البث المباشر
خريطة السيطرة
يصمد الجيش الأوكراني في مواجهة الغزو الروسي لليوم السادس بالاعتماد على تكتيكات هجينة بين أسلوب الجيوش وأسلوب الميليشيات، من خلال الاعتماد على الأسلحة الثقيلة والمدفعية والطائرات المسيرة وسلاح الجو قدر الإمكان في خط الدفاع الثاني، بالإضافة إلى الكمائن القائمة على مجموعة قليلة العدد من الجنود، مزودة بصواريخ مضادة للدروع والطائرات ما يمكنها من الاشتباك مع رتل عسكري أو مجموعة روسية متقدمة على خط الجبهة.
ومنذ يومين يحشد الجيش الروسي معظم قواته على محور العاصمة كييف بعد أن تقدم على ضفتي نهر دنيبر من مدينتي تشيرنوبل وتشيرنيهيف الحدوديتين مع بيلاروسيا.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية أرتالاً روسية طويلة من الدبابات والشاحنات وناقلات الجند من الحدود البيلاروسية إلى التخوم الشمالية لكييف، ما يعني أن موسكو غيرت الاستراتيجية من الاجتياح البري على طول الحدود من 3 جهات، بعد فشلها في تحقيق أهدافها، إلى التركيز على السيطرة على العاصمة لضمان موقف متين في أي مفاوضات مقبلة، وتكبيد الأوكران ضربة معنوية كبيرة، وتنصيب نظام سياسي مؤقت موال لموسكو مع الاستمرار في معركة المحاور الشرقية والجنوبية.
وصلت القوات الروسية صباح اليوم الثلاثاء إلى مدينتي خيرسون وماريوبول في الجبهة الجنوبية، وهو تقدم يبلغ مداه نحو 20 كم خلال آخر 24 ساعة.
أما على الجبهة الشرقية، فسيطرت قوات الانفصاليين على نحو 10 قرى غربي إقليم دونيتسك، وعلى كامل الطريق الواصل بين مدينتي دونيتسك وماريوبول بعد السيطرة على بلدة فولنوفخا.
وما زالت مدينة خاركيف تعزز موقعها المعنوي كرمز للمقاومة الأوكرانية، حيث فشل الجيش الروسي منذ بدء الغزو في السيطرة عليها، رغم كثافة القصف على كامل خطوط الجبهة في أطراف المدينة، باستخدام الطائرات الحربية وراجمات TOS ذات العيار الأثقل.
وفي الـ 24 ساعة الماضية هدأت جبهة حي أبولون في الضواحي الشمالية للعاصمة كييف، وسط ترقب للعملية الروسية الشاملة للسيطرة على العاصمة.
باختصار، يمكن القول إن استراتيجية الاجتياح البري من قبل روسيا أثبتت فشلها بعد مرور 6 أيام من الغزو، وشهد اليومان الرابع والخامس تدمير الكثير من الدبابات والعربات والأرتال الروسية في مختلف الجبهات، ودخول طائرات البيرقدار التركية على خط المواجهة.
اوكرانيا تدمير
الأحدث
المشهد العسكري في 6 أيام
اعتمدت روسيا في الساعات الأولى للغزو على أحدث الصواريخ في ترسانتها وتحديداً صواريخ كاليبر المجنح الذي تصنعه روسيا كمثيل لصاروخ توماهوك الأميركي، وضربت عشرات المواقع من مطارات ورادارات وكتائب دفاع جوي وغرف عمليات وكتائب الاتصالات، بهدف فرض سيطرة جوية من دون تدخل سلاح الجو الروسي وإحداث صدمة للجيش الأوكراني وخلخلة خطوط الإمداد ومراكز القيادة، ومن ثم بدء التقدم البري بالدبابات وكتائب القوات الخاصة.
أسلوب السلاح الحديث والدقيق في بداية الغزو له أبعاده السياسية، ويظهر روسيا بشكل مغاير لما بدت عليه في معاركها الأخيرة مثل سوريا، وتركز على عدم إيقاع ضحايا ودمار بل وحتى قتلى في الجيش الأوكراني، كي لا تمنح للقيادة الأوكرانية مسوغات تحشيد شعبي وعسكري واسع ضد الغزو الروسي، وتترك المجال مفتوحاً للحديث مع الجيش الأوكراني للاتفاق على نظام حكم جديد.
لكن القرار الأوكراني على المستوين الشعبي والقيادي أحبط الاستراتيجية الروسية في الغزو، فتوقفت الأسلحة الدقيقة وعاد الجيش الروسي للنمط المعهود في القصف والرجم، وأطلق في اليومين الثاني والثالث 8 محاور للتقدم على 3 جبهات:
- الجبهة الشرقية: محوران من إقليمي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليين ومحور من خاركيف ومحور من سومي
- الجبهة الجنوبية: محوران من شبه جزيرة القرم، المحور الأول ينعطف شرقاً نحو ميليتوبول، وآخر غرباً نحو خيرسون
- الجبهة الشمالية: نفذ الجيش الروسي إنزالاً جوياً في مطار غوستوميل شمالي كييف، وأطلق محوراً من تشيرنوبل نحو كييف، ثم محوراً من تشيرنيهيف نحو كييف
بحسب خريطة السيطرة في هذين اليومين، لم يكن تقدم الجيش الروسي مخططاً ومنتظماً بشكل يمكن توقعه، ما يعني أنه وبعد فشل الاستراتيجية الأولى، أشعل جميع محاور القتال وانتظرت القيادة الروسية نتائج هذا التقدم في الميدان، لتتعامل معه وتعمل على تنظيمه.
التنظيم الذي حصل برز بشكل واضح في جبهتين:
الأولى: أقصى شمال شرقي أوكرانيا، حيث يعتمد الجيش الروسي على تكتيك فكي الكماشة بالتقدم من محوري سومي وشمالي سومي، ومحور تشيرنيهيف، لتأمين كامل الزاوية الشمالية الشرقية، ومن ثم التقدم غرباً نحو الجهة الغربية من العاصمة.
الثانية: العاصمة كييف، بتحشيد الكتائب المقاتلة ذات التدريب والتسليح الأفضل في الجيش الروسي، برأس حربة من القوات الخاصة وقوات الإنزال الجوي والمخابرات العسكرية، التي ظهرت في أحد التسجيلات المصورة ضمن أحد الأرتال المتوجهة من بيلاروسيا إلى كييف، ومن الممكن أن تكون مهمتها تقدم الدعم الاستخباري للجيش الروسي والدخول إلى مؤسسات الدولة في العاصمة وتأمينها.
على الجانب الآخر، نجح الجيش الأوكراني في توقع المخطط الروسي الجديد، وعزز دفاعاته بشكل ملحوظ في محور خاركيف لمنع انهيار الجبهة الشرقية، فأوقف تقدم الروس على محور سومي شرقاً، وذلك لإحباط تكتيك فكي الكماشة في الزاوية الشمالية الشرقية.
وفي الجبهة الجنوبية التي كانت الأقل مقاومة، ركز الجيش الأوكراني على منع سقوط خيرسون، وعبور القوات الروسية إلى الضفة المقابلة لنهر دنيبر، في حين كان الصمود على محور ميليتوبول أقل، بحكم أنها جبهة أوكرانية تقاوم محوراً من شبه جزيرة القرم وآخر من ماريوبول.
ولعبت صواريخ جافلين المضادة للدروع المحمولة على الكتف دوراً كبيراً في ضرب القوات الروسية المتقدمة على جميع المحاور، وأظهرت صور وفيديوهات عشرات الدبابات الروسية المدمرة بينها دبابات من طراز T-90.
وفي حين يحشد الجيش الروسي أرتاله على تخوم العاصمة كييف، يحشد الجيش الأوكراني قواته في الجهتين الشمالية والغربية للعاصمة، وأحبط هجومين للالتفاف على العاصمة من الجبهة الغربية، وعملية إنزال جوي جنوبيها، ودمّر الجسر الرئيسي فوق نهر دنيبر الذي يقسم العاصمة إلى قسمين شرقي وغربي.
وحفرت قوات المتطوعين والجنود الأوكران خنادق في محيط حي أبولون، وتمركزت الدبابات الأوكرانية في مواقع دفاعية داخل العاصمة.
وفي الجو، أوقفت روسيا عمليات الإنزال الجوي بعد أن تكبدت خسائر كبيرة، وفشل عمليتي إنزال.
كييف12
الأحدث
كذلك أوقفت استخدام الطائرات الحربية، باستثناء الغارات التي تستهدف من فوق الأراضي الروسية أرتال الجيش الأوكراني في الجبهات الشرقية.
ومنذ ليل أمس أدخلت روسيا صواريخ إسكندر على خط المواجهة، فضربت مقر قيادة العمليات الشمالية، ومقر فوج الاتصالات، ومستودع الوقود بمنطقة تشيرنيهيف. ويعطي استخدام هذا النوع من الصواريخ الثقيلة (نحو 4 طن) انطباعاً معاكساً لما أرادته روسيا في اليوم الأول من الغزو عندما استخدمت صواريخ كاليبر الدقيقة والحديثة.
Something massive exploded in the Mariupol front earlier today. pic.twitter.com/kbEcCde4M7
— CaucasusWarReport (@Caucasuswar) March 1, 2022
وعلى الجانب الأوكراني، دخلت طائرات بيرقدار على خط المواجهة يوم الأحد الفائت عندما نشر القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، فاليري زالوجني، الفيديو الأول، وهو ما يمكن تفسيره بأنه إعلان رسمي لدخول هذا السلاح النوعي في المعركة.
عرضت أوكرانيا نحو 10 فيديوهات لضربات البيرقدار التي تمتلك منها 20 طائرة.
أما سلاح الجو الأوكراني فما زال في حالة جمود تقريباً، لتجنب أي مواجهة جوية مع مقاتلات الميغ الاعتراضية من الطرازات الروسية الحديثة.
وفي الوقت نفسه لم تستخدم أوكرانيا منظومات S-300 لتجنب كشف مواقعها من قبل الرادارات الروسية.
واعتمد الجيش الأوكراني على صواريخ ستنغر وإيغلا المحمولة على الكتف، ومنظومات الدفاع الجوي المجنزرة، لضرب الطائرات الحربية والمروحية الروسية.
راهن الأوكران على الصمود لفرض واقع مع روسيا من جهة ومع الحلفاء الغربيين من جهة أخرى، وحصلوا بالإضافة إلى الدعم السياسي على دعم عسكري بعد أن أثبتت الأسلحة الفتاكة فاعليتها في المعركة، فتعهدت العديد من الدول تقديم كميات كبيرة من الصواريخ المضادة للدروع والطائرات.
سيناريوهات المعارك المقبلة
تتجه أنظار العالم إلى جبهات العاصمة كييف، حيث يتمترس الجيش الأوكراني ضمن استراتيجية دفاعية، بحكم أن الهجوم على القوات الروسية المكثفة في شمالي المدينة يبدو أمراً مستحيلاً.
وربما يراهن الجيش الأوكراني على الصمود في حرب شوارع طويلة الأمد، وسيساعدهم ذلك بقاء موسكو على استراتيجية عسكرية تتفادى القصف العنيف والتدمير والقتل على نطاق واسع. بمعنى آخر معركة مشابهة لمدينة حلب لكن من دون سياسة الأرض المحروقة الروسية، ما يعني إمكانية كبيرة لصمود الأوكران.
ومن المحتمل أن تدخل المدفعية الأوكرانية على خطوط المواجهة بشكل أكثر فاعلية، حيث تمايزت خطوط الاشتباك وبات من الممكن جمع معلومات كافية عن مواقع تجمع القوات الروسية.
وعلى الجبهات الشرقية والجنوبية، يبدو أن أسلوب المجموعات المقاتلة قليلة العدد ناجح حتى الآن في إبطاء التقدم الروسي بتكاليف قليلة. بمعنى أنه لا حاجة لدخول الدبابات على خط المواجهة في حين يمكن لصاروخ محمول على الكتف تدمير دبابة معادية.
