لوّحت "محافظة دمشق" التابعة للنظام السوري، شهر تشرين الأوّل الفائت، بأنها ستعمل على تأهيل "جسر الرئيس" على نفقتها الخاصة بكلفة 10 مليارات ليرة سوريّة، لعدم قدرتها على إيجاد مستثمرين، وفي نهاية أيلول الماضي، أعلنت عن نيتها بدء العمل على مشروع "نفق المجتهد"، نهاية هذا العام، وذلك بكلفة 70 مليار ليرة.
ورغم الإعلان عن موعد البدء بتنفيذ مشروع "نفق المجتهد"، إلا أن مدير الإشراف في محافظة دمشق جوهر حمود، قال الشهر الفائت، إنّ "البحث ما يزال مستمراً لإيجاد مموّل لإنجازه"، باعتبار أنّ "التمويل أحد أكبر العقبات التي تواجه تنفيذ هذا المشروع".
ويبدو أن "المحافظة" ليست مرتبكة جداً بما يخص تأمين التمويلات لمشاريعها الضخمة، ويثبت ذلك شجاعتها بالتصدّي لمشروع "جسر الرئيس"، وتحديد موعد بدء تنفيذ مشروع "نفق المجتهد"، وسط تساؤلات عن مصدر التمويل.
ومشاريع "محافظة دمشق" المكثّفة، منذ شهرين، والتي تشهد تغييراً في وجه العاصمة، تثير تساؤلات حول مصدر أموالها التي ظهرت فجأة بعدما كانت تشتكي مراراً من ضعف التمويل، ففي أحد التصريحات السابقة مثلاً، قال مدير الإنارة والكهرباء في المحافظة وسام محمد، إنّ "ميزانية الدولة كلها لا تكفي لإنارة شوارع دمشق".
وبحسب المصادر، فإنّ التناقض واضح بين الحديث تارةً عن ضعف التمويل والمشاريع على الأرض أو التلويح باستخدام الأموال الخاصة لإنجاز مشاريع ضخمة.
حالياً تعمل "محافظة دمشق" على مد قمصان إسفلتية في شوارع سبق أن أهملتها حتّى قبل الحرب، مثل المناطق العشوائية في ركن الدين وعش الورور، حيث أهّلت شوارع تلك المناطق عبر صيانة ضخمة للتمديدات الصحية، رغم مناشدات السكّان على مدى السنوات الماضية لفعل ذلك، لكن دون جدوى حينها.
وهناك بعض الشوارع والأنفاق التي جرى تأهيلها وإنارتها، خلال العام الفائت، دون ضجة إعلامية، بدت "كأنها من عالم آخر"، وفق ما يقول بعض ممن يمرون يومياً من نفق وأتوستراد الفيحاء مثلاً، الذي يمر من أمام استراحة "محافظ دمشق"، فتلك المنطقة باتت بقميص إسفلتي جديد ومنارة طوال الليل، وفيها مسامير مضاءة وشوارع مخططة قريب من طريق "القصر الجمهوري"، مقارنةً بشوارع مليئة بالحفر ومعتمة ليلاً.
مشاريع عديدة تستكمل إنجازها "محافظة دمشق"، بدءاً من مشاريع الصرف الصحي، مروراً بتعبيد بعض الطرقات وغيرها من مستجدات على مستوى "نفق المجتهد" وهو المشروع الأضخم.
ووفق مدير الإشراف في "محافظة دمشق" جوهر حمود، الذي قال إنّ "المحافظة تستكمل إنجاز ما يقارب 26 مشروعاً مختلفاً، منها إنجاز 64 كشكاً ضمن كراجات صيدنايا، و32 كشكاً معدنياً في سوق الهال، إضافة إلى تعبيد العديد من الطرقات التي تجري الآن والموضوعة أيضاً على قائمة الانتظار في القنوات وركن الدين وكفرسوسة والمهاجرين".
يضاف إلى هذه المشاريع، مشروع للصرف الصحي في منطقة اليرموك بقيمة 500 مليون ليرة، وعقد آخر تم تصديقه مؤخراً بقيمة 700 مليون ليرة، وآخر بقيمة مليار و80 مليون ليرة، وغيرها من العقود، مع العلم أن هذه المشاريع تشمل استبدال جميع المقاطع المتضرّرة للصرف الصحي في مدينة دمشق، وفق "حمود".
مَن هم المموّلون؟
يرحب سكّان دمشق بالاهتمام "المفاجئ" بالخدمات والمشاريع التي بدأ يلحظوها على غير العادة، بعد سنوات الحرب الطويلة، لكن يبقى السؤال: مِن أين لـ"محافظة دمشق" هذا، مَن المموّل؟
تدور الكثير من الشائعات حول مصدر تمويل "المحافظة"، خاصةً بعد أن كشفت مؤخّراً، صحيفة "الوطن" المقرّبة من النظام السوري، عن دراسة تعدها إيران لتنفيذ مشاريع في العاصمة دمشق، في مقدمتها إنشاء مترو أنفاق تحت المدينة.
وأفادت الصحيفة بأنّ "هناك 3 مشاريع جرى طرحها خلال الزيارة الأخيرة لرئيس بلدية طهران إلى دمشق، بدعوة من محافظها محمد طارق كريشاتي"، وذلك ضمن إطار ما أُطلق عليه "توءمة دمشق مع طهران".
"كريشاتي" على علاقة وطيدة مع إيران، وتقول بعض الشائعات إنّ "المحافظة حصلت على تمويل من إيران لقاء حصولها على مشاريع ضخمة في العاصمة منها الميترو ومشروع للباصات الكهربائية ومعالجة النفايات الصلبة، وتُستخدم هذه الأموال حالياً لتحسين الخدمات لتهدئة نفوس المعترضين".
يرى آخرون، أنّ "سوريا حصلت على تمويلات ضخمة من دول خليجية، لقاء سكوتها الأخير فيما يتعلق بفلسطين ولبنان، وكان من الضروري أن تُستخدم في تحسين الخدمات، كي يتم رسم صورة بأنّ رئيس النظام يلتفت إلى شؤون شعبه حالياً وتحسين مستوى معيشتهم، وفي ذات الوقت تكون هذه المشاريع أداة لتخفيف أي احتقان محتمل".