قال "معهد واشنطن" إن نظام الأسد "استسلم للوجود الأجنبي على أراضيه الذي يبدو أنه سيكون دائماً، وذلك بعدما تنازل عن السيطرة على حدوده ومجاله الجوي إلى جهات مختلفة.
وأوضح المعهد، في تقرير له، إن "الوضع على الحدود السورية على الأقل لم يتغير، خلال العامين الماضيين"، مشيراً إلى أن ذلك "يأتي في الوقت الذي تعارض فيه روسيا وشريكيها في محادثات أستانة للسلام (إيران وتركيا)، أي جهود رسمية لتقسيم البلاد أو ترسيخ وجود كيان كردي منفصل في الشمال".
ويوضح كاتب التقرير، الباحث والزميل الزائر في المعهد فابريس بالونش، أن "المشكلات التي أعقبت تقسيم السودان شككت صانعي السياسة الغربيين بشأن جدوى مثل هذا الحل في سوريا".
ويرى بالونش أنه "رغم الاحتمالات الدولية المجهضة للتقسيم، فإن القوى الخارجية تتقاسم البلاد بشكل غير رسمي عبر مناطق نفوذ متعددة، والسيطرة من جانب واحد على معظم حدودها، وبالتالي حرمان نظام الأسد من أداة رئيسية للسيادة".
ورأى أن "سيطرة النظام تتلاشى على الحدود التي تعد رمزاً قويا لسيادة الدولة، رغم سيطرته على ثلثي الأراضي السورية، خاصة وأنه يسيطر على 15 % فقط من الحدود البرية الدولية للبلاد، بينما تنقسم المساحة المتبقية بين جهات أجنبية".
وأضاف أن "حزب الله" اللبناني والميليشيات الموالية لإيران تسيطر حالياً على حوالي 20 % من حدود البلاد، على الرغم من أن سلطات الجمارك التابعة للنظام هي المسؤولة رسمياً عن المعابر مع العراق (البوكمال)، والأردن (نصيب)، ولبنان (العريضة والجديدة والجوسية والدبوسية).
وبيّن أن "حزب الله" يسيطر على الحدود اللبنانية، حيث أقام قواعده على الجانب السوري في الزبداني والقصير، التي يسيطر منها على منطقة القلمون الجبلية، في حين تدير الميليشيات الشيعية العراقية كلا جانبي حدودها من البوكمال إلى التنف.
وأكد أن قبضة القوات الموالية لإيران تمتد أيضاً إلى العديد من المطارات العسكرية السورية، وهي غالباً وسيلة لنقل الأسلحة الإيرانية إلى "حزب الله" وخط المواجهة مع إسرائيل في مرتفعات الجولان، موضحاً أن هذا الوضع "يكشف اندماج سوريا الكامل في المحور الإيراني".
من جانب آخر، قال التقرير إن تركيا و"الجيش الوطني السوري" الموالي لأنقرة، يبسطون سيطرتهم على الحدود الشمالية، مشيراً إلى أن السلطات التركية بدأت منذ 2013، ببناء جدار حدودي في منطقة القامشلي، ووسعته ليشمل طول الحدود الشمالية بكاملها.
وأشار إلى أن الجزء الوحيد من الحدود الشمالية الخاضعة لسيطرة نظام الأسد هو معبر كسب شمالي اللاذقية، والذي تم إغلاقه من الجانب التركي منذ العام 2012، في حين تسيطر الفصائل العسكرية المعارضة على باقي الشريط الحدودي.
وشدد على أن نظام الأسد فشل في إعادة بسط سيطرته على سماء سوريا ومياهها الإقليمية، حيث تخضع مناطقها البحرية لمراقبة القاعدة الروسية في طرطوس، كما يتم التحكم في معظم مجالها الجوي من القاعدة الروسية في حميميم.
واعتبر المعهد أن إيران تعتمد على الأصول الجوية لموسكو للحماية من الضربات الإسرائيلية، وهي بمثابة "ضمانة محدودة"، لأن روسيا لا تحمي أنشطة طهران الأكثر استفزازاً مثل نقل الصواريخ إلى "حزب الله" أو تعزيز مواقعها في الجولان، في حين تحتفظ الولايات المتحدة بممر جوي بين نهر الخابور والحدود العراقية، حيث توجد آخر قواتها البرية.
ويسيطر حالياً نظام الأسد على ثلثي الأراضي السورية، بما في ذلك جميع المدن الرئيسية (دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس ودرعا ودير الزور)، في مقابل خمس مساحة البلاد فقط في ربيع العام 2013.
كما يحكم نظام الأسد 12 مليون سوري يقطنون في المناطق التي يسيطر عليها، من أصل 17 مليوناً، هم المقيمون داخل سوريا، بينما لا يزال سبعة ملايين سوري يعيشون في الخارج كلاجئين.
اقرأ أيضاً: "عشرة معابر حدودية بيد الأسد".. ماذا يستفيد منها؟ (1)