كشفت مصادر مطلعة لتلفزيون سوريا عن كواليس زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى دولة الإمارات، مؤكدة أن هذه الزيارة كان يمهد لها القائم بالأعمال الإماراتي في دمشق عبد الحكيم يوسف النعيمي، الذي أجرى خلال الفترة الماضية اجتماعين في دمشق الأول في القصر الجمهوري والثاني مع الأمن الوطني، تمت خلال الاجتماعات مناقشة إمكانية حضور ممثل سعودي خلال لقاءات الأسد بالمسؤولين الإماراتيين، وهو الأمر الذي رفضته السعودية خلال الفترة الحالية، وبحسب مصادر خاصة، فإن اللقاءات بين الأسد والمسؤولين الإماراتيين اقتصرت على مناقشة التعاون في "مكافحة الإرهاب وملفات الجريمة المنظمة" والجانب الأمني عموما، دون أن تحقق أي اختراق سياسي فيما يتعلق بعودة دمشق إلى الجامعة العربية، وأضافت المصادر أن الأسد طلب خلال اللقاء تحسين آلية الاتصالات بين كل من السعودية وتركيا من خلال الإمارات التي تتمتع بعلاقات قوية مع الدولتين.
ردود فعل منددة
أثارت زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد، إلى دولة الإمارات ردود فعل واسعة أغلبها نددت باستقبال الإمارات له، بعد كل الاتهامات الموجهة للنظام بارتكاب جرائم حرب في سوريا خلال 11 عاماً، إذ أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن "خيبة أمل كبيرة وانزعاج عميق" من الزيارة، مشيرة إلى أنها "محاولة واضحة لإضفاء الشرعية على الأسد"، كما أعلن المبعوث البريطاني الخاص إلى سوريا جوناثان هارغريفز، تعليقا على الزيارة، أن المملكة المتحدة تعارض التطبيع مع نظام الأسد وتدعو لمحاسبته على جرائمه.
وكان بشار اﻷسد زار دولة الإمارات، يوم الجمعة الفائت، والتقى محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في زيارة هي الأولى للأسد لدولة عربية منذ 2011.
وجرى اللقاء في قصر الشاطئ بأبو ظبي، حيث اعتبر محمد بن زايد أنَّ هذه الزيارة تأتي في إطار الحرص المشترك على مواصلة التشاور والتنسيق بين الجانبين حول مختلف القضايا، بحسب بيان "رئاسة الجمهورية" التابعة للنظام.
وقال محمد بن زايد إن سوريا "تُعَدّ ركيزةً أساسيةً من ركائز الأمن العربي، لذلك فإنَّ موقف الإمارات ثابتٌ في دعمها لوحدة أراضي سوريا واستقرارها"، وفقاً للبيان.
وبحسب البيان، بحث الأسد وبن زايد "العلاقات الأخوية والتعاون والتنسيق المشترك" بين الجانبين بما يحقق مصالحهما المتبادلة، وتبادلا وجهات النظر وموقفهما تجاه مُجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وحضر اللقاء طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، ومنصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وعبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وعلي بن حماد الشامسي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني.
كما حضره الوفد المرافق للأسد الذي يضم فيصل المقداد وزير خارجية النظام، ومنصور عزام "وزير شؤون رئاسة الجمهورية"، وبشار الجعفري "نائب وزير الخارجية والمغتربين".
الأسد يلتقي حاكم دبي
كما استقبل رئيس مجلس الوزراء الإماراتي نائب رئيس الدولة حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، بشار الأسد والوفد المرافق له في دبي.
وقالت "رئاسة الجمهورية" التابعة للنظام، في بيان، إن محمد بن راشد رحب خلال اللقاء بزيارة الأسد والوفد المرافق، والتي تأتي "في إطار العلاقات الأخوية" بين الجانبين.
وأضاف البيان أن اللقاء تناول مجمل العلاقات بين الجانبين وآفاق توسيع دائرة التعاون الثنائي لا سيما على الصعيد الاقتصادي والاستثماري والتجاري.
وكان في استقبال بشار الأسد، لدى وصوله إلى مطار دبي، وفق البيان، منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة.
وتعتبر الإمارات أول دولة عربية تُطبع علاقاتها الدبلوماسية مع نظام الأسد، وتفتح سفارتها في دمشق في عام 2018، بعد إغلاق استمر سبع سنوات عقب اندلاع الثورة في سوريا.
وفي آذار من عام 2020، أجرى ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، اتصالاً مع رئيس النظام، بشار الأسد، ذا غطاء إنساني، يتمثل في تقديم مساعدات طبية لمواجهة فيروس "كورونا"، أرسلتها الإمارات إلى نظام الأسد، ومضمون سياسي يوحي بنية التطبيع الإماراتي الكامل.
وفي 9 من تشرين الثاني الماضي، استقبل بشار الأسد في دمشق وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان مع وفد مرافق له، في أول زيارة لمسؤول إماراتي إلى سوريا منذ أكثر من عشر سنوات.
كما تستضيف الإمارات عدداً من أبناء آل الأسد أو أقاربهم منذ عدة سنوات، ومن بينهم شقيقة رئيس النظام، وأبناء رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام، بالإضافة إلى عدد من أبناء الوزراء والمستشارين وأقاربهم.
وسبق أن انتقد عبد الله بن زايد، "قانون قيصر"، الذي تفرض بموجبه الإدارة الأميركية عقوبات على شخصيات وكيانات مرتبطة بنظام الأسد، مشيراً إلى أن "عودة سوريا إلى محيطها أمر لا بد منه، وهو من مصلحة سوريا والمنطقة ككل، وإن التحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سوريا هو قانون قيصر".