تلقّى تنظيم الدولة ضربة موجعة بمقتل خليفة "البغدادي" المدعو "أمير محمد عبد الرحمن المولى" الملقب بـ "أبي إبراهيم القرشي"، في عملية لقوة أميركية نفذت إنزالاً جوياً شمالي محافظة إدلب في الثالث من شباط/ فبراير 2022.
عملية تصفية "القرشي" جاءت في مرحلة دقيقة، يسعى فيها تنظيم داعش إلى تطوير عملياته التي اتخذت شكل الهجمات المباغتة الدفاعية منذ أواخر عام 2019 حتى مطلع عام 2022، ليتحوّل باتجاه العمليات النوعية الهادفة لرفد التنظيم بالعنصر البشري والكوادر العسكرية المتمرسة، وتجسّد هذا في هجومه على سجن "غويران" في الحسكة آواخر شهر كانون الثاني/ يناير 2022، بهدف إطلاق سراح المسجونين.
"القرشي" هو الرجل الأهم ضمن تيار المؤسسين المنحدرين من العراق، الذي حمل على عاتقه مهمة استمرار تنظيم داعش بعد فقدانه لمساحات واسعة من الجغرافية السورية ومحافظته على جيوب في البادية، ثم مقتل قائده الأول "أبو بكر البغدادي".
نزيف مستمر في قيادة الصف الأول
يعاني تنظيم داعش من نزيف مستمر في قيادة الصف الأول، منذ مقتل زعيمه السابق "أبو بكر البغدادي" في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
ومن الضربات التي تلقاها التنظيم في وقت سابق، اعتقال "سامي جاسم الجبوري"، نائب "أبو بكر البغدادي والمتحكم بالشؤون المالية العامة، حيث أعلنت قوات الأمن العراقية إلقاء القبض عليه في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 في عملية خارج الحدود، على الأرجح أنها جرت بمشاركة من الاستخبارات التركية.
"الجبوري" الملقب أيضاً بـ "حجي حميد"، بالإضافة إلى تحكمه بالشؤون المالية، هو رئيس اللجنة المنتدبة أو "لجنة التفويض"، التي تضم إلى جانب الرئيس أربعة أعضاء آخرين، وتعتبر خلية التخطيط للشؤون الإدارية والعسكرية والمالية، وهي منتدبة عن زعيم التنظيم ومخولة باتخاذ القرارات، بما فيها تسمية قادة "الولايات الأمنية" والقطاعات، أي إنها فعلياً هي السلطة التنفيذية المعنية بممارسة أعمال القائد، الذي تحول بدوره إلى رمز يجري الالتفاف حوله.
ويمتلك "الجبوري" قاعدة بيانات واسعة عن أماكن تخزين الأموال في الولايات المختلفة، ويدير شبكة تحويلات مالية سوداء، وله تواصل مع مختلف قادة القطاعات والولايات، ومن غير المستبعد أن يكون قد أدلى بمعلومات ساعدت على تنفيذ عملية تصفية زعيم التنظيم "أبو إبراهيم القرشي".
وفي كانون الثاني/ يناير 2021، تمكنت قوات الأمن العراقية مسنودة من التحالف الدولي من قتل أحد قادة الصف الأول، والمحسوبين على الجيل المؤسس لـ "داعش"، ويدعى "جبار سلمان علي العيساوي" الملقب بـ "أبي ياسر العيساوي"، الذي كان يشغل منصب والي العراق العام عند مقتله.
🟣الارهابي جبار سلمان علي فرحان هراط العيساوي
— شبكة الراصد الاخبارية (@SAlhakika2018) January 29, 2021
الذي قتل على يد القوات العراقية المسلحة وهو في منصب "نائب خليفة داعش". pic.twitter.com/R0Hj2L9TzB
واغتالت طائرة للتحالف الدولي عضو اللجنة المنتدبة أو لجنة التفويض "معتز نعمان عبد النايف الجبوري، ولقبه "حجي تيسير"، وجرى استهدافه في محافظة دير الزور السورية شهر أيار/ مايو 2020.
ويصنف "حجي تيسير" بأنه الرجل الثالث في تنظيم داعش خلف "أبو إبراهيم القرشي" زعيم التنظيم، و "سامي جاسم الجبوري" رئيس اللجنة المنتدبة.
أبرز القيادات المتبقية من الجيل المؤسس
ما تزال هناك مجموعة قيادية لتنظيم داعش، من المحسوبين على الجيل المؤسس، متوارية عن الأنظار على الأراضي العراقية والسورية، وهي مرشحة لخلافة الزعيم المقتول "أبو إبراهيم القرشي".
ويأتي في رأس قائمة القيادات التي تمثل الجيل القديم، وما تزال طليقة ويجري تعقبها من قبل التحالف الدولي:
- "جمعة عواد البدري": هو شقيق "أبو بكر البغدادي"، ويتولى منصب رئيس مجلس الشورى داخل التنظيم منذ مدة.
- "بشار خطاب غزال الصميدعي": عضو لجنة التفويض الملقب بـ "حجي زيد" يُصنف أيضا من ضمن القادة المؤسسين البارزين، وقد تولى لفترات طويلة القضاء الداخلي في التنظيم، مما جعله يتمتع بثقة واسعة لدى القيادات الحالية.
- "زياد جوهر عبد الله" أو (أبو الحارث العراقي): هو الآخر عضو في لجنة التفويض، ومسؤول عن الإدارة العامة بما فيها عملية الاتصال بين الولايات المختلفة التابعة للتنظيم، ويمتلك خبرة أمنية واسعة، لذلك فإن قوات الأمن العراقية والتحالف الدولي يوليان أهمية خاصة لعملية اعتقاله أو اغتياله.
- "أبو سليمان المراوي": والي الأنبار، والمسؤول عن التنسيق بين الباديتين السورية والعراقية، هو الآخر من بين قادة الصف الأول البارزين، والمحسوبين على الجيل الأول المؤسس.
- "أبو عبد الله القاضي الغلامي": عضو مجلس شورى التنظيم، ولعب إلى جانب شخصيات أخرى دوراً مهماً في تطويق الخلافات الفكرية داخل داعش، والتي استفحلت في آخر سنتين من ولاية "أبو بكر البغدادي".
- "حسن علي حسن": والي كركوك ويلقب بـ "أبي إثراء".
- "عبد الله المكي الرفاعي": والي ديالى.
وتبرز أهمية أسماء القيادات المذكورة، في قدرتها على الحشد البشري لصالح التنظيم، بسبب معرفتها بالمكونات الاجتماعية العراقية، بما فيها التواصل مع المكون العشائري، كما أن خبرتها بالجغرافية التي ينشط فيها التنظيم توفر لها مقدرة على تخطيط التحركات.
ومن المحتمل أن يتجنب التنظيم الإعلان عن خليفة "أبو إبراهيم القرشي"، ويكتفي بإعادة هيكلة لجنة مفوضة بالأعمال التنفيذية، وهذا يتسق مع نهج "الولايات الأمنية"، الذي اتبعه منذ مقتل "البغدادي"، خاصة أن فكرة القائد الرمز لا تتناسب مع المرحلة الراهنة التي يسودها العمل السري.