قالت "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا" في تقريرها الأول الذي يرصد حالات الاختفاء القسري، إن نظام الأسد "يستخدم عمليات الإخفاء القسري والاعتقال، وسيلة لجني ومراكمة الثروات وزيادة نفوذ الأجهزة الأمنية وقادتها والنافذين في حكومته وبعض القضاة والمحامين".
واستناداً إلى 508 مقابلات وجاهية أجرتها الرابطة مع عائلات مختفين قسراً منذ خريف العام 2018 وحتى الآن، يقدم التقرير معلومات دقيقة عما حدث ويحدث مع المختفين قسراً، وكيف تتم هذه العملية وما هي الأجهزة الحكومية الرئيسية المتورطة فيها، ومتى بلغ الاختفاء القسري ذروته، وأين كانت تحدث معظم عمليات الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي في سوريا، وكيف تعود هذه العمليات بمدخول مالي ضخم جداً على أجهزة النظام الأمنية.
ووفقاً للتقرير، فإن العام 2012 هو عام الاختفاء القسري في سوريا وجيش نظام الأسد هو المسؤول عن أكثر من ثلث حالات الاختفاء القسري التي حصلت في البلاد، تليه شعبة الأمن العسكري حوالي 19 % على الأقل، ثم تأتي إدارة المخابرات الجوية وشعبة الأمن السياسي بحدود 5 % تقريباً، وقد حدثت أكثر عمليات الاختفاء القسري في محافظة دمشق تليها محافظة إدلب، ويعد سجن صيدنايا هو المكان المفضل لدى النظام لممارسة عمليات الاختفاء القسري.
ويقدم التقرير معلومات عن الأماكن المتوقع وجود المختفين قسراً فيها ويقول إن آخر مشاهدة لأكثرية المختفين وهم على قيد الحياة كانت في مراكز احتجاز تابعة لوزارة الدفاع، مما يجعلها المسؤول الأول عن حالات الاختفاء القسري، كما أن أكثر من نصفهم تمت مشاهدته في مراكز تابعة للشرطة العسكرية، حيث يتصدر سجن صيدنايا رأس القائمة في مراكز الاحتجاز المسؤولة عن الاختفاء القسري، فهو مسؤول عن أكثر من 80 % من الحالات.
ويفرد التقرير فصلاً كاملاً للحديث عن عمليات الابتزاز المالي التي تتعرض لها عائلات المختفين قسراً والمعتقلين، ويظهر بالمعلومات والأرقام أن نظام الأسد جنى من عمليات الابتزاز المالي التي مارسها على الأهالي مقابل تزويدهم بمعلومات عن أبنائهم واحبتهم، أو مقابل وعود بزيارتهم في أماكن الاعتقال، أو إطلاق سراحهم ما يقارب 900 مليون دولار أميركي منذ العام 2011 وحتى الآن.
كما يرصد التقرير المصاعب والتحديات التي يتعرض لها الأهالي خلال بحثهم عن أبنائهم واحبتهم، ومحاولة حصولهم عن أية معلومات متعلقة بمصير المختفي قسراً (غالباً الحياة او الموت)، أو بمعرفة السجن الذي هو فيه.
وغالباً ما تحصل العائلات على هذه المعلومات من ناجين (معتقلين سابقين خرجوا وتواصلوا معهم)، وتشكل هذه الطريقة ما نسبته 67.78 % من المستجيبين في حالة المعلومات المتعلقة بالمصير، و47.8 % لمعرفة في أي سجن يكون فيه المختفي قسراً.
فيما تبلغ نسبة من تمكنوا من زيارة المختفي قسراً حوالي 4 %، كما أن أكثر من نصف المستجيبين قالوا إن السبب الرئيسي لعدم الزيارة هو الخوف من الاعتقال في حال السؤال عن المختفي قسراً، وحوالي الثلث قالوا إن الجهة التي اعتقلته لا تعترف بوجوده أصلاً عندها.
من جهته، قال منسق الرابطة، دياب سرية، لصحيفة "غارديان" البريطانية، "هذه صناعة الاعتقال، وبني نظام الأسد على فروع المخابرات والأمن، ويمنح رواتب قليلة لتشجيع الفساد والرشاوى وتمويل بنية الاعتقال هذه".
وأضاف سرية أن "هذا النظام تدعمه رموز داخل النظام، وعدد منهم فرضت عليهم العقوبات ولا يستطيعون فتح أو الحفاظ على حسابات بنكية في الخارج"، مشيراً إلى أن "المبالغ الإجمالية ربما كانت أعلى من التي تم الكشف عنها في التقرير".
يذكر أن تقديرات " الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تشير إلى أن نحو 1.2 مليون مواطن سوري قد مرَّ بتجربة الاعتقال في سوريا، منذ آذار 2011، وتحول خلال هذه الحقبة ما يقدر بـ 99 ألف شخص إلى مختفين قسرياً، نظام الأسد مسؤول عن نحو 84 ألف من هذه الحالات، بحسب تقرير الشبكة في آب 2020..
اقرأ أيضاً: 99 ألف مختفٍ والعدد في ازدياد.. حكاية الاختفاء القسري في سوريا