يترقّب السوريون والدول الغربية جلسة مجلس الأمن، اليوم الجمعة، حيث سيصوّت المجلس على مشروع قرار بشأن تمديد تفويض إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، الذي ينتهي يوم السبت، في حين تتوقع مصادر دبلوماسية مواجهة محتملة مع روسيا.
وكانت النرويج وإيرلندا طرحتا للتصويت مشروع قرارهما الذي من شأنه أن يسمح بتمديد التسليم لمدة عام واحد عبر معبر باب الهوى إلى شمال غربي سوريا، ومعبر اليعربية إلى شمال شرقها، واعتبر مندوبا الدولتين أن "التمديد لمدة عام ضروري لضمان تدفق المساعدات"، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي مقابل ذلك، وزّعت روسيا، يوم أمس الخميس، قراراً منافساً، يسمح بتمديد التسليم من معبر باب الهوى لمدة ستة أشهر، مع توقع التجديد، وذلك رهناً بتقرير من رئيس مجلس الأمن، حيث يتحدث الأمين العام للأمم المتحدة عن "الشفافية في تسليم المساعدات، والتقدم المحرز في تسليمها مباشرة عبر خطوط التماس داخل سوريا".
وفي مؤتمر صحفي، وصف المندوب الروسي في مجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا، تسليم المساعدات عبر خطوط التماس بأنه "الخيار الشرعي الوحيد لعملية إنسانية لتقديم المساعدات"، متهماً الدول الغربية بأنها "أضاعت العام الماضي، الذي كان من الممكن استخدامه لإيجاد حل سلسل وفاعل وتوازن مثالي لمشتريات إدلب من خلال كل من باب الهوى والقنوات المحلية"، وفق تعبيره.
كما زعم أن بعض المساعدات كانت تذهب إلى "هيئة تحرير الشام"، وليس إلى المحتاجين من السوريين، مطالباً بمزيد من الشفافية في العملية عبر الحدود.
ولدى سؤاله عن سبب موافقة روسيا على التمديد لسنة واحدة العام الماضي ومعارضتها هذا العام، قال المندوب الروسي "لقد قبلنا سنة واحدة في العام الماضي، لم يحدث شيء، نحن نعرض نفس الشيء إلى حد ما، لذا فإن الأمر الآن على الجانب الآخر ليقرر"، مشيراً إلى أنه "مهما حدث، هناك قرار غداً".
وكان الاقتراح الذي تقدمت به النرويج وإيرلندا يتضمن إعادة فتح معبر اليعربية الحدودي مع العراق إلى شمال شرقي سوريا، الذي تسيطر عليه "قوات سوريا الديمقراطية"، ولكن الأسبوع الماضي وصف نيبينزيا هذه الفكرة بأنها "غير مناسبة"، ما دفع الدولتين إلى مراجعة اقتراحهما بهدف تليين" الموقف الروسي، والاكتفاء بمعبر باب الهوى.
من جانب آخر، أعرب السفير الروسي لدى واشنطن، أناتولي أنطونوف، عن ثقته بتوصل روسيا والولايات المتحدة إلى "حل وسط" بشأن آلية إيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى سوريا.
وقال أنطونوف إنه "من الصعب التنبؤ اليوم بنتيجة المناقشات في مجلس الأمن الدولي. أعلم أن هناك أفكاراً لدى كل من الولايات المتحدة وروسيا، كما ثمة أفكار لدى الدول الأعضاء في مجلس الأمن"، وفق ما نقلت عنه قناة "بلومبيرغ" الأميركية.
وأضاف "أنا واثق من أنهما سيجدان حلاً وسطاً، وآمل أن يأخذ هذا الحل بعين الاعتبار شواغل روسيا والولايات المتحدة، ومصالح الشعب السوري فيما يخص حياته واستقراره".
الاتحاد الأوروبي يحذّر
في سياق ذلك، حذّر الاتحاد الأوروبي من أن الإغلاق المحتمل للمعبر الحدودي الوحيد المتبقي الذي يمكن للمساعدات الإنسانية الدخول من خلاله إلى شمال غربي سوريا سيكون له "عواقب وخيمة على ملايين السوريين".
وحث مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات، جانيز ليناركيتش، مجلس الأمن على التصويت لتمديد وصول المساعدات الإنسانية، مضيفاً "ما زلنا نأمل بشدة أن يتم تمديد القرار عبر الحدود قبل انتهاء صلاحيته يوم السبت".
وعقب زيارته لمعبر باب الهوى أمس الخميس، قال المسؤول في الاتحاد الأوروبي إنه "إذا لم يتم تمديد التفويض، فستكون العواقب مأساوية بالنسبة لـ 3.5 ملايين سوري في شمال غربي سوريا، الذين يعتمدون كلياً على المساعدات الإنسانية" وفق ما نقلت عنه وكالة "أسوشيتد برس".
وأوضح أن الاتحاد الأوروبي "سيدعم المساعدات الإنسانية القادمة من الأجزاء التي يسيطر عليها نظام الأسد"، لكنه أكد على أنه "لا توجد بدائل قابلة للتطبيق لباب الهوى".
وأشار إلى أن القبول بالتسليم عبر خطوط التماس "لن يكون قادراً على استبدال العملية الضخمة التي تجري الآن عبر الحدود من تركيا إلى شمال غربي سوريا"، مضيفاً "هذه عملية ضخمة، يتم إرسال ما يقرب من 1000 شاحنة عبر الحدود كل شهر".
وتصل المساعدات الأممية للسوريين إما عبر الحدود (cross-border) من المعابر مع دول الجوار، أو عبر آلية "المساعدات عبر خطوط التماس (cross-line)"، ويعني ذلك وصول المساعدات للمحتاجين من منطقة سيطرة إلى أخرى، وهي الآلية التي حاولت فيها الأمم المتحدة إيصال المساعدات للمناطق المحاصرة عن طريق مناطق سيطرة النظام، والتي فشلت في كل مرة بسبب رفض النظام ووضعه العراقيل والحجج.
الاحتياجات اليوم أكبر مما كانت عليه في السابق
وعند بدء تسليم المساعدات الإنسانية في عام 2014، وافق مجلس الأمن على أربعة معابر حدودية، هي باب الهوى وباب السلامة مع تركيا، ومعبر اليعربية مع العراق، ومعبر الرمثا مع الأردن، لكن روسيا هددت باستخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن أولاً لقصر المساعدات على معبرين حدوديين في الشمال الغربي، ثم في تموز الماضي على معبر باب الهوى فقط.
وقال نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية لسوريا، مارك كاتس، إن "الاحتياجات في مناطق المعارضة في شمال غربي سوريا أكبر بكثير مما كانت عليه في عام 2014، عندما سمح مجلس الأمن لأول مرة بتقديم المساعدات عبر الحدود".
وأضاف أنه "نزح مليون شخص العام الماضي، هناك أزمة اقتصادية حادة في البلاد، ومع انتشار فيروس كورونا، ارتفعت الاحتياجات"، مشيراً إلى أن قاطني هذه المنطقة "فئة سكانية ضعيفة جداً، إنهم مدنيون محاصرون في منطقة حرب".
وأشار كاتس إلى أنه "لا شيء يمكن أن يحل محل عملية المساعدات الحالية التي تقودها الأمم المتحدة شمال غربي سوريا، فهي توفر 70 % من المساعدات الغذائية بشكل مباشر، و100 % من لقاحات كورونا، وجميع مساعدات الإغاثة، وتعبر قرابة 1000 شاحنة قادمة من تركيا شهرياً لتقديم المساعدات إلى المنطقة التي لا تزال مسرحاً للعمليات العسكرية".