تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً، طرحته الدول الأوروبية بالتنسيق مع روسيا، يدين العملية العسكرية التي شنتها روسيا على جارتها الغربية أوكرانيا، ويطالب موسكو بالتوقف الفوري عن استخدام القوة ضد كييف، وأن تسحب، بشكل فوري وكامل وغير مشروط، جميع قواتها العسكرية من أوكرانيا.
ومن بين الدول الـ 193 الأعضاء في المنظمة الأممية، أيدت 141 دولة "استنكار العدوان الروسي على أوكرانيا بأشد العبارات"، وأكدت الدول على "التمسك بسيادة واستقلال ووحدة أراضي أوكرانيا، بما في ذلك مياهها الإقليمية".
في مقابل ذلك، قررت 35 دولة الامتناع عن التصويت، في ما يمكن اعتباره "تأييد في الظل" لموسكو، بعضها للمصالح الفضلى مع روسيا، وبعضها لمحاولة الحفاظ على توازن المصالح بين روسيا والغرب، في حين ذهبت دول أخرى أبعد من ذلك، حيث عارضت القرار خمس دول، هي روسيا وسوريا وبيلاروسيا وكوريا الشمالية وإريتريا، معتبرة أن الغرب هو من استفز روسيا وأجبرها على اللجوء للعمل العسكري، ومتعهدة بتقديم الدعم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
نستعرض في هذا التقرير دوافع وأسباب أبرز الدول التي أعلنت الولاء والدعم لروسيا، وأبرز الدول التي امتنعت عن التصويت وبقيت في المنطقة الرمادية.
بشار الأسد: رد الدين
أشاد رئيس النظام، بشار الأسد، بالغزو الروسي لأوكرانيا، وندد في الوقت نفسه بما وصفه "الهستيريا الغربية ضد روسيا".
وفي مكالمة مع نظيره الروسي، اعتبر الأسد أن "ما يحصل اليوم هو تصحيح للتاريخ، وإعادة التوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، مؤكداً على أن "سوريا تقف مع روسيا انطلاقاً من قناعتها بأن موقفها صحيح، ولأن مواجهة توسع الناتو حق لروسيا".
وسبق ذلك، اعتراف صريح أعلن عنه نظام الأسد بانفصال إقليمي لوغانسك ودونيتسك، شرقي أوكرانيا، كجمهوريات مستقلة.
وقال وزير خارجية النظام فيصل المقداد إن سوريا "تدعم قرار الرئيس فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك وستتعاون معهما"، وفق ما نقل عنه تلفزيون النظام.
كما سبق أن اعترف النظام باستقلال جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، اللتين انفصلتا عن جورجيا عقب عملية عسكرية روسية في العام 2008، كما اعترف باستقلال جمهورية القرم، التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في العام 2014.
وتتمتع روسيا، منذ حقبة الاتحاد السوفييتي، بسيطرة ونفوذ كبيرين على سوريا، في حين قدّمت موسكو الدعم السياسي والعسكري لنظام الأسد الأب في مختلف المحافل الدولية، وساهمت في بناء البنية التحتية للاقتصاد السوري خلال السبعينيات والثمانينيات، حتى إن قيمة ديون الصادرات الروسية إلى سوريا تجاوزت 13 مليار دولار في العام 1992.
وبعد سقوط الاتحاد السوفييتي، استمر الدعم الروسي لنظام الأسد، حيث شطبت روسيا، في العام 2005، نحو 73 % من الديون الروسية، واعتبرت المبلغ المتبقي لتنفيذ اتفاقية وجود "مركز الدعم المادي التقني للأسطول البحري الروسي" في ميناء طرطوس، الموقعة منذ العام 1963.
في العام 2015، قرر فلاديمير بوتين دخول الحرب إلى جانب نظام الأسد الابن، ويعتبر هذا القرار أول عمل عسكري لروسيا خارج الاتحاد السوفييتي منذ انهياره، وبررت تدخلها بأنه جاء بطلب من نظام الأسد بحجة "محاربة الإرهاب".
وأعاد التدخل الروسي في الحرب السورية لجانب الأسد، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من خسارة أكثر الأماكن التي يحكم سيطرته عليها، أكثر قمعاً وإجراماً من ذي قبل.
وأسهمت روسيا، مع جيش النظام والميليشيات الرديفة له، في عشرات الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، ضد المدنيين في سوريا، فضلاً عن تدمير شبه كامل للبنى التحتية الطبية والخدمية والاجتماعية.
ومنذ بداية التدخل، أصبحت سوريا ساحة اختبار للأسلحة والتكتيكات الروسية التي تستخدمها الآن في أوكرانيا، وتعترف روسيا أن وجودها في الميدان السوري سيتيح لها تجريب كل أسلحتها التدميرية المتطورة بمختلف أنواعها الجوية والبرية والبحرية والصواريخ العابرة للقارات وغيرها مِن الأسلحة التي لم تُجرّب في حرب حقيقية خارجية، منذ اجتياحها للشيشان.
ووفق تقرير نشرته صحيفة "الديلي ميل" البريطانية، فإن روسيا تستخدم قوتها الناعمة في بعض المناطق داخل سوريا، حيث تقيم مهرجانات لنشر الثقافة الروسية، وتُعزف الأغاني الوطنية الروسية على التلفزيون السوري، وتنشر الدعاية الروسية في مختلف وسائل الإعلام السورية المؤيدة لنظام الأسد".
وتؤكد الصحيفة أن "بشار الأسد يدين بكثير لبوتين بعد تدخله في سوريا، والآن يتوجب عليه رد الدين لصالح روسيا".
لوكاشينكو: الولاء لبوتين
تشترك بيلاروسيا بأكثر من مجرد حدود برية مع روسيا، حيث تعتبر روسيا الشريك الأكبر والأهم لبيلاروسيا وتتمتع بعلاقات سياسية واقتصادية مهمة منذ استقلالها عن الاتحاد السوفييتي منذ العام 1990، حيث تمثّل روسيا 48 % من التجارة الخارجية لبيلاروسيا.
وفي كانون الأول من العام 1998، وقع البلدان على "معاهدة الحقوق المتساوية للمواطنين"، والتي تنص على المساواة في التعليم والتوظيف والحصول على الرعاية الطبية، في حين يعتبر "اتحاد فوق وطني".
وفضلاً عن إمدادات النفط الخام والغاز، ترتبط روسيا بتحالف اقتصادي مع بيلاروسيا منذ العام 2015، بالإضافة إلى عضويتهما في الاتحاد الاقتصادي "الأورو-آسيوي"، مع كل من قيرغيزستان وكازاخستان وأرمينيا.
كما يشترك البلدان بنشاطات عسكرية مختلفة، وتدير روسيا العديد من القواعد العسكرية والرادارات في بيلاروسيا، تشمل محطة رادار هانتسافيتشي، وهو رادار للإنذار المبكر، ويعمل على تحديد عمليات إطلاق الصواريخ البالستية من أوروبا الغربية، ويمكنه تتبع بعض الأقمار الفضائية.
وتشكل بيلاروسيا جزءاً من التحالف العسكري الذي تقوده روسيا منذ العام 2002، تحت اسم "منظمة معاهدة الأمن الجماعي"، مع كل من كازاخستان وأرمينيا وقرغيزستان وطاجيكستان.
ويتشابه البلدان أيضاً بوجود رئيسين متشابهين في التفكير، حيث يعتبر ألكسندر لوكاشينكو، الذي يحكم بيلاروسيا منذ 28 عاماً، "الصديق المروّج" لحرب بوتين على أوكرانيا، وفق "الديلي ميل".
وأضافت الصحيفة أن لوكاشينكو "مدين بالولاء" لبوتين، بعد أن دعم الأخير الزعيم البيلاروسي عندما كادت الاحتجاجات أن تطيح به من السلطة بين أيار 2020 وآذار 2021.
ومنذ ذلك الوقت، سمح لوكاشينكو للقوات الروسية بالاشتراك في مناورات حربية على أراضيه في الفترة التي سبقت غزو أوكرانيا، كما شاركت قواته في تدريبات عسكرية مع روسيا على الحدود الأوكرانية.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن مسؤول دبلوماسي أميركي قوله إن بيلاروسيا ستنضم إلى روسيا، مؤكداً على أنه "من الواضح جداً أن مينسك اليوم هي امتداد للكرملين".
ويأتي ذلك بعد أن أعلنت بيلاروسيا، الإثنين الماضي، أن الأغلبية في البلاد صوتت لصالح دستور جديد يلغي الوضع غير النووي، مما قد يمهّد الطريق لنشر الأسلحة النووية الروسية على أراضي بيلاروسيا.
ورغم أن لوكاشينكو أعلن، أول أمس الثلاثاء، أن قواته لا تشارك في الهجوم على أوكرانيا، إلا أن الجيش الروسي شن، خلال الأيام الماضية، عدة هجمات بطائرات وصواريخ على أهداف في أوكرانيا انطلاقاً من أراضي بيلاروسيا.
وفرض الاتحاد الأوروبي، أمس الأربعاء، عقوبات على 22 من كبار الضباط العسكريين البيلاروسيين، على خلفية دور مينسك في مساعدة الغزو الروسي لأوكرانيا، "عبر إتاحتها العدوان العسكري من أراضيها"، وفق ما ذكرت لائحة العقوبات.
كوريا الشمالية: شراكة في العداء للغرب
تعتبر روسيا أحد الشركاء القلائل لكوريا الشمالية، وتعود العلاقات بينهما إلى العام 1948، حيث كان الاتحاد السوفييتي أول دولة اعترفت بجمهورية كوريا الشمالية بعد تقسيم شبه الجزيرة مع كوريا الجنوبية.
بقيت كوريا الشمالية ضمن المعسكر الشيوعي، وتلقت دعماً كبيراً في أثناء حربها مع جارتها الجنوبية، وخلال حقبة النزاع العقائدي بين الصين والاتحاد السوفييتي مطلع الستينيات، نافست بكين موسكو على اكتساب النفوذ في كوريا الشمالية، في حين حاولت بيونغ يانغ الحفاظ على علاقات ودية مع كلا البلدين.
تشترك كوريا الشمالية مع روسيا بحدود برية تبلغ طولها 17 كيلو متراً، وامتلاكهما لقدرات نووية، إلا أن القضية الأبرز التي يتشارك بها البلدان هي العداء للغرب ولحلف شمال الأطلسي، الأمر الذي عزز وقوف بيونغ يانغ إلى جانب موسكو وتأييدها للعملية العسكرية في أوكرانيا.
وفي شباط الماضي، أعاقت روسيا والصين الجهود الأميركية الرامية لفرض عقوبات على كوريا الشمالية، بعد أن أطلقت بيونغ يانغ سبعة اختبارات صاروخية متتالية خلال شهر واحد.
ووفق "الديلي ميل"، أراد الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، دعم روسيا في الأزمة الأوكرانية "لتسوية الحسابات الدبلوماسية" مع الولايات المتحدة الأميركية، مطالباً إياها بـ "التوقف عن سياستها العدائية لعزل وإضعاف روسيا".
وقالت وزارة الخارجية الكورية الشمالية، في بيان لها، إن "السبب الأساسي للأزمة الأوكرانية يكمن بالكامل في سياسة الهيمنة للولايات المتحدة والغرب، والتي تفرض نفسها في التعسف وإساءة استخدام السلطة ضد دول أخرى".
واتهمت كوريا الشمالية واشنطن وحلفاءها "بتجاهل مطالب روسيا المعقولة والشرعية، بضمانات أمنية مدعومة قانوناً"، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة "تقوّض بشكل منهجي البيئة الأمنية الأوروبية من خلال متابعة توسيع حلف شمال الأطلسي نحو الشرق، بما في ذلك النشر الصارخ لأنظمة الأسلحة الهجومية".
وأكدت على أن "الواقع يثبت مرة أخرى أنه ما دامت السياسات الأميركية أحادية الجانب والمزدوجة التعامل، التي تهدد سلام وسلامة دولة ذات سيادة قائمة، فلن يكون هناك سلام في العالم أبداً".
فنزويلا: الحليف الأبرز في أميركا اللاتينية
تعتبر فنزويلا، التي يحكمها نظام يساري راديكالي، الحليف الأبرز لروسيا في أميركا اللاتينية، والتي بقيت لزمن طويل منطقة نفوذ للولايات المتحدة الأميركية، في حين كانت موسكو تسعى لترسيخ وجودها فيها.
بدأت العلاقات بين البلدين منذ الاتحاد السوفييتي، وازدهرت في عهد الرئيس السابق هوغو تشافيز، الذي اشترى أسلحة بقيمة 4.4 مليارات دولار من موسكو، بين عامي 2005 و2007، ومنذ العام 2006، قدّمت روسيا نحو 17 مليار دولار لفنزويلا، على شكل قروض وائتمانات، استخدم جزء كبير منها لشراء أسلحة روسية، ما يجعل موسكو على رأس قائمة دائني الحكومة الفنزويلية.
كما ضاعفت الشركات الروسية المتخصصة بقطاعات النفط والغاز الاستثمارات في فنزويلا، التي تعتبر أكبر مصدر للنفط الخام في أميركا اللاتينية، وأكبر احتياطي نفطي في العالم، والذي تسعى روسيا لفرض السيطرة عليه عبر تأسيس مشروع مشترك مع شركة النفط المملوكة للحكومة الفنزويلية، تبلغ حصة موسكو فيه 51 %.
خلال الأزمة السياسية الأخيرة في فنزويلا، تعهّد فلاديمير بوتين بدعم الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، واعترف بفوزه في انتخابات العام 2018، التي اعتبرها المعسكر الغربي مزورة.
وأجرى البلدان تدريبات عسكرية مشتركة أكثر من مرة، وظهرت تقارير عن انتشار مئات المرتزقة من شركة "فاغنر" الروسية في فنزويلا، في حين اتهمت كولومبيا روسيا بممارسة "تدخل أجنبي" على حدودها مع فنزويلا، على خلفية الدعم الروسي لخلاف كراكاس مع بوغوتا.
وعقب الغزو الروسي لأوكرانيا، عبر مادورو عن دعم بلاده القوي لروسيا، مستنكراً، في مكالمة هاتفية مع بوتين، ما وصفه "الخطط الفاسدة، التي تسعى إلى إحاطة روسيا عسكرياً واستراتيجياً".
والأسبوع الماضي، ألقت وزارة الخارجية الفنزويلية باللوم على الولايات المتحدة بسبب التصعيد في أوكرانيا، وقالت في بيان لها إن "فنزويلا تعرب عن قلقها إزاء تفاقم الأزمة في أوكرانيا، وتأسف لانتهاك اتفاقيات مينسك من جانب الناتو، بتشجيع من الولايات المتحدة الأميركية".
وأكد البيان الفنزويلي على أن "خروج هذه الاتفاقات عن مسارها انتهاك للقانون الدولي، وخلق تهديدات قوية ضد الاتحاد الروسي وسلامته الإقليمية وسيادته، ويعيق العلاقات الطيبة بين الدول المجاورة".
كوبا: تحالف وثيق وعلاقات عميقة
مثل فنزويلا، تعهدت كوبا بالولاء والدعم لروسيا، وألقت باللوم على الولايات المتحدة والغرب في تفاقم الأزمة مع أوكرانيا، رغم أنها لم تعلن التأييد الصريح خلال التصويت، واكتفت بالامتناع عنه.
وتتمتع كوبا بعلاقات وثيقة مع روسيا منذ الاتحاد السوفييتي، حيث سعت الدولة الماركسية إلى بناء تحالف وثيق مع السوفييت منذ الثورة الكوبية في العام 1959.
وتعززت العلاقات الكوبية السوفييتية بعدما نشر الرئيس السوفييتي، نيكيتا خروتشوف، صواريخاً بالستية، مما أدى إلى اندلاع أزمة عرفت باسم "أزمة الصواريخ الكوبية"، وإحدى أبرز المواجهات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي خلال سنوات الحرب الباردة.
وأدت العقوبات والحصار الذي فرضته الولايات المتحدة على كوبا إلى نقلها صوب المعسكر السوفييتي، وعقب انهياره حافظت هافانا وموسكو على علاقات سياسية واقتصادية، يصفها كبار قادة البلدين بأنها استراتيجية، خاصة مع اعتراف كوبا بضم شبه جزيرة القرم كجزء من روسيا في العام 2014.
وتعمّقت العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الجانبين في السنوات الأخيرة، خاصة مع استثمارات روسية قوية في العديد من القطاعات الحيوية للاقتصاد الكوبي، كان أبرزها عقداً وقعته شركة السكك الحديدية الروسية، في تشرين الأول من العام 2019، لتطوير وتحديث البنية التحتية للسكك الحديدية الكوبية، بلغت قيمته نحو ملياري دولار، ويعتبر أكبر عقد تم توقيعه مع كوبا في تاريخ روسيا الحديث.
وعقب الغزو الروسي لأوكرانيا، قالت وزارة الخارجية الكوبية إن الحكومة الأميركية "تهدد روسيا منذ أسابيع، وتتلاعب بالمجتمع الدولي"، مشيرة إلى أن واشنطن "تفرض التوسع التدريجي لحلف شمال الأطلسي نحو حدود الاتحاد الروسي".
وأشارت كوبا إلى أن واشنطن "نشرت قواتها في العديد من بلدان المنطقة، وزودت بلداناً أخرى بالأسلحة والتكنولوجيا العسكرية، وفرضت عقوبات أحادية الجانب وغير عادلة، وهددت بأفعال انتقامية أخرى".
مجلس ميانمار العسكري: يجب أن نظهر للعالم أن روسيا قوة عالمية
تطورت العلاقات بين روسيا وميانمار خلال السنوات الماضية، حيث قدّمت موسكو تدريبات عسكرية ومنحاً جامعية للآلاف من جنود ميانمار، فضلاً عن بيعها أسلحة للجيش الذي وضعته كثير من الدول الغربية على القائمة السوداء بسبب ارتكاب جرائم وحشية بحق المدنيين، في حين تتهمها تقارير دولية بأنها أعطت الضوء الأخضر للانقلاب العسكري في البلاد.
ومع الانقلاب العسكري في ميانمار، في شباط من العام 2021، كانت روسيا أقرب الحلفاء لجنرالات الانقلاب، وسط جهود الغرب لعزلهم، حيث أكد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، على أهمية التعاون العسكري مع ميانمار، مشيراً إلى أنها "شريك استراتيجي صمد أمام اختبار الزمن".
وتدعم كل من روسيا والصين المجلس العسكري، وتزودانه بطائرات مقاتلة تستخدم لقتل المدنيين، وفقاً لتقرير أعده خبير بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، مؤكداً على أن روسيا زودت المجلس العسكري بطائرات مسيّرة ونوعين من الطائرات المقاتلة، ونوعين من المركبات المدرعة إحداهما مزوّدة بأنظمة دفاع جوي.
وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا، أعربت الحكومة العسكرية في ميانمار عن دعمها لبوتين وطموحاته الإقليمية في أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكري في ميانمار، الجنرال زاو مين تون: "أولاً عملت روسيا على توطيد سيادتها، وأعتقد أن هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، وثانياً يجب أن نظهر للعالم أن روسيا قوة عالمية".
في مقابل ذلك، دانت "حكومة الوحدة الوطنية الديمقراطية"، وهي حكومة ميانمار في المنفى، غزو أوكرانيا، وقالت إنها تدين تصرفات روسيا، وتدعو لانسحاب قواتها الفوري من أوكرانيا.
الحلفاء في المنطقة الرمادية
الصين
تعتبر العلاقات بين الصين وروسيا تاريخياً بأنها متقلبة، حيث شهدت تحالفات وتنافسات وحتى نزاعات محدودة، وعلى الرغم من ذلك، شهدت العلاقات، عبر السنوات الماضية، نمواً على المستوى الاقتصادي، وبشكل أقل على المستويين السياسي والعسكري.
ووفق تقرير نشره موقع "الجزيرة"، فإن "مؤشرات العلاقة الاقتصادية بين روسيا والصين تسير في اتجاه إيجابي، حيث ازداد التعاون بينهما سواء على المستوى الثنائي أو في الأطر الإقليمية والدولية التي ينتميان إليها، ويبرز ذلك بتوقيع اتفاقيات الشراكة الإستراتيجية، والتعاون الرقمي، وإطلاق مشاريع البنية التحتية الداخلية والمشتركة، وتعزيز قطاع المشاريع المالية المشتركة، والغاز الطبيعي، بالإضافة لمشاريع الممرات البرية والبحرية كمشروع ممر بحر الشمال".
وعلى المستوى السياسي، استطاع الجانبان تجاوز خلافات أساسية ومهمة بينهما، وخاصة النزاع الحدودي، حيث وقع الجانبان اتفاقاً لترسيم الحدود بينهما في العام 2008، كما شهدت كل من بكين وموسكو وتيرة متزايدة للزيارات المتبادلة واللقاءات على مستوى الرؤساء، وتوقيع اتفاقيات التعاون المشترك.
وعلى المستوى العسكري، شهدت العلاقة بين الجانبين تطورات مهمة، تمثلت بسلسلة من المناورات العسكرية المشتركة، كما استوردت الصين، بين عامي 1992 و2006، أسلحة ومعدات عسكرية روسية بقيمة 26 مليار دولار، في حين وقع الجانبان مؤخراً صفقات عسكرية تشمل تزويد الصين بأحدث منظومات التكنولوجيا العسكرية الروسية.
ولطالما اعتبر دعم الصين لروسيا في القضية الأوكرانية على أنه أمر محسوم وبدهي، وكان يُنظر إليه في الغرب على أنه يمكن أن يؤدي إلى عمليات مماثلة في أنحاء أخرى من العالم، حيث من المعروف أن الصين لديها أطماع في تايوان مشابهة لأطماع روسيا في أوكرانيا.
إلا أن المفاجئ أن النظام الشيوعي الصيني تجنّب الإعراب عن كثير من الدعم لروسيا أو أوكرانيا، في محاولة للبقاء على الحياد، وكانت الصين من بين الدول التي قررت الامتناع عن التصويت على قرار إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا.
وفي مقابل ذلك، رفعت الصين قيود استيراد القمح من روسيا، التي كانت قيدتها خلال الأشهر الأخيرة من جراء القلق من الإجراءات الروسية للوقاية من الأمراض النباتية، وخاصة في المحاصيل الزراعية، الأمر الذي مثّل دفعة اقتصادية لموسكو، على الرغم من العقوبات الشاملة التي فرضها الغرب.
كما أن روسيا تبيع نحو 30 % من النفط والغاز الذي تنتجه للصين، في حين يعتمد الرئيس الروسي على علاقاته مع الصين لإنقاذه من العقوبات الغربية.
وفي أحدث بياناتها، قالت وزارة الخارجية الصينية إن بكين "تأسف بشدة أن الصراع قد اندلع بين أوكرانيا وروسيا، وتولي اهتماماً شديداً للضرر الذي لحق بالمدنيين"، داعية البلدين "لإيجاد طريقة لحل القضية من خلال المفاوضات".
الهند
حاولت حكومة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، القيام بعمل متوازن وامتنعت عن التصويت على قرار الأمم المتحدة في إدانة العمل العسكري الروسي في أوكرانيا، حيث لم تُدن صراحة ما فعلته روسيا ولم تصفه بـ "الغزو"، كما لم تعرب عن دعمها لبوتين.
وتعد روسيا أكبر موردي الأسلحة للهند، وكانت الدولتان متقاربتين خلال الحقبة السوفييتية، وبعد التفكك استمر الجانبان بالتمتع بشراكة استراتيجية خاصة ومتميزة.
ورحّبت روسيا بموقف الهند، وقالت سفارتها في الهند "نقدر بشدة موقف الهند المستقل والمتوازن"، مشيرة إلى أن موسكو "تلتزم بالحفاظ على حوار وثيق مع الهند بشأن الوضع حول أوكرانيا".
من جانبه، أجرى رئيس الوزراء الهندي مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وذلك "للتعبير عن قلقه بشأن العنف"، في الوقت الذي "يحاول تجنّب الانجرار إلى الخلاف الدولي"، وفق "الديلي ميل".
باكستان
أبدت باكستان قلقها بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، لكنها لم تصل إلى حد إدانته صراحة، وامتنعت عن التصويت على قرار الأمم المتحدة في إدانة العمل العسكري الروسي في أوكرانيا.
والأسبوع الماضي، عقب لقاء جمع بوتين مع رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، قال الأخير إن بلاده ستستورد نحو مليوني طن من القمح ووقعت اتفاقيات لاستيراد الغاز الطبيعي من روسيا.
وعلى الرغم من مواجهة روسيا عزلة دولية ومجموعة من العقوبات التي تعيق اقتصادها، دافع رئيس الوزراء الباكستاني عن احتمالية ضخ المليارات في خزائن الكرملين، معتبراً أن "المصالح الاقتصادية لباكستان تتطلب ذلك"، وفق "الديلي ميل".