معاناة أخرى تعصف بأهالي مدينة دير الزور الخاضعة لسيطرة نظام الأسد وحلفائه من الميليشيات الإيرانية، تتمثل هذه المرة بموضوع الحوالات التي تعتمد عليها غالبية الأسر والعائلات، ليتمكّنوا من خلالها تأمين المتطلبات الأساسية للحياة اليومية.
اقرأ أيضاً: الحوالات المالية الخارجية سلاح جديد لابتزاز سكان دمشق
فكما هي الحال في مختلف المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة النظام، ساهم غلاء أسعار جميع المواد في الأسواق السورية، لا سيما الغذائية منها والأدوية والألبسة، التي تعدّ من أولويات العيش، بالتوازي مع المرتبات المتدنية -التي لا تتجاوز عند بعض الموظفين ما يساوي 20 دولارا- ساهم في اعتماد المواطنين على ما يصلهم من حوالات مالية من ذويهم وأقربائهم ومعارفهم اللاجئين والمقيمين خارج البلاد.
في دير الزور، التي تعيش منذ نحو شهرين أزمة خانقة، في الحصول على رغيف الخبز من جهة وارتفاع سعره خارج الأفران المعتمَدة من جهة أخرى، تشكّل قلّة مكاتب الحوالات المالية في المدينة (مكتبان فقط) أزمة مضاعفة، خاصة أن تعداد المقيمين داخل الأحياء الصالحة للسكن فيها، تجاوز نصف مليون نسمة.
بدأت أزمة المكاتب عقب إقدام النظام على إغلاق العديد من مكاتب الحوالات، المرخصة وغير المرخصة، والإبقاء على مكتبين فقط هما مكتب "القدموس" ومكتب "الفؤاد".
وبات مشهد طوابير مكتب الحوالات أشبه ما يكون بطوابير أفران الخبز؛ العشرات من النساء والرجال يقفون لساعات طويلة على امتداد نحو 100 متر، للحصول -ربما- على حوالاتهم في نفس اليوم.
يتضاعف ذلك المشهد في الأسبوع الأول من كل شهر، يقول "عبد الكريم" لموقع تلفزيون سوريا "جراء تزامن إرسال الحوالات مع قبض السوريين في الخارج (المحوِّلين) مرتباتهم مطلع كل شهر".
"عبد الكريم" من أبناء حي "العرضي" في قلب مدينة دير الزور ويقيم اليوم في حي "الجورة" نتيجة الدمار الذي لحق بمنزله على يد النظام والتحالف الدولي خلال سيطرة فصائل الجيش الحر ثم "تنظيم الدولة".
ويؤكّد عبد الكريم بأنه يضطر للوقوف " بين 3- 4 ساعات، تحت أشعة شمس دير الزور الحارقة، في كل مرة يذهب فيها لتسّلم حوالة مرسلة من أحد اقربائه، بسبب الازدحام و التأخير بتسليم الحوالة.
أما هاني، وهو من أهالي بلدة "هجين" بريف دير الزور الشرقي، ويقيم في مدينة دير الزور، فيقول
إنه يضطر لـ "تحمل معاملة عمّال شركة القدموس السيئة وعديمة الاحترام في سبيل الحصول على الحوالة".
ويشير هاني إلى أن "الموظفين يصرخون على المراجعين وكأنهم أطفال أو عساكر، بذريعة طلبهم الالتزام بالوقوف ضمن الطابور أو لالتزام الصمت والهدوء".
وتتعرض المحال والمكاتب التي كانت تعمل في التحويل لمضايقات مستمرة من قبل سلطات النظام، للاشتباه بأنها ما تزال تعمل بالتحويل بشكل سرّي.
ويفيد مصدر محلي لتلفزيون سوريا بأن مداهمة استهدفت أمس مكتب تحويل سابق وتم القبض على ثلاثة موظفين ومصادرة مبلغ يقدّر بنحو 40 مليون ليرة.
اقرأ أيضاً: حلول جديدة يتبعها السوريون لإيصال الحوالات إلى أسرهم
ويضيف المصدر بأن ذلك المكتب، بالإضافة إلى المكاتب غير المرخصة الأخرى، غالبيتها تعمل تحت حماية أشخاص مقربين لنظام الأسد، معظمهم من ضباط الأمن أو رجال أعمال يقيمون في العاصمة دمشق أو في إحدى الدول العربية والأوروبية، بحيث يتم استخدام حساباتهم الخاصة وأرصدتهم في آليات التحويل.
وتعمل مكاتب التحويل المدارة من قبل سلطات النظام بتسليم الحوالات التي تكون محوّلة بعملة البلاد المرسِلة أو بالدولار، لأصحابها بالليرة السورية حصراً، وبحسب تسعيرة النظام التي تُفقِد أكثر من 40% من قيمة الصرف، ما دفع بكثيرين من مصادر التحويل لاعتماد مكاتب خاصة وسريّة لإيصال حوالتهم لأهلهم وذويهم داخل مناطق النظام.
اقرأ أيضاً: لماذا يعجز نظام الأسد عن ضبط سعر الليرة السورية؟