تسببت حادثة الاعتداء على رئيس الائتلاف السوري المعارض سالم المسلط في مظاهرة يوم أمس الجمعة بمدينة اعزاز، بانقسام في المواقف والآراء، بين مؤيد لما حصل له أو مبرر لمن اعتدى عليه أو رافض رفضاً قطعياً الاعتداء عليه. تحقق موقع تلفزيون سوريا من وقائع يوم أمس وتمكن من الكشف عن هوية المعتدي وسياق الأحداث التي تخللها إلقاء بيان بلسان مساعد العميد المنشق مناف طلاس.
وأكد متظاهرون لموقع تلفزيون سوريا أن المسلط وصل للمشاركة في المظاهرة التي انطلقت من ساحة الميتم في مدينة اعزاز مع مرافقة مكونة من عنصرين من الجيش الوطني فقط غير مسلحين، وحصل موقع تلفزيون سوريا على تسجيل مصور للمسلط وهو على منصة المظاهرة يقف إلى يمينه مباشرة الرجل الذي اعتدى عليه وإلى يساره مباشرة الناشط أبو سليمان الذي هتف "سالم المسلط إلى خارج المظاهرة".
جرت العادة أن ينظم "الحراك الثوري الموحد" مظاهرات مدينة اعزاز ومناطق أخرى، ويهتف في المتظاهرين في معظم المظاهرات الناشط قاسم الجاموس المهجر من درعا والناشط أبو سليمان المهجر من مدينة تل رفعت.
وبث الجاموس بعد مظاهرة أمس تسجيلاً مصوراً أوضح فيه أن منظمي المظاهرة لم يكونوا على دراية بقدوم المسلط إلى المظاهرة، إلا أنهم تشاوروا وقرروا الترحيب به وأبدوا إعجابهم بقدومه بدون مرافقة عسكرية، إلا أن أبو سليمان تسلم المايكروفون وقال: "سالم المسلط إلى خارج المظاهرة"، ليلبي الأخير دعوات وهتافات المتظاهرين ويهم بالخروج من المظاهرة.
ضرب سالم المسلط
وبحسب تسجيل مصور حصل عليه موقع تلفزيون سوريا، لحق نحو 5 متظاهرين بالمسلط وهو خارج إلى سيارته بينهم الرجل الذي كان واقفاً إلى يمينه على المنصة، وسط هتاف المتظاهرين: "شبيحة شبيحة" و"انقلعوا من هون" و"خونة"، إلا أن رجلاً بعمر المسلط دفعه من ظهره، وبعد أن وصل المسلط إلى سيارته ليدخلها ضربه الرجل ذاته الذي كان وافقاً إلى جانبه على المنصة لتنهال عليه ضربات المتظاهرين القريبين ثم يتمكن من دخول سيارته.
وكان أول شخص اعتدى بالضرب على المسلط هو كيفو كلزية الذي كان مقاتلاً إلى جانب إبراهيم داديخي مؤسس لواء عاصفة الشمال، ثم اعتزل كيفو الذي يلقب نفسه على صفحته في فيسبوك بـ"العقيد كيفو" القتال في صفوف الجيش الحر.
وأكدت مصادر محلية من مدينة اعزاز أن كيفو يحضر في معظم المظاهرات في مدينة اعزاز، وبحسب منشوراته على فيسبوك فإنه أحد أعضاء "جمعية رعاية أسر الشهداء".
وبعد خروج سالم المسلط، توجهت المظاهرة إلى مقر الائتلاف في مدينة اعزاز، وركزت الهتافات على ضرورة إسقاط المعارضة السياسية والعسكرية، إلا أن بياناً مصوراً تلاه ضابط منشق أثار ملف مناف طلاس على السطح مجدداً.
وأمام مقر الائتلاف تلا المقدم المنشق أحمد القناطري بياناً طالب فيه بإغلاق مقري الائتلاف والحكومة المؤقتة ومنع أعضاء الائتلاف والمؤقتة واللجنة الدستورية وهيئة التفاوض من الدخول لسوريا، وحذّر بيان القناطري أعضاء الائتلاف والحكومة المؤقتة من التجول أو التنقل في الداخل السوري وطلب من أعضاء المكونين المذكورين القاطنين في الداخل السوري إما الاستقالة أو التزام بيوتهم.
وأضاف بيان القناطري: "يجب العمل جميعاً عل استعادة الثوار الحقيقيين والناشطين الصادقين لدورهم في قيادة المرحلة سياسياً وعسكرياً".
وأصدر "الحراك الثوري الموحد" بياناً عقب المظاهرة رفض فيه "حرف المظاهرة وكلمة الشعب في اتجاه مصالح فئوية"، وشدد على أن "الكلمة التي ألقاها المقدم أحمد القناطري (ممثل مشروع مناف طلاس المرفوض ثورياً) لا تمت للحراك بأي صلة ، إنما ألقاها ضمن كلمات أخرى أدلى بها بعض الحضور دون تنسيق".
وكان آخر ظهور للقناطري إعلامياً في تقرير لصحيفة القدس العربي نهاية أيلول من العام الفائت، بصفة "عضو المجلس العسكري"، وكشف القناطري في تقرير الصحيفة عن لقاءات شهدتها العاصمة الفرنسية باريس بين ضباط المجلس العسكري بقيادة العميد مناف طلاس، مع جهات دولية بحضور مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى وضباط سوريين من الداخل سواء من المنشقين أو الضباط في قوات النظام "ممن لا يزالون على رأس عملهم، وينتقدون أداء المؤسسة العسكرية وخطفها للسلطة"، بحسب وصفه.
من هو أحمد القناطري؟
وينحدر القناطري من ريف إدلب الجنوبي، ويقطن في منطقة عفرين بعد أن بات مطلوباً لهيئة تحرير الشام، وسبق أن كان القناطري قبل انشقاقه، مساعداً لمناف طلاس في جيش النظام، ويعمل الآن بحسب مصادر خاصة كمنسق لمشروع مناف طلاس المدعوم فرنسياً.
وأوضحت المصادر أن القناطري ينسق لقاءات مناف طلاس مع ضباط منشقين وناشطين في شمال غربي سوريا، ويجمع أسماء المئات من هؤلاء ليقدمها طلاس على أنهم أعضاء في المشروع المدعوم فرنسياً.
وبعد الاتهمات للقناطري على وسائل التواصل الاجتماعي، كتب الأخير منشوراً على حسابه في فيسبوك قال فيه :"عندما أفلس مطبلو ومرقعو ومزمرو وعبيد المعارضة الرسمية بدؤوا بالترويج أن المظاهرات والوقفات بدعم من هذا الفصيل أو ذاك أو من هذه الدولة أو تلك -- ولك يامطبل يامرقع ياصغير وياقزم. إن كان رفض التصالح مع الأسد ورفض بيع الدماء ومعاناة المعتقلين والمعتقلات والمغتصبات بتوجيه من الشيطان نفسه فنحن معه".
واللافت أن "العقيد كيفو" و"أبو سليمان" ظهرا خلف القناطري وهو يتلو بيانه، ما دفع بنظرية مؤامرة عن مخطط مسبق بين الأشخاص الثلاثة وعملهم في "مشروع غربي" وغيره، إلا أن أبو سليمان وكيفو نفيا في مجموعات للناشطين ذلك، وأكدت مصادر لموقع تلفزيون سوريا أنه من الطبيعي أن يوجد الأخيران أمام عدسات الكاميرات لكونهما من المشاركين البارزين في المظاهرات، وأن من وجد حول القناطري يشاركه الرأي والموقف بضرورة إسقاط الائتلاف، خاصة بعد تأخره في إظهار موقفه من التطبيع التركي مع النظام السوري.