البث المباشر
شهدت الفترة الممتدة من كانون الأول 2022، ونيسان 2023 انعقاد 4 لقاءات أمنية وعسكرية بين تركيا والنظام السوري برعاية روسية، اثنان منها رفيعة المستوى حضرها وزراء الدفاع ورؤساء الاستخبارات، دون تحقيق نتائج ملموسة حتى اللحظة.
وتُظهر كل من التصريحات التركية والأخرى الصادرة عن النظام السوري حجم التباعد بين الطرفين، وقد حرصت وسائل إعلام النظام السوري بعد اللقاء الأخير لوزراء الدفاع ورؤساء الاستخبارات على نفي ماورد في بيان وزارة الدفاع التركية، الذي تحدث عن اتخاذ خطوات ملموسة في تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
الاستثمار الإعلامي
أفادت مصادر دبلوماسية من موسكو مطلعة على المحادثات بين تركيا والنظام السوري، بعدم صحة التصريحات الصادرة عن النظام السوري، والتي تحدث فيها عن مناقشة انسحاب القوات التركية خلال اللقاء الأخير الذي احتضنته موسكو في 25 من نيسان الجاري.
وأكدت المصادر في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن الجانب الروسي ضغط على النظام السوري للتوقف عن المطالبة بانسحاب القوات التركية من سوريا، إذ أن موسكو لديها حرص كبير على تمهيد الأجواء لعقد لقاء وزراء الخارجية بأقرب وقت، ولذا فهي عملت على ترحيل النقاط الخلافية والدفع بالمحادثات إلى الأمام.
وتعتقد المصادر أن النظام السوري يسعى لاستغلال محادثات الدول الإقليمية والعربية معه لتصدير خطاب إعلامي يبرز تماسكه وقدرته على فرض الشروط على طاولة المفاوضات، وهذا ما يدفعه لتسريب معلومات غير صحيحة عن مجريات اللقاءات.
النظام السوري يفضل التريث
تسود قناعة في أروقة النظام السوري بضرورة عدم التسرع في مسار المباحثات مع تركيا، والتريث إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية التركية، لأنه يفضل استكمال المحادثات مع إدارة جديدة قد تأتي بعد أردوغان.
وأكدت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن النظام السوري على الرغم من إبدائه استجابة للضغوطات الروسية لخوض المباحثات، لكنه ينسق موقفه بشكل أكبر مع إيران التي تدعم مطالبة دمشق لأنقرة بالانسحاب من سوريا، حيث تدفع طهران باتجاه توافق بين الدول الضامنة لمسار أستانا على تمكين قوات النظام استعادة السيطرة على الأراضي السورية، وهذا يتقاطع مع مصالح النظام السوري بشكل أكبر من النهج الذي تتبعه روسيا، والقائم على عدم إغضاب تركيا وتجنب الحديث عن مصير الانتشار العسكري التركي في سوريا.
وبحسب المصادر فإن إيران أيضاً تراهن على حدوث متغيرات في الحكومة التركية، فهي تمتلك حالياً علاقات جيدة مع المعارضة التركية، وتقدم لها دعماً مالياً وسياسياً، وتعتقد أن وصولها للسلطة أو زيادة حجم كتلتها في البرلمان بعد الانتخابات، سيسهم في إحداث تغيير بالسياسة الخارجية التركية، ويجعلها أقل جنوحاً باتجاه النفوذ الخارجي، لأنه سيدفع الأحزاب السياسية المتنافسة على الانشغال أكثر بالشأن الداخلي.
أيضاً؛ تعتقد إيران أن وصول المعارضة التركية إلى السلطة سيخفف من حضور الأيدولوجيا في السياسة الخارجية التركية، وهذا من شأنه أن يخفض التنافس مع إيران في ملفات العراق وسوريا.
وترى كل من إيران والنظام السوري بأن الحكومة التركية الحالية اتجهت لدخول المفاوضات بهدف تعزيز موقفها في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، وهي تركز على إبراز جهودها في حل مشكلة اللاجئين، ولذلك لا يوجد رغبة لدى دمشق وطهران بإعطاء مكاسب لحزب العدالة والتنمية للتأثير على نتائج الانتخابات.
ومنذ الغزو الروسي على أوكرانيا، أتاحت موسكو المجال بشكل أكبر لعودة النفوذ الإيراني إلى سوريا، في ظل الدعم الذي تقدمه طهران لروسيا في الحرب الأكرانية، خاصة فيما يتعلق بالطيران المسير، وبالتالي اتسعت قدرة النظام السوري مجدداً على المناورة بين روسيا وإيران.
ويبدو أن النظام السوري لديه اعتقاد بأن استكمال تطبيع علاقاته مع الدول العربية، وعودته إلى الجامعة العربية سيجعله في موقف تفاوضي أفضل مع الجانب التركي.
ومن الواضح وجود حسابات مختلفة لدى كل من روسيا والنظام السوري فيما يتعلق بالمحادثات مع تركيا، حيث تسعى موسكو لقطع أكبر قدر ممكن من الخطوات في المسار استباقاً لمتغيرات محتملة في الحكومة التركية، في حين يفضل النظام السوري انتظار فرصة أفضل مع حكومة جديدة تكون أكثر إيجابية بالتعامل معه.
