية على المحكّ
من جانبها، أبلغت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة، باربرا وودوارد، مجلس الأمن أن رئيس منظمة حظر الأسلحة الكيماوية قال إن "القضايا الـ 19 العالقة تتعلق بمصير مئات الأطنان من الأسلحة الكيماوية وآلاف الذخائر، وتعتبر مؤشر لثلاث هجمات كيماوية غير معلن عنها، فضلاً عن وجود كميات غير معروفة من مخزون السلاح الكيماوي، من المرجح أن تكون كبيرة".
أما المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا جرينفيلد، فعدّت التصويت على مشروع القرار بأنه "يضع صدقيّة اتفاقية الأسلحة الكيماوية وهذا المجلس على المحكّ"، متهمة نظام الأسد بـ "تجنب المساءلة عبر عرقلة التحقيقات المستقلة، والفشل في التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية".
وأشارت إلى أن روسيا "تنشر معلومات مضللة وتهاجم نزاهة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية وعملها المهني، وتعيق الجهود لمحاسبة سوريا"، موضحة أن الفريق الذي يقيّم إعلان نظام الأسد مؤخراً اكتشف نشاطاً لتصنيع غاز الأعصاب في منشأة أخرى أعلن النظام أنها لم تنتج أو تتعامل مع أسلحة كيماوية.
وأضافت أن "الدول الأعضاء يجب أن تصوت على تعليق عضوية سوريا وإرسال رسالة قوية إلى نظام الأسد مفادها أن استخدام الأسلحة الكيماوية هو ببساطة غير مقبول وله عواقب وخيمة".
كما دعت نائبة سفير فرنسا لدى المنظمة الأممية، ناتالي برودهرست، إلى تعليق حق التصويت لنظام الأسد بهدف "إعادة التأكيد على أن استخدام الأسلحة الكيماوية أمر غير مقبول، وأن الانتهاكات المتكررة للاتفاقية لا يمكن أن تمر من دون رد".
يشار إلى أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أكد في وقت سابق من الشهر الماضي أنه "لا يمكن أن يكون هناك إفلات من العقاب، حول عدم الالتزام بالمعايير الدولية ضد استخدام الأسلحة الكيمياوية".
وأوضح بلينكن، أن نظام الأسد "استخدم مراراً وتكرراً الأسلحة الكيمياوية ضد شعبه، وفشل في التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية للكشف الكامل عن برنامج أسلحته الكيمياوية، وتدميرها بشكل يمكن التحقق منه".
وتنص المادة 21 من قرار مجلس الأمن على تجريم كل من يستخدم السلاح الكيمياوي، وفق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يجيز استخدام القوة.