التقطت صور مأساوية في أثناء إنقاذ أكثر من 60 مهاجراً بينهم سوريين، على أمل الوصول إلى بر الأمان في أوروبا، إلا أن مركبهم تعرض لمشكلة وغرق في البحر المتوسط ليل يوم السبت في الوقت الذي هرع فيه فريق إنقاذ من منظمة "أطباء بلا حدود" لإنقاذ المهاجرين وأغلبهم من النساء والأطفال.
تظهر الصور أطفالاً رضعاً تمسكوا بأمهاتهم وأطفالاً خائفين بعدما تكدس الجميع وسط مركب في وقت جلس فيه شبان عند زوايا مركب صغير أوشك على الغرق وسط الأمواج العاتية بالقرب من ليبيا.
لايبدو بأن أياً من ركاب هذا المركب كان يرتدي سترة نجاة، بل إن معظمهم كان يرتدي ملابس خفيفة على الرغم من انخفاض درجات الحرارة ليلاً في عرض البحر.
بدأ أحد طرفي المركب بالغرق في البحر في الوقت الذي حاول فيه المهاجرون جاهدين الابتعاد عن الماء والتلويح للمنقذين طلباً للمساعدة، ما دفع فريق الإنقاذ لرمي ستر النجاة لهم على الفور.
بعد ذلك أخذ المركب ينقلب حاملاً معه ما تبقى من المهاجرين نحو المياه الباردة، في الوقت الذي رمى فيه المنقذون العشرات من معدات تساعد الغرقى على أن يطفوا على سطح الماء وذلك بهدف إنقاذهم قبل سحبهم إلى قوارب النجاة.
حالات الغرق
في الوقت الذي تمكن فيه الفريق من إنقاذ جميع المهاجرين البالغ عددهم ستين، لم يحالف الحظ الباقين الذين غرقوا في البحر المتوسط خلال الأسبوع الماضي.
إذ يوم الخميس الماضي، أعلنت منظمة إنقاذ خيرية واسمها SOS Mediterranee بأن 60 شخصاً يعتقد أنهم غرقوا بعدما استقلوا مركباً حمل مهاجرين بغية عبور البحر المتوسط من ليبيا إلى إيطاليا أو مالطا.
وقد أنقذت تلك المنظمة 25 شخصاً وضعهم صعب للغاية وذلك بالتنسيق مع خفر السواحل الإيطالي يوم الأربعاء الماضي، وجرى نقل شخصين فاقدين للوعي على متن طائرة إلى جزيرة صقلية التي تبعد مسافة 96 كيلومتراً شمالاً.
في حين عانى 23 مهاجراً آخرين من وضع عصيب فقد كانوا منهكين ومصابين بالجفاف وبحروق بسبب الوقود الذي كان موجوداً على متن المركب، وذكر الناجون بأن أكثر من ستين شخصاً كانوا معهم عندما انطلقوا من ليبيا قبل أكثر من أسبوع لكنهم ماتوا على الطريق، ولهذا نشرت منظمة SOS Mediterranee عبر منصة إكس: "غادر الناجون من الزاوية بليبيا قبل سبعة أيام من إنقاذهم، ثم تعطل المحرك بعد مرور ثلاثة أيام على بدء رحلتهم، فتاه مركبهم وسط البحر وحرموا من الماء والطعام لأيام، وذكر الناجون بأن 60 شخصاً على الأقل ماتوا على الطريق، بينهم نساء وطفل واحد على الأقل".
وأعلن الناطق الرسمي باسم هذه المنظمة بأن الناجين يعيشون حالة صدمة ولا يمكنهم تقديم إفادة كاملة حول ما جرى خلال تلك الرحلة، وأضاف بأن عدد المفقودين ومن يعتقد أنهم أضحوا في عداد الموتى لا يمكن تأكيده، ولم يعلق خفر السواحل الإيطالي على ما أعلنه هذا الناطق.
مرافئ بعيدة
أعلنت منظمة الهجرة الدولية بأنها تحس بكرب شديد بسبب ما ورد في هذا التقرير وأضافت: "لابد من اتخاذ إجراء فوري لتعزيز الدوريات البحرية ولمنع حدوث مآس أخرى".
وأعلنت منظمة SOS Mediterranee بأنها انتشلت 113 شخصاً آخرين بينهم طفلان، وذلك في أثناء وجودهم على متن مركب خشبي، كما انتشلت 88 شخصاً من مركب مطاطي مزدحم، وذلك في عملتي إنقاذ نفذتهما يومي الأربعاء والخميس، وذكرت بأنها وردتها تعليمات بالإبحار إلى ميناء أنكونا الإيطالي المطل على البحر الأدرياتيكي، والذي يبعد مسافة 1609 كيلومترات، بيد أن المنظمة طلبت تأمين ميناء أقرب لتنزل إلى هناك وذلك بسبب الوضع السيئ للمهاجرين بما أن بعضهم احتاج لأقنعة أوكسجين.
فيما أعلن طاقم سفينة أوشن فايكينغ الخيرية الأوروبية يوم الجمعة الماضي عن إنقاذه لـ135 مهاجراً آخرين بينهم امرأة حامل وثمانية أطفال، وذلك بعد سفرهم على متن قارب مؤلف من طابقين ووصوله إلى المياه الإقليمية لمالطا حيث تمت عملية البحث والإنقاذ.
وعموماً، فإن المركب الذي أرسلته منظمة SOS Mediterranee حمل 359 ناجياً إثر تحطم سفينتهم، وأضافت المنظمة بأن مركبها كان من المفترض أن يرسو في ميناء أنكونا الواقع بإقليم مارشي بوسط إيطاليا، إلا أن المنظمة نشرت على منصة إكس المنشور الآتي: "كان من الأجدر عدم فرض عملية إبحار طويلة على أشخاص جرى إنقاذهم من البحر".
يعتبر طريق وسط البحر المتوسط من أصعب طرق الهجرة وأخطرها في العالم، إذ بحسب ما أوردته منظمة الهجرة العالمية فإن 2500 مهاجر أصبحوا في عداد الموتى أو المفقودين في أثناء محاولتهم العبور خلال العام الفائت، وهنالك 226 شخصاً أصبحوا في عداد الموتى أو المفقودين منذ بداية عام 2024.
تعتمد المنظمات الإنسانية عادة على روايات الناجين لحساب أعداد الموتى والمفقودين في البحر، وهؤلاء يعتقد أنهم فارقوا الحياة هم أيضاً.
فيما ذكرت المنظمة الدولية للهجرة بأن 227 شخصاً لقوا حتفهم على طريق وسط المتوسط الخطير خلال هذا العام حتى 11 من الشهر الجاري، من دون أن تحتسب الأعداد الجديدة للمفقودين الذين يعتقد أنهم لاقوا حتفهم هم أيضاً، ما يعني أن مجمل عدد الوفيات في البحر المتوسط منذ الأول من كانون الثاني وحتى الآن قد وصل إلى 279 شخصاً.
إيطاليا تعرقل عمليات الإنقاذ
وتشتكي المنظمات الخيرية من الحكومة اليمينية الإيطالية التي تعيق عمليات الإنقاذ التي تنفذها تلك المنظمات، إذ تجبرها على السفر والرسو في موانئ بعيدة لتنزل المهاجرين وغالباً ما يجري احتجاز تلك السفن التابعة للمنظمات الخيرية.
فمنذ فترة قريبة طالبت روما السفن بالرسو بعد كل عملية إنقاذ، وعاقبت المنظمات التي نفذت عمليات إنقاذ أخرى عبر احتجاز سفنها في الميناء لمدة وصلت في بعض المرات لعشرين يوماً، وقد تعرضت سفينة أوشن فايكينغ لثلاث عمليات احتجاز خلال ثلاثة أشهر، كان آخرها من 8 شباط إلى أن أمر القاضي برفع الحجز بعد مرور عشرة أيام.
تحاول إيطاليا وغيرها من حكومات دول الاتحاد الأوروبي خفض عدد المهاجرين القادمين بحراً من شمالي إفريقيا، ولذلك عرضت المال والمعدات على ليبيا وتونس لمنع انطلاق المهاجرين من سواحلهما.
وسجلت البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية وصول 5968 مهاجراً عبر البحر إلى إيطاليا حتى تاريخ اليوم من هذا العام، أي بنسبة انخفاض عن الأعداد التي وصلت إلى إيطاليا خلال الفترة ذاتها من عام 2023 وذلك عندما بلغ عدد الواصلين 19937 مهاجراً.
المصدر: Daily Mail