ملخص:
- أسهم تقبل المصريين ودعمهم للسوريين في خلق اندماج اجتماعي وثقافي بين المجتمعين، ما جعل السوريين يشعرون بأنهم جزء من المجتمع المصري.
- برزت المأكولات كأحد عوامل التقارب، حيث قدم السوريون أطباقهم التقليدية التي لاقت إقبالاً واسعاً، وتبنى بعضهم الأطباق المصرية كالفول والطعمية.
- ساعدت الموسيقا المصرية، وخاصة الشعبية، في تأثر السوريين، وظهرت عروض تجمع بين الأغاني المصرية والسورية لتعزيز الروابط.
- شارك السوريون في الاحتفالات المصرية مثل "شم النسيم"، واعتمد بعضهم عادات مصرية في الأعراس والمناسبات.
- ساهم هذا الاندماج في تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية متينة بين السوريين والمصريين.
أسهمت كثافة وجود السوريين في مصر بعد الحرب وتلقيهم تقبلاً ومعاملة توصف بأنها أفضل من غيرها في دول الجوار التي لجأ إليها السوريون خلال العقد الأخير، في خلق اندماجا اجتماعيا وثقافيا ما جعل السوريين يشعرون بأنهم جزء من المجتمع المصري.
وكان أبرز عناصر الاندماج، المأكولات والموسيقا والعادات الاجتماعية، هذا التبادل الثقافي انعكس على حياة السوريين في مصر، وتأثرت عاداتهم اليومية بثقافة البلد المضيف.
ويعود السبب الأهم إلى دور الشعب المصري في تحقيق هذا الاندماج من خلال ترحيبه ودعمه للسوريين في جوانب مختلفة، منها دعم مشروعاتهم، وخلق بيئة حاضنة لهم عبر السنوات.
أطباق مصرية على "السفرة" السورية
فضلاً عن العلاقات التاريخية، لعب الطعام دورا بارزا في اندماج السوريين داخل المجتمع المصري، وأدخل السوريون مطبخهم التقليدي إلى مصر، ولاقى إقبالا واسعا، كما عزز الطعام الترابط بين الشعبين، وأفسح المجال أمام الصداقات والتعارف بين الجيران.
أبدى المصريون اهتماما كبيرا بأصناف الطعام السورية المختلفة، من الوجبات السريعة كالشاورما والبروستد، إلى الأكلات المنزلية المشهورة كالكبة وورق العنب والأوزي (رز مع البازلاء واللحم).
من ناحية أخرى، تبنى السوريون بعض الأطباق المصرية، وأدخلوها على موائدهم اليومية، منها الفول والفلافل المصرية (الطعمية) التي أصبحت جزءا من وجبة الإفطار لبعض العائلات السورية.
لم يأت هذا التقارب على مستوى "السفرة" (الطعام) إلا نتيجة للتقارب والاندماج والاحتضان والعلاقات الوطيدة بين الجيران والأصدقاء المصريين والسوريين، الذين تعرفوا على الأكلات المنزلية مثل المحاشي، والحواوشي (رغيف خبز باللحم) والمشويات التي يشتهر فيها البلد المضيف.
تقول هيفاء حسن، سورية مقيمة في مصر، في كل أسبوع يوجد يوم نأكل فيه الفول والطعمية على الإفطار، وتشير إلى أنها تجتمع مع جاراتها المصريات أسبوعيا لإعداد أطباق مختلفة سورية ومصرية وتبادل الوصفات باستمرار.
كما تأثر السوريون بالحلويات الشرقية المصرية، والكنافة التي تعد بطرق مختلفة، وبعتبر الوقت الأمثل لها خلال شهر رمضان المبارك، وأدخلوها في مناسباتهم المختلفة.
مأكولات سورية على المائدة المصرية
بينما تزايد الإقبال المصري على الحلويات السورية، والتي أخذت مكانا على موائد المصريين، وكان منها المعمول والنابلسية وحلاوة الجبن وغيرها، وساعد على انتشارها افتتاح محال حلويات في جميع المحافظات المصرية.
الموسيقا لغة الشعوب
من الجوانب التي تأثر بها السوريون في مصر وخصوصا فئة الشباب هي الموسيقا المصرية، والتي باتت جزءا من حياتهم وثقافتهم.
واستلهم السوريون في مصر من الموسيقا الشعبية المصرية، ودمجوها بموسيقاهم مما شكل مزيجا مميزا، كما نجد أن السوريين في بعض المناسبات يحتفلون على أنغام الأغاني الشعبية إلى جانب أغانيهم التراثية السورية.
وكانت الموسيقا والأغاني المصرية الأصيلة حاضرة في ذاكرة السوريين على مر الزمان، وازداد حبهم لها وفهمهم لمعانيها عندما هاجروا إلى مصر، أمثال أغاني أم كلثوم وعبد الحليم وشادية والأغنيات التي توصف الحياة في مصر.
وبالنسبة للأغاني والموسيقا السورية، تأثر بعض المصريين بالقدود الحلبية وأغاني الطرب، وذلك عبر ترديدها باستمرار في المطاعم والمحال السورية.
كما يشارك مطربون سوريون في حفلات تقام داخل المطاعم أو الأعراس السورية التي يوجد فيها عدد كبير من المصريين مما جعل الأغنيات التراثية معروفة ومحببة لديهم.
وبدأت بعض الفرق بتقديم عروض تضم أغاني مصرية وسورية معا، مما يعزز الإحساس المشترك، ويخلق بيئة فنية مشتركة.
العادات الإجتماعية
أثرت العادات الاجتماعية على حياة السوريين في مصر، وتشارك المجتمع السوري في الاحتفالات والأعياد والمناسبات العامة مع المجتمع المصري.
كما يلاحظ أن بعض العائلات السورية تحتفل بأعياد مصرية متل " شم النسيم" وتشارك في احتفالات وطنية، بالإضافة إلى أن بعض العائلات أصبحت تنظم الأعراس والمناسبات على الطريقة المصرية، من حيث الأغاني والرقصات والأطعمة المقدمة في الاحتفالات.
كما تختلف عادات الاحتفال بالأعياد الدينية، ويحافظ السوريون إلى الآن على طرق الاحتفال حيث يقدمون الحلويات في العيدين، أما بالنسبة للمصريين في عيد الأضحى هو " عيد اللحوم" واقتبس بعض السوريون هذه العادة حيث تؤكل اللحوم في هذا العيد بجانب تقديم حلويات.
يقول عبد الخالق محمود (39 عاما) سوري مقيم في مصر، بحكم اختلاطنا مع المصريين في العمل والدراسة والمنزل، فإن عاداتهم لفتت نظرنا، فأصبحنا نأكل اللحوم في الأعياد ونشارك في موائد الرحمن وغيرها.
الأثر الاجتماعي والاقتصادي
عبر جوانب مختلفة، نشأ بين السوريين والمصريين نوع من التواصل والتفاهم، فصار السوريون يشعرون بأنهم جزء من المجتمع المصري، واستطاع المصريون التعرف على ثقافة السوريين بشكل أكبر.
أدى هذه الاندماج إلى تقوية الروابط الاجتماعية بين المجتمعين، حيث تكونت العديد من الصداقات وأصبحوا يدعمون بعضهم البعض في مناسباتهم السعيدة والحزينة.
كما ساهم الاندماج الثقافي في تحسين الاقتصاد بشكل غير مباشر، إذ أنشأ العديد من السوريين مشاريع صغيرة في مجالات عديدة، وضمت المشاريع مصريين أيضا مما أمن فرص عمل جديدة.
ويعد دور المصريين في الاندماج محوري، من خلال ترحيبهم بالسوريين في جوانب حياتية مختلفة، مثل التقبل والترحيب، ودعم المشاريع السورية المتنوعة وغيرها.