تستعد الجهات الأمنية والطبية والتوعوية في ريف حلب الشمالي، لإطلاق حملة بعنوان "المخدرات الشيطان الأكبر" في عموم منطقة شمال غربي سوريا بالتعاون مع جمعية "الهلال الأخضر السوري"، في سياق الحملات المتواصلة للحد من تعاطي المخدرات، والعمل على معالجة المتعاطين، وتحسين سبل العيش لهم.
ومن المقرر أن يشرف أطباء مختصون على علاج المدمنين للمخدرات، وذلك برعاية جمعية "الهلال الأخضر السوري"، التي تعمل على وقاية وحماية المجتمع المحلي في شمالي سوريا والشباب السوري بشكل عام من المواد المخدرة، وتأهيل المجتمع لتمكين سبل الوقاية من المخدرات، وعلاج ومساعدة المدمنين مع مراعاة الخصوصية والسرية التامة.
ما الهدف من الحملة؟
ستنطلق الحملة التوعوية بريف حلب الشمالي من 8 إلى 10 كانون الثاني الجاري، وستستمر لمدة 25 إلى 30 يوماً، بمشاركة جميع أطياف المجتمع، من أطباء وإعلاميين ونقابات وجامعات وغيرها، وذلك على أربع مراحل، تشمل الوقاية، ومرحلة التعافي، وعدم انتكاسة المتعاطي مرة أخرى، ثم تحسين سبل العيش له.
من جانبه، قال القائمون على الحملة، خلال لقاء مع عدة صحفيين في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، إنّ الحملة ستكون رديفة لجهود "اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات" التي ترعاها الحكومة السورية المؤقتة.
ورشة لمناقشة آلية عمل حملة "المخدرات الشيطان الأكبر"
وستشمل الحملة توزيع مناشير توعوية تحذر من خطر المخدرات، والعمل على تقديم الدعم النفسي للمتعاطين من خلال مصحّين في مدينة اعزاز وبلدة سجو شمالي حلب، بينما ستتكفل نقابة أطباء حلب بتقديم العلاج الكيميائي للمدمنين.
ومن المخطط أن يشارك سوريون في داخل وخارج البلاد في الحملة، وخاصة من المؤثرين والنخب والأطباء والمحامين، عبر الظهور بفيديوهات مصورة تتضمن رسائل داعمة للحملة، وتحذر من خطر تعاطي المخدرات.
كم بلغ عدد المتعاطين في السجون؟
وأشار رئيس فرع الشرطة العسكرية في مدينة اعزاز شمالي حلب، هشام دربالة، إلى أن الحملات الأمنية ضد تجار المخدرات مستمرة، مؤكداً تنفيذ حملة خلال الأسبوع الماضي ضد أبرز المتورطين في ترويج الحبوب المخدرة.
وأفاد "دربالة" بأن عدد الأشخاص الملقى القبض عليهم بتهمة تعاطي المخدرات، بلغ 1500 شخص في السجون المركزية بريف حلب الشمالي والشرقي، إضافة إلى نحو 300 امرأة متعاطية.
عملية أمنية سابقة ضد مروجي المخدرات (تلفزيون سوريا)
ولفت إلى أن عدم الاهتمام اللازم بهؤلاء الأشخاص، من ناحية العلاج والدعم النفسي، دفع لتأسيس جمعية "الهلال الأخضر السوري" للقيام بهذه المهمة، فضلاً عن الدور التوعوي، مضيفاً أن المتعاطي الذي يسلم نفسه للجهات الأمنية، يعفى من العقوبة.
وأكد "دربالة" أن النظام السوري والميليشيات الإيرانية يركزون على إدخال المخدرات إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية ونشرها بين الشباب، وذلك موثق بعدة ملفات، تم تسليمها للائتلاف الوطني السوري، الذي أوصلها بدوره إلى مجلس الأمن الدولي.
مخدرات وأسلحة ضبطتها الجهات الأمنية - أرشيف
واقترح بعض الحضور في الجلسة، ألا تقتصر الحملة على مدينة اعزاز فقط، وأن تشمل جميع مناطق شمال غربي سوريا، وأن تشارك فيها جميع فروع الشرطة العسكرية وفصائل الجيش الوطني السوري.
كما طالبوا بوضع حواجز خاصة بالتدقيق وضبط المواد المخدرة، امتداداً من معبر عون الدادات قرب جرابلس شرقي حلب، حتى معبر الغزاوية جنوبي عفرين.
وأكّد القائمون على الحملة أنها تستهدف كامل مناطق ريف حلب إعلامياً وتوعوياً، لكن النشاط الميداني سيبدأ من مدينة اعزاز لوجود الأرضية المناسبة، تمهيداً لنقل التجربة لاحقاً إلى مختلف المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري.
الهلال الأخضر يتكفل بالعلاج
وفي إفادة لموقع "تلفزيون سوريا"، قال الهلال الأخضر السوري، إن العلاج الذي تقدمه الجمعية للأشخاص المدمنين على المخدرات يتم تحت إشراف أطباء مختصين.
ويساعد الهلال الأخضر السوري بإسقاط الدعوى العامة عن كل من تقدم من متعاطي المواد المخدرة للعلاج من تلقاء نفسه أو بطلب من زوجته أو أحد أقربائه حتى الدرجة الثانية، وذلك استناداً للمادة 42 من قانون المخدرات.
ودعت الجمعية الراغبين في الإقلاع عن تعاطي المواد المخدرة والعلاج وبدء حياة جديدة أو مساعدة أي حالة إدمان، إلى الاتصال بالرقم الخاص بالهلال الأخضر السوري، الذي سيتكفل بالعلاج الكامل للحالة.
اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات
وقبل أيام عقدت الحكومة السورية المؤقتة، الاجتماع الأول للجنة مكافحة المخدرات لمناقشة سبل الحد من المواد المخدرة، ومنع إدخالها عبر المنافذ الفاصلة مع مناطق سيطرة النظام السوري، مع الإشارة إلى أهمية توجيه الدعم من قبل الحكومة والمنظمات لمكافحة المخدرات بأنواعها.
وشارك في الاجتماع رئيس الحكومة المؤقتة ووزرائها ورئيس جامعة حلب في المناطق المحررة وعميد كلية الطبّ في جامعة حلب، والدفاع المدني السوري، وممثلون عن الشرطة العسكرية ونقابات المحامين والمعلمين والأطباء والصيادلة، ومديريات الصحّة في المجالس المحلية، وممثلون عن اتحاد الإعلاميين السوريين واتحاد الطلبة الأحرار، وعدة منظمات محلية.
وخلال اللقاء، ناقش المجتمعون النظام الداخلي للجنة مكافحة المخدرات واختيار المكتب التنفيذي من تسعة أعضاء برئاسة وزير الداخلية وعضوية 4 وزراء (الدفاع - الصحة - التربية - العدل) وممثليْن عن النقابات (الأطباء والمحامين) وممثلين عن المنظمات (الدفاع المدني ووحدة تنسيق الدعم).
خطر كبير للمخدرات في الشمال السوري
وسبق أن سلّط موقع "تلفزيون سوريا" في ملفات سابقة الضوء على آفة انتشار المخدرات في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، وكشف عن مصادر المواد المخدرة وطرق تهريبها، والجهود الأمنية لمكافحتها وإلقاء القبض على مروجيها، كما استعرض أنواع المخدرات والنصائح الطبية للتخلص منها، وطرق العلاج.
وتستفيد عدة جهات من تفشي المخدرات في شمال غربي سوريا، في مقدمتها الميليشيات الإيرانية، وحزب الله اللبناني، ونظام الأسد، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ومجموعات عسكرية في المنطقة، بعضها يعمل تحت غطاء فصائل في الجيش الوطني.
مصادر أمنية خاصة أكدت في وقت سابق لموقع "تلفزيون سوريا"، أن الحبوب المخدرة تأتي من لبنان عن طريق حزب الله مروراً بمناطق النظام، ومنها إلى "المناطق المحررة"، بخطين أحدهما من مناطق إدلب والآخر في ريف حلب الشمالي، مشيرة إلى أن "بعض الشخصيات المنتفعة من الثورة والمحسوبة عليها زوراً هي من تقوم بتأمين المخدرات وحمايتها إضافة إلى شخصيات تعمل بالمخدرات ولها باع طويل بهذا المجال من قبل الثورة، مع وجود شبكات كبيرة أشبه بالمافيات".
خطوط تهريب المخدرات بين مناطق السيطرة السورية
وكذلك لم يعد استيراد المخدرات إلى المنطقة بغرض التعاطي والترويج فقط، بل تعدى ذلك إلى إعادة تصديرها إلى دول عدة عبر شبكة منتشرة في كل من سوريا وتركيا، حيث أكدت المصادر أن المسؤولين عن تجارة المخدرات في النظام و"حزب الله" والفرقة الرابعة، باتوا يرفضون تصدير المخدرات إلى المنطقة مقابل المال، ويشترطون أن تكون الأسلحة مقابل المخدرات.
كيف تستخدم المخدرات لإفراغ الشمال السوري من السلاح؟
وحذرت القوى الأمنية من هذه الطريقة بالتحديد، لأنها ستؤدي لاحقاً إلى تفريغ المنطقة من الأسلحة والمعدات العسكرية المخصصة لحماية السكان من النظام و"التنظيمات الإرهابية"، وهدم المجتمع في "المناطق المحررة" واستعمال هذه المناطق إضافة إلى الأراضي التركية لتمرير المخدرات إلى دول مختلفة.