قالت منظمة "العمل ضد الجوع" الأميركية إنه "بعد أكثر من عقد على الصراع في سوريا، وصل عدد السوريين المعرضين لخطر الجوع على مستويات قياسية عالية"، مشيرة إلى أن "متوسط كلفة المواد الغذائية في البلاد الأعلى منذ بدء المراقبة".
ووفق بيانات برنامج الغذاء العالمي، فإنه نحو 12.4 مليون شخص، نحو 60 في المئة من سكان سوريا، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويمثل هذا زيادة بنسبة 57 في المئة منذ العام 2019، وهو أعلى رقم تم تسجيله في تاريخ سوريا على الإطلاق.
وفي بيان لها، قالت المنظمة، التي تنشط في سوريا، إن "سوريا تواجه أزمات متعددة ومترابطة، ففي الوقت الذي خفت فيه حدة الصراع إلى حد ما خلال العام الماضي، أدى التضخم المتفشي والاقتصاد المتعثر بشدة إلى زيادة الاحتياجات، لدرجة أنها تفوق قدرة الأسر على التأقلم".
وأوضحت أن السوريين "يستطيعون كل يوم شراء كميات أقل مما يحتاجون إليه للبقاء على قيد الحياة"، مضيفة إلى أن "مداخيلهم ومدخراتهم آخذة في الانخفاض من حيث القيمة مع زيادة تكاليف السلع الضرورية، مثل الماء والغذاء والوقود والكهرباء، وأصبحت بعيدة المنال، حيث تنفق الأسر في المتوسط نحو 50 في المئة أكثر من مدخولها".
وأشارت المنظمة في بيانها إلى أن "العائلات السورية لم تعد قادرة على تحمل كلفة الوقود لتشغيل المولدات ووسائل النقل وشبكات المياه، وفي جميع أنحاء سوريا، يحصل كثير من الناس على أقل من أربع ساعات من الكهرباء العامة يومياً"، موضحة أن "ارتفاع أسعار الوقود يعني أن النقل والعمل اليومي أكثر كلفة".
أسوأ موجة جفاف منذ 70 عاماً
وعن القطاع الزراعي، قالت المنظمة إن "المزارعين السوريين يمتلكون أموالاً أقل لزراعة حقولهم، في حين أن ري المحاصيل ونقلها إلى السوق يكلف أكثر".
وأضافت أن "روسيا وأوكرانيا تعتبران من بين أهم مصدري الحبوب في الشرق الأوسط، ووفقاً للأمم المتحدة قد يؤدي الصراع في أوكرانيا إلى نقص إمدادات القمح إلى المنطقة، في حين تقول الأمم المتحدة إن الأثر في سوريا بدأ من خلال تقنين حكومة النظام السوري من احتياطياتها من الحبوب، ما أثر على أسعار المواد الغذائية الرئيسية، مثل الخبز والدقيق".
وأشارت المنظمة إلى أن "الصدمات البيئية، بما في ذلك الانخفاض القياسي في هطول الأمطار، يؤدي إلى زيادة الجوع، حيث واجهت سوريا هذا العام أسوأ موجة جفاف منذ 70 عاماً، ما أدى إلى شل موسم الحصاد المتوقع"، مشيرة على أن "إنتاج القمح في سوريا في العام 2021 قُدّر بنحو 1.045 مليون طن، انخفاضاً من 2.8 مليون طن في العام 2020".
وأكدت على أن "قلة هطول الأمطار، بالإضافة على تدمير البنية التحتية للمياه في جميع أنحاء البلاد، يعني أن القدرات والتكاليف التي يتحملها المزارعون لمحاولة كسب عيشهم، مرتفعة بشكل لا يطاق".
حلول مستدامة وتمويل مرن
وحثت "العمل ضد الجوع" الحكومات العالمية إلى "مواصلة وزيادة دعمها للسوريين"، مشيرة على أنه "مع تزايد الاحتياجات، يلزم التعافي المبكر والحلول التي تركز على المرونة لمساعدة السوريين على استعادة الأمل والكرامة والاعتماد على الذات".
وأوضحت أن "التمويل المرن طويل الأجل ومتعدد السنوات يمكّن الجهات الفاعلة الإنسانية، من الاستجابة لاحتياجات الطوارئ العاجلة، ووضع الأساس لحلو مستدامة في سوريا".
وذكرت المنظمة أن هذا العمل "يجب أن يشمل استعادة البنية التحتية وزيادة وصول المدنيين إلى الخدمات الأساسية، مثل شبكات المياه وخطوط الأنابيب وشبكات الري ومحطات الضخ، بالإضافة إلى ترميم وصيانة مرافق التعليم والصحة العامة".
ولفتت إلى أن السوريين "يحتاجون دعماً لسبل العيش المستدامة على المدى الطويل، وحلول إنتاج الغذاء التي تساعد الناس على كسب لقمة العيش وتوفير مزيد من الغذاء عالي الجودة، لمحاربة سوء التغذية وتقليل الاعتماد على المساعدات الطارئة".
وشددت المنظمة الأميركية على أن "القيام بذلك يمكن أن يؤدي بطريقة تكميلية ومتكاملة إلى مزيد من هذا الدعم للسوريين، وهو أكثر استدامة وفعالية من حيث الكلفة والفعالية".
يشار إلى أن منظمة "العمل ضد الجوع" تنشد في سوريا منذ العام 2008، وتعمل على الحد من الجوع والمخاطر الصحية بين المجتمعات الأكثر ضعفاً في سوريا من خلال التدخلات الطارئة المنقذة للحياة، والدعم طويل الأجل والمستدام.
وخلال العام الماضي، قدمت المنظمة الدعم لنحو 1.3 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا، من خلال مشاريع تعزيز الوصول إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، وتحسين المرافق الصحية والتعليمية، وتوفير الفرص لكسب الدخل وتوفير الغذاء.