عيّن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الإثنين، سفير بلاده لدى نظام الأسد "ألكسندر يفيموف"، مبعوثاً رئاسياً خاصّاً له لـ تعزيز العلاقات مع "النظام"، ما أثار تساؤلات عن الدوافع وراء ذلك خاصة وأن لبوتين مبعوثاً خاصاً إلى سوريا هو ألكسندر لافرنتيف.
واللافت في الأمر، تصريحات يفيموف في مقابلة مع صحيفة الوطن المقربة من النظام قبل 5 أيام من تعيينه في المنصب الجديد، حيث شدّد على متانة العلاقات بين النظام وروسيا وخلوّها من العيوب، في سياق ردّه على ما اعتبرها "إشاعات" تتحدث عن علاقة متوترة بين النظام وبلاده.
وأضاف المبعوث الخاص في المقابلة "إن اللاعبين المعادين لسوريا وروسيا، وبعدما فشلوا في تحقيق أهدافهم المدمرة بطريقة عسكرية، يحاولون ممارسة الضغط السياسي على دمشق وخنقها بالعقوبات الاقتصادية غير المسبوقة، وهم ما زالوا فارغي الأيدي حتى الآن، ويستخدمون جميع الوسائل الممكنة ومن بينها محاولاتهم المثيرة للشفقة لإيجاد عيوب غير موجودة في العلاقات بين روسيا وسورية، لكي يفرّقوا بين بلدينا.. لن يسمح حتى بالاقتراب من النتائج المقصودة، وبعبارة أخرى يمكن القول إن الكلاب تنبح والقافلة تسير، والعلاقات الروسية السورية هي أقوى اليوم مما كانت في أي وقت في الماضي".
وأبدى يفيموف تأييده الواضح والكبير للنظام، وهاجم الفصائل العسكرية في إدلب واتهمها بخرق وقف إطلاق النار.
وللمبعوث الخاص الجديد مواقف إيجابية بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية منذ توليه منصب السفير الروسي فوق العادة في سوريا في أواخر عام 2018، حيث أكد مراراً على ضرورة انسحاب الولايات المتحدة من سوريا وطالب النظام بفتح قنوات تواصل للتفاوض مع "أكراد سوريا"، وذلك بهدف "إيجاد حلول مقبولة بشكل متبادل لاستعادة سيادة الجمهورية العربية السورية، مع مراعاة مصالح جميع الجماعات العرقية والدينية التي تقطن هذه المنطقة".
مَن هو ألكسندر يفيموف؟
ألكسندر يفيموف الذي يكمل غداً عامة الـ 61، وُلد في موسكو عام 1958 وتخرج من معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية التابع لوزارة الشؤون الخارجية في الاتحاد الروسي عام 1980.
وبحكم أنه يجيد اللغتين العربية والإنجليزية، عمل في مناصب مختلفة في الجهاز المركزي لوزارة الخارجية في العراق وسوريا وليبيا حتى عام 2004، ليصبح مستشاراً مبعوثا للسفارة الروسية في الأردن لغاية عام 2008، ومن ثم شغل منصب رئيس قسم إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية الروسية بين العامين 2008 و 2010، ومن ثم شغل منصب نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية الروسية بين العامين 2010 و2013.
وفي نيسان 2013 تم تعيين يفيموف سفير روسيا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك حتى تشرين الأول 2018، ليتم نقله إلى سوريا بموجب مرسوم من فلاديمير بوتين وتعيينه "سفيراً فوق العادة"، ويوم أمس تسلّم منصباً جديداً كممثل رئاسي خاص لتعزيز العلاقات مع سوريا.
سفير فوق العادة
"السفير فوق العادة والمفوض"، هي مرتبة دبلوماسية أعلى في مرتبة سفير وتُمنح للسفراء المكلفين بتنفيذ مهام خاصة لبلادهم لدى بلدان أخرى، ما يزيد من صلاحياته ويسهل من البروتوكولات والآليات المتبعة لتنفيذ هذه المهام، وإبرام الاتفاقيات باسم دولته.
وبالتالي فإن تعيينه ممثلاً رئاسياً خاصاً لتعزيز العلاقات مع سوريا، يعني توسيعاً كبيراً للصلاحيات الواسعة أساساً، لتنفيذ استراتيجيات بلاده في سوريا، وتحقيق أهداف محددة ستظهر لاحقاً بشكل أوضح.
وبذلك أصبح بإمكان يفيموف الاتصال بشكل مباشر مع كل من رأس النظام في سوريا ورئيسه بوتين بشكل مباشر، دون الحاجة للمرور بقنوات التواصل عبر وزارتي خارجية البلدين.
الدوافع وراء هذه الخطوة
وفي محاولة توقّع الدوافع وراء هذه الخطوة من قبل بوتين، فيمكن الرجوع إلى مقابلته مع صحيفة الوطن والتي تم تأت صدفة قبل أيام من تعيينه، حيث ركّز يفيموف على "أهمية التعاون الاقتصادي بين موسكو ودمشق الذي يتطور رغم الضغط الشديد والمتزايد على البلدين من خلال العقوبات الأجنبية".
وتطرق في حديثه إلى المشاريع التي تنفذ حالياً من الشركات الروسية في سوريا، مثل تطوير الجزء المدني لمرفأ طرطوس وتحديث مصنع للأسمدة المعدنية في حمص، وإعادة تأهيل عدد من حقول النفط والغاز والمعامل الخاصة بها.
ويبدو أن روسيا تسارع الخطى لتدارك الاقتصاد السوري المنهار بشكل متسارع، وتحاول إنجاز أهداف محددة في سوريا وإعادة تركيب الاقتصاد السوري بطريقة تأمل موسكو أنها ستكون قادرة على مواجهة العقوبات الأجنبية وتداعيات قانون قيصر الذي يقترب موعد دخوله حيز التنفيذ، وفي هذا السياق يجب النظر إلى الأزمة الحاصلة بين الأسد ومخلوف، ومطالبات النظام بدفع الأخير مبالغ طائلة لخزينة النظام.
ناشطون ومحللون سياسيون رأوا أن تعيين ألكسندر يفيموف مبعوثاً خاصاً لبوتين لتعزيز العلاقات مع سوريا، هو بمثابة هيمنة روسية إضافية على النظام وأنه بمثابة الحاكم الروسي لسوريا، في حين أشار البعض إلى أن هذه الخطوة تؤكد على تمسك موسكو بنظام الأسد بعد الأنباء والتقارير التي تم تداولها مؤخراً بأن العلاقات بين البلدين متوترة وأن موسكو قد تتخلى عن الأسد وتستبدله، خاصة بعد مهاجمة وسائل الإعلام الروسية لبشار الأسد ونظامه.