يؤدي الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأميركية اليمين الدستورية في 20 كانون الثاني، وهو اليوم الذي حدده التعديل العشرون بالفقرة الأولى من الدستور الأميركي، والذي تمت المصادقة عليه في يناير 1933.
والرئيس الأميركي كان ومازال مادة دسمة لصناع الأفلام وعشاق الفن السابع، منذ بدايات القرن العشرين، لتتنوع الأفلام بين سرد التاريخ لحياتهم مروراً بالأفلام الساخرة والناقدة، وليس انتهاءً بحوادث الاغتيال والتشهير التي لحقت بهم..
ومن بين أبرز الشخصيات إثارة للجدل هو الرئيس الأميركي هاري ترومان (1884-1972)، الذي قدم له المخرج فرانك بيرسون (1925-2012) فيلماً تلفزيونياً بعنوان Truman عام 1995، يروي فيه حياة هاري عندما كان محامياً، وكيف أصبح الرئيس 33 لأميركا، خلفاً للرئيس فرانكلين روزفلت (1882-1945)، والقرارات المصيرية التي نفذها ترومان وهي إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945). وكان العمل من بطولة غاري سينسي (66 عاماً) الذي حصل على جائزة أفضل أداء ممثل أول ضمن جوائز الغولدن غلوب عام 1996، عن دوره هاري ترومان.
المخرج الأميركي ستيفن سبيلبيرغ (74 عاماً)، المعروف بأنه مناصر قوي للحزب الديمقراطي، قدم عام 2012، فيلماً بعنوان "لينكولن"، ومن بطولة دانييل دي لويس (63 عاماً)، يروي الفترة الأخيرة في حياة الرئيس أبراهام لينكولن (1809-1865)، الذي انضم إلى الحياة السياسية عن طريق الحزب الجمهوري عام 1854، إلى جانب الفترة الأخيرة في مسار الحرب الأهلية الأميركية (1861-1865) والقضاء على العبودية، التي كانت من الأعقد والأكثر دموية في التاريخ الأميركي، واستخدم سبيلبرغ المعركة التي خاضها لينكولن لإنهاء العبودية، كوسيلة لإيضاح المعنى الحقيقي للسياسة من خلال الدراما..
ويعد لينكولن الرئيس السادس عشر للولايات الأميركية المتحدة، وهو صاحب قرار إلغاء الرق في البلاد عام 1863، وتم اغتياله بتاريخ 14 أبريل من عام 1865، في أثناء وجوده مع زوجته في عرض مسرحي بولاية ميريلاند، حين أطلق عليه النار جون ويلكس من مسافة قريبة على رأسه.
ثلاثية الرؤساء السينمائية
من أكثر المخرجين الذين ركزوا في نتاجهم السينمائي على حياة الرؤساء كان المخرج الأميركي أوليفر ستون (74 عاماً)، الذي قدم ثلاثية سينمائية عن الرؤوساء أولها فيلم JFK، عام 1991، وكان فيلم مؤامرة وإثارة وتاريخ، اقتباساً عن كتاب ألفه "جيم غاريسون" المحامي والمدعي العام السابق عن مدينة نيو أورلينز بولاية لويزيانا؛ حول مؤامرة من قِبل رجل الأعمال الأميركي "كلاي شو" لقتل الرئيس الأميركي، ولعب أدوار البطولة كيفين كوستنر، وتومي لي جونز، وغاري أولدمان.
ويروي الفيلم حادثة اغتيال الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة الأميركية جون إف كينيدي (1917-1963)، عندما أطلق عليه هارفي أوسولد الرصاص وهو في سيارته المكشوفة، حين كان في زيارة رسمية لمدينة دلاس برفقة زوجته جاكلين كينيدي.
ويشير الفيلم بطريقة ما إلى ضلوع الإدارة الأميركية بحادثة الاغتيال، ومن ضمنها الرئيس الأميركي ليندون جونسون (1908-1973)، الذي حكم البلاد بعد اغتيال كينيدي، وساعد الفيلم بحسب نقاد على الإفصاح عن قانون الاغتيالات للعرض بشكل علني.
وفي عام 1995، قدم أوليفر فيلمه الثاني في السلسلة بعنوان Nixon، وكان من بطولة أنتوني هوبكنز (83 عاماً)، وتناول الحياة الشخصية والسياسية للرئيس الأميركي السابع والثلاثون ريتشارد نيكسون (1913-1994)، وتعرض الفيلم لأكثر القضايا إشكالية في حياة نيسكون نفسه؛ خاصة في فضيحة التجسس المعروفة "ووترغيت"؛ أكبر فضيحة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة؛ وتعرض أيضاً لمحاولة اغتيال الرئيس الكوبي الراحل فيدل كاسترو (1926-2016)، وكان نيكسون جزءاً منها، حتى أن الفيلم أثار جدلاً كبيراً وتسبب في سجالات طويلة كانت أسرة الرئيس جزءاً منها، وبالأخص بنات نيكسون الذين نددوا بالفيلم واتهموا ستون بالتدخل في تفاصيل الحياة الشخصية لوالدهم، وأن ستون عرض القصة بحسب وجهة نظره وليس بحسب المرحلة التاريخية.
فيلمه الثالث كان فيلم دراما وسيرة الذاتية عام 2008، بعنوان W.، وتناول فيه الحياة الشخصية والسياسية لمرحلة من مراحل حياة الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش الابن (74 عاماً)، إلى ما قبل الاحتلال الأميركي للعراق بعام 2003. علماً أن ستون يعتبر بوش ثاني أسوأ رئيس أميركي بعد نيكسون.
فضيحة ووترغيت
نيكسون كان أيضاً عنواناً لفيلم أخرجه رون هاورد (66 عاماً)، في نفس العام 2008، بعنوان Frost/Nixon، ولكن هاورد اختار مرحلة ما بعد استقالة نيكسون الشهيرة، وتحديداً في عام 1977، ومحاولة مقدم البرامج الانكليزي ديفيد فورست (1939-2013)، إجراء سبق صحفي مع نيكسون، وأخذ اعتراف ع الهواء مباشرة حول فضيحة "ووترغيت"، أشهر فضيحة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة، وكان نيكسون أعلن استقالته رسمياً من منصب الرئيس بتاريخ 8 آب عام 1974، وبعد أقل من شهر بدأت محاكمته ولكن الرئيس 38 للولايات المتحدة الأميركية جيرالد فورد (1913-2006) أصدر عفواً عنه لأسباب صحية.. والفيلم كان من بطولة فرانك لانغلا (83 عاماً) بدور نيكسون، وترشح لأوسكار أفضل ممثل بدور رئيسي في حفل الأوسكار لعام 2009، إلى جانب مايكل شين (51 عاماً) بدور الصحفي الذي يحاول إجراء المقابلة مع نيكسون، وكان مايكل وفرانك قاما بنفس الأدوار ضمن عرض مسرحي عام 2007، للكاتب بيتر موران على مسرح برودواي، ونال فيه لانغلا جائزة توني عن دوره في العرض المسرحي.
والفيلم الذي ترشح لخمس جوائز أوسكار كان عليه صراع عنيف بين مارتن سكورسيزي ومايك نيكولاس وجورج كلوني وبينيت ميللر، لإخراج الفيلم ولكن هاورد استطاع انتزاع الفرصة وإضافته إلى رصيد أعماله الفنية.
أول رئيس من أصول أفريقية
باراك أوباما (59 عاماً)، كان موضوعاً لفيلمين قدما عام 2016، الأول بعنوان Southside with You، من إخراج ريتشارد تاني (36 عاماً)، وكان فيلماً بعيداً عن السياسة، واكتفى بالحديث عن أيام أوباما أثناء الجامعة وكيف التقى بميشيل في أول موعد بينهما عام 1989، وتم تصويره خلال 15 يوم فقط، أما الفيلم الثاني فكان بعنوان Barry تم إخراجه في نفس العام 2016، مع المخرج فيكرام غاندهي (43 عاماً)، وتطرق الفيلم أيضاً إلى حياة باراك في ثمانينيات القرن الماضي، وتحديداً عام 1981، وبحسب المخرج فإن اسم باراك بين أصدقائه كان باري لهذا اختاره عنواناً للفيلم.
البطل الخارق
تسعى هوليوود لإظهار رؤساء الولايات المتحدة بطريقة البطل الخارق، لجني المال والأرباح من عائدات الصالات السينمائية، مثلما ظهر الممثل الأميركي هاريسون فورد (78 عاماً) في فيلم التشويق والحركة Air Force One عام 1997، للمخرج الألماني وولفغانغ بيترسون (79 عاماً)، على أنه الرئيس المنقذ، أو الممثل آرون إيكهارت (52 عاماً) عندما جسد دور الرئيس الأميركي في فيلم الحركة Olympus Has Fallen عام 2013 إلى جانب الممثل جيرارد بتلر (51 عاماً)، وفي نفس العام قدم فيلم آخر يروي سقوط البيت الأبيض بأيدي مجموعة من العسكريين المدججين بالسلاح بعنوان White House Down للمخرج رونالد إيمريخ (66 عاماً)، وقدم دور الرئيس الأميركي الممثل جيمي فوكس (53 عاماً)، إلى جانب العديد من الأدوار لممثلين كبار من بينهم مورغان فريمان وجاك نيكلسون في دور الرئيس الأميركي، ولكن هناك تيار من المخرجين على النقيض تماماً لا يهتمون للماديات بقدر محاولاتهم لإظهار الوجه الحقيقي لهؤلاء الرؤساء، ومنهم المخرج الأميركي مايكل مور (66 عاماً)، الذي قدم فيلماً عام 2016، بعنوان Michael Moore in TrumpLand، وكان ناقداً لسياسات المرشح الجمهوري دونالد ترمب لانتخابات الرئاسة والذي أصبح الرئيس الخامس والأربعون لأميركا، ولطالما عرف مور بانتقاده لسياسة أميركا الداخلية والخارجية، ومن بينها فيلم فهرنهايت 9/11 هام 2004، حين انتقد فيه مور سياسة الرئيس جورج بوش (74 عاماً) في التعامل مع أحداث 11 سبتمبر 2001، وتتطرق إلى تزوير الانتخابات وفشل بوش كرئيس للبلاد خلال الأشهر الأولى لولايته.