الملخص:
- يواجه طالبو اللجوء القادمون من سوريا رحلة هجرة مزدوجة محفوفة بالمخاطر تبدأ من الداخل السوري وصولاً إلى ليبيا ومن ثم إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.
- تبدأ رحلة طالبي اللجوء السوريين، بالتواصل مع مهربين عبر الهاتف، لتأمين نقلهم من سوريا إلى ليبيا، لكي يبحروا بعدها عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، حيث يتم التفاوض على تفاصيل الرحلة، وبموافقة الشخص، يتم توفير جواز سفره وتحديد مكان لتسليم المبلغ المتفق عليه.
- يضطر السوريون بمساعدة المهربين، وبعد وصولهم إلى ليبيا إلى الانطلاق برحلة عبر البحر المتوسط نحو أوروبا، على الرغم من المخاطر الكبيرة التي قد يواجهونها على الطريق، والمراكب غير الآمنة التي تقلهم، وعدم توفر متطلبات الأمان والراحة الأساسية كالطعام والماء، ومعرفتهم المسبقة بأن هذا الطريق هو "أخطر طريق هجرة" في العالم.
- طالبو اللجوء يعتبرونها فرصة للهروب من الصراعات وبناء حياة أفضل لأنفسهم وأسرهم في أوروبا.
يواجه طالبو اللجوء القادمون من سوريا، هجرة مزدوجة محفوفة بالمخاطر تبدأ من الداخل السوري وصولاً إلى ليبيا ومن ثم إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.
وبحسب وكالة خفر السواحل والحدود الأوروبية "فرونتيكس"، فإن عدد الواصلين عبر البحر المتوسط (الأوسط) إلى الشواطئ الأوروبية، ارتفع إلى أكثر من الضعف (+115 في المئة) خلال فترة الأشهر السبعة الفائتة، حيث ما يزال هذا المسار يحتل مسار الهجرة الرئيسي إلى الاتحاد الأوروبي.
تبدأ رحلة طالبي اللجوء السوريين، وفقاً لوكالة "فرانس برس"، بالتواصل مع مهربين عبر الهاتف، لتأمين نقلهم من سوريا إلى ليبيا، لكي يبحروا بعدها عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، حيث يتم التفاوض على تفاصيل الرحلة، وبموافقة الشخص، يتم توفير جواز سفره وتحديد مكان لتسليم المبلغ المتفق عليه.
وحول وصول طالبي اللجوء للمهربين يأتي دور بعض مكاتب السفر المنتشرة في محافظة درعا التي تخضع لسيطرة النظام، حيث تقدم عروضاً لطالبي اللجوء عبر تطبيق "واتساب"، تتضمن كلفة الرحلة بما في ذلك التأمين وتذكرة السفر والإقامة في ليبيا وتكاليف الإبحار إلى إيطاليا.
ويضطر السوريون بمساعدة المهربين، وبعد وصولهم إلى ليبيا للانطلاق برحلة عبر البحر المتوسط نحو أوروبا، على الرغم من المخاطر الكبيرة التي قد يواجهونها على الطريق، والمراكب غير الآمنة التي تقلهم، وعدم توفر متطلبات الأمان والراحة الأساسية كالطعام والماء، ومعرفتهم المسبقة بأن هذا الطريق هو "أخطر طريق هجرة" في العالم.
إلا أنه وعلى الرغم من هذه المخاطر إلا أن طالبي اللجوء يعتبرونها فرصة للهروب من الصراعات وبناء حياة أفضل لأنفسهم وأسرهم في أوروبا.
انتحلت الوكالة الفرنسية، صفة طالب لجوء وتواصلت مع أحد المكاتب في درعا عبر تطبيق "واتساب"، حيث وصلها عرض من المكتب مقابل 6500 دولار، يتضمن تأمين موافقة أمنية ليبية، وتذكرة سفر، واستقبالا ونقلا في ليبيا، وإقامة في فندق أو شقق مفروشة، فضلاً عن سترة نجاة وكلفة الإبحار إلى إيطاليا.
وأكد مقدِّم العرض أن المنامة لن تكون في مستودع أو مخزن، وأنّ بإمكان المسافر الاحتفاظ بحقيبته وهاتفه الخلوي، وهما أمران يُجمع طالبو لجوء على أنه لا يتم الالتزام بهما.
طريق السفر إلى ليبيا
يقول أحد المهرّبين لوكالة "فرانس برس" إن نشاطه بدأ قبل نحو خمس سنوات، متابعاً: "في العام الأول، أخرجنا مجموعة واحدة، أما الآن فنخرج مجموعة كل شهر"، "تبيع الناس منازلها للمغادرة".
وحول آلية الخروج من سوريا أضاف: يتم حجز تذاكر السفر وتنظّم عملية الدفع لدى طرف ثالث، وتكون أحياناً، شركة "صيرفة" تتقاضى عمولة، حيث ينصّ الاتفاق أن يتسلّم المهرب المال بعد بلوغ طالبي اللجوء وجهتهم.
"أجنحة الشام" تقل طالبي اللجوء إلى ليبيا
يصل بعض طالبو اللجوء إلى شرق ليبيا عبر رحلات جوية مباشرة بين دمشق وبنغازي أو العبور إلى لبنان والسفر عبر شركات طيران مختلفة في رحلات تتخلّلها عدة محطات ترانزيت.
ومن دمشق، يقول مدير تطوير الأعمال والعلاقات في شركة "أجنحة الشام" أسامة ساطع: "على غرار شركات السفر حول العالم، "عملية نقل السوريين ليس هدفها بالتأكيد المساهمة في التهريب أو الهجرة"، ويتابع: "لسنا شرطياً يكشف نوايا المغادر إلى ليبيا وما إذا كان هدفه العمل أو الزيارة أو الهروب".
وتعرضت أجنحة الشام في 2021 لعقوبات من الاتحاد الأوروبي بتهمة نقل مهاجرين إلى بيلاروس اعتبرتها "مجحفة"، قبل أن يُصار إلى رفعها لاحقاً.
المرحلة الثانية.. إجراءات الوصول إلى ليبيا
ليبيا المقسمة بين غرب وشرق يصلها طالبو اللجوء السوريون عبر مدخلين رئيسيين: بنغازي شرقا، أبرز مدن معسكر المشير خليفة حفتر الذي تربطه علاقات مع النظام السوري، أو طرابلس (غربا) حيث الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة وتعدّ تركيا من داعميها.
وقال أحد المهرّبين الذين تواصلت معه الوكالة الفرنسية: "شريكي في ليبيا مكلّف بالحصول على الموافقات (الأمنية) والاهتمام بالمجموعة بعد وصولها، وتأمين المركب" إلى أوروبا، "في ليبيا، كما في سوريا، الدفع للقوى الأمنية يسهّل أمورك"، نحن "نتعامل مع عنصر أمن يصدر الموافقة بكبسة زر".
وأكدت "فرانس برس" اطلاعها على موافقة أمنية صادرة عن "منظومة الموافقات الأمنية - هيئة الاستثمار العسكري" وتحمل شعار "القوات المسلحة العربية الليبية" وتضم أكثر من ثمانين اسماً لسوريين وصلوا مؤخراً إلى مطار "بنينا" قرب بنغازي، حيث يستقبلهم "مندوب عن المهرّب يكون أحياناً عنصر أمن".
في ليبيا يتم الاستهتار بأرواح طالبي اللجوء
يقول عمر (23 عاماً) الموجود حالياً في ألمانيا لوكالة "فرانس برس"، إنه استدان ثمانية آلاف دولار للهجرة من درعا عبر شرق ليبيا إلى أوروبا، وتابع: "كنت على عجلة من أمري لأغادر درعا".
وفي ليبيا أضاف: "تعرّضنا للإهانة والضرب فضلاً عن الاستهتار بأرواحنا" من جانب المسلّحين الذين كانوا يعملون مع المهرّب، حيث أمضينا أسبوعين مع مئتي شخص في مخزن لم نأكل خلاله إلا قليلاً من الأرز والخبز والجبنة.
ويضيف: "حين حان وقت المغادرة، أجبرنا نحو عشرين مسلحاً على الركض لمسافة طويلة بين المخزن والشاطئ في منطقة صحراوية بينما كانوا يضربوننا بأعقاب بنادقهم"، ويتابع: "وصلت إلى الشاطئ منهكاً"، قبل أن ننطلق في رحلة "مرعبة" عبر البحر.
ويؤكد: "رأيت أطفالاً يبحثون عن آبائهم، وأشخاصاً يصرخون ويقعون أرضاً.. كثر لم يتمكنوا حتى من بلوغ المركب المطاطي".
الطريق إلى أوروبا عبر تركيا
العديد من طالبي اللجوء يجدون أنفسهم مجبرين على التسلّل إلى تركيا، بسبب إقامتهم في شمالي سوريا، لجعلها نقطة انطلاق إلى أوروبا، إلا أنه وعلى الرغم من التشديد الذي وضعته أنقرة تجاه هذا الطريق إلا أن مسؤولاً في فصيل نافذ طلب عدم ذكر اسمه للوكالة، كشف كيفية نقل الراغبين بالوصول إلى أوروبا ويضيف: "تخرج الغالبية من مخيمات النازحين المنتشرة على الحدود في إدلب وشمالي حلب حيث يعيش سكانها في ظل أوضاع معيشية مزرية، قبل نقلهم إلى تركيا حيث يسافرون من أضنة أو إسطنبول إلى طرابلس".
ويتابع: "قرب طرابلس، ينتظر طالبو اللجوء لأسبوعين في مخيمات قبل إخراجهم منها وربطهم بمهربين يطلبون ألفي دولار مقابل الإبحار إلى إيطاليا".
الاعتداء على كل من يرغب بالعدول عن الوصول إلى أوروبا
يذكر أحد الناجين (23 عاما) للوكالة الفرنسية، تفاصيل سبقت غرق مركبه في حزيران الفائت قبالة سواحل اليونان: "رأينا كلّ الأمور البشعة في الرحلة منذ بدايتها حتى نهايتها على متن قارب فاقد للتوازن وقد بدأت منذ اللحظات الأولى للرحلة".
ويتابع الشاب المهاجر من مدينة عين العرب "كوباني" الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، "أردت إلغاء الرحلة، لكن المهربين ضربوا كلّ من رغب بالعودة".. "كنت أعلم أن ثمة مخاطرة، لكن لم أتوقعها بهذا الشكل، في اليوم الخامس بدأنا نشرب من مياه البحر".
ووفق منظمة الهجرة الدولية، قتل خلال العام الجاري وحده، قتل 1800 مهاجر من عدة جنسيات في وسط البحر المتوسط، في حين تؤكد المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، وصول أكثر من تسعين ألفاً إلى إيطاليا، وقد انطلق معظمهم من ليبيا وتونس المجاورة.