ارتفعت أعداد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية -بدون القدس الشرقية- بنسبة 42 بالمئة، مقارنة مع العام 2010.
جاء هذا في تقرير أعده مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان "بتسليم"، و"كيرم نابوت"، وهما منظمتان إسرائيليتان حقوقيتان غير حكوميتين، حمل اسم "هذه لنا، وهذه أيضاً لنا: سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية".
وقال التقرير إن هذه الزيادة "الكبيرة" جاءت بسبب الامتيازات التي تمنحها الدولة، لسكان المستوطنات، مشيراً إلى أن عدد سكان المستوطنات بلغوا اليوم 441.619 نسمة، وهي زيادة بنسبة 42 بالمئة مقارنة مع بداية العقد.
ولم يشمل التقرير المستوطنات في مدينة القدس الشرقية المحتلة، التي يقدر عدد المستوطنين فيها بنحو 220 ألف شخص، بحسب تقرير سابق لـ" بتسيلم".
وجاء في التقرير: "تُسخّر إسرائيل طرق مختلفة، رسمية وغير رسمية، لتشجيع مواطنيها اليهود على الانتقال للسكن في المستوطنات، وتطوير مبادرات اقتصاديّة داخلها وحولها".
وأضاف: "على سبيل المثال تقدّم الدولة للمستوطنين امتيازات في مجال الإسكان، تتيح حتى للأسر التي تعدم الإمكانيّات أن تقتني منزلاً في المستوطنات"، مضيفاً: "في السّنة الماضية وحدها بلغت نسبة تزايُد المستوطنين السنويّة 3.2% ولأجل المقارنة ننوّه أنّ نسبة تزايد المواطنين والمقيمين في إسرائيل بلغت في السّنة الماضية 1.9% فقط، أي أنّ الزيادة السكّانيّة في المستوطنات كانت أعلى بـ 68%".
اقرأ أيضاً: وزير إسرائيلي: يلوح بضم إجزاء من الضفة الغربية
ولفت التقرير إلى أن "التزايُد السكّانيّ كان سريعاً، على الأخصّ في كتلتي المستوطنات الأكبرين، وهما مدينتا المستوطنين الأرثوذكس، موديعين عيليت، وبيتار عيليت".
وتابع: "في نهاية العام 2020 بلغ عدد سكّان المدينتين 140,053 نسمة أي ما يُقارب ثُلث عدد المستوطنين في الضفة الغربيّة، إنّها زيادة بنسبة 435% مقارنة مع العام 2000 حيث كان عدد سكّان المدينتين آنذاك 32,200 نسمة".
وذكر أنه إضافة إلى ماسبق، "تقدّم الدولة امتيازات ومحفّزات للمناطق الصناعيّة الإسرائيليّة في الضفة الغربيّة عبر تخفيض أسعار الأراضي ودعم تشغيل القوى العاملة في المصانع هناك، وتلعب هذه الامتيازات والمحفّزات دوراً حاسماً في الزيادة المتواصلة لعدد المصانع".
وأشار التقرير إلى أن المحفّزات الأخرى التي تقدّمها مختلف السّلطات تشجّع المستوطنين على "نهب "الأراضي الفلسطينيّة الزراعيّة والرعويّة".
وأقيمت خلال العقد الماضي، في أنحاء الضفة الغربيّة، نحو أربعين مزرعة أغنام وأبقار، "استولى" المستوطنون فيها على عشرات آلاف الدونمات ومنعوا وصول الفلسطينيّين إليها قطعيّاً أو إلى حدّ كبير".
وذكر التقرير أن الوجه الثاني للنشاط الاستيطاني هو " تغيير تضاريس المكان بواسطة كتلتين استيطانيتين تقطعان الضفة الغربيّة عرْضاً: الأولى هي كتلة مستوطنات منطقة بيت لحم وتشمل بيتار عيليت وإفرات، ومستوطنات مجلس إقليمي (غوش عتصيون)؛ والثانية كتلة مستوطنات وسط الضفة الغربيّة وتشمل أريئيل ورحليم وعيلي ومعليه لبونه وشيلو، إضافة إلى البؤر الاستيطانيّة المحيطة بها".
ويقيم اليوم في كتلتي المستوطنات المذكورتين نحو 121 ألف مستوطن، وهناك مخطّطات لتوسيعها بما يتيح إسكان عشرات آلاف المستوطنين، حسب ما ذكر التقرير.
ولفت إلى أن "تأثير الكتلتين الاستيطانيتين يتجاوز بكثير تأثير المساحة العمرانيّة للمستوطنات وعدد المستوطنين فيها".
وقال: "كتلة مستوطنات جنوب بيت لحم تقطع الأراضي الفلسطينيّة الممتدّة بين بيت لحم والخليل وتقطع مدينة بيت لحم عن ريف بيت لحم"، في حين أن "كتلة مستوطنات وسط الضفة الغربية فتسيطر على ريف الضفة الغربية، وهو أخصب الأراضي الزراعية في قلبها".
اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يطالب إسرائيل بوقف التوسع الاستيطاني
وتابع: "كذلك تسيطر كتلتا المستوطنات على الشوارع الطوليّة والعرضيّة الرئيسيّة في المنطقة فتقطّع أوصال الضفة الغربيّة وتحولها إلى معازل منفصلة عن بعضها".
وشدد التقرير على أن سياسة الاستيطان الإسرائيليّ في الضفة الغربيّة "تجسّد بوضوح نظام الأبارتهايد الإسرائيلي، الذي يسعى بشتّى الطرق إلى تحقيق وإدامة تفوّق مجموعة من البشر (اليهود) على مجموعة أخرى (الفلسطينيّون) في جميع الأراضي الممتدّة بين النهر والبحر".
وقال: "الميزانيّات الهائلة التي ترصدها إسرائيل للمضيّ في مشروع الاستيطان تثبّت أقدام الدولة في الضفة الغربيّة ولا تُبقي غطاء يستر الأهداف بعيدة المدى التي يرمي إليها النظام الإسرائيليّ وتشمل تكريس مكانة ملايين الفلسطينيّين كرعايا مسلوبي الحقوق ومجرّدين من أيّة حماية عاجزين عن التأثير في مستقبلهم".
ومع انتهاء العقد الثاني من القرن الـ21، يبدو أنّ إسرائيل مصرّة على المضيّ في العقود المقبلة بعزم أكبر على تكريس وترسيخ نظام (الفصل العنصري) الأبارتهايد في جميع الأراضي الواقعة تحت سيطرتها، حسب ما ذكر التقرير.
وتؤكد قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة "غير شرعية وغير قانونية، وجريمة حرب".
وكان الاتحاد الأوروبي، الذي يرفض الاستيطان، قد قرر في العام 2015 وسم منتجات المستوطنات، بهدف تمييزها للمستهلكين، وهو ما أثار غضب إسرائيل.