تعرض صحفيون وناشطون وسياسيون في شمال شرقي سوريا لحملة تحريض وتشهير واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل صفحات تابعة وتديرها استخبارات "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) خلال الأسبوع الفائت.
ونشرت صفحة تحمل اسم "الأمن القومي الكردستاني" في إشارة لجهاز الاستخبارات الأعلى في مناطق "قسد"، والذي يُدار من قبل مسؤولين في "حزب العمال الكردستاني" (PKK)، منشورات تتهم الصحفيين والناشطين بالعمالة لتركيا والعمل لصالح قنوات ومؤسسات إعلامية "معادية" لـ"قسد".
حملة تحريض واسعة
وخلال أيام قليلة، أعادت عشرات الحسابات التي تُدار من قبل استخبارات "قسد" والموالية لها مشاركة ونشر المنشورات من صفحة "الأمن القومي الكردستاني" في حملة تحريض واسعة انطلقت الأسبوع الفائت على منصة "فيسبوك"، تستهدف الناشطين والصحفيين.
وعلق صحفي (فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية) -شملته حملة التحريض- بالقول إن "هذه الصفحات نشطة منذ سنوات وتنشر بشكل متقطع وتستهدف الصحفيين والناشطين المعارضين لـ"قسد" والإدارة الذاتية كل فترة، ولكن هذه المرة الأولى التي ظهرت فيها صفحات جديدة تحمل اسم جهاز أمني معروف".
واللافت هذه المرة هو استهداف الحملة لشريحة واسعة من الصحفيين والناشطين والسياسيين والكتاب والعاملين في المنظمات المحلية والدولية، في رسالة واضحة من استخبارات "قسد" تهدف إلى تهديد وإسكات كافة المعارضين لها أو كل شخص من غير الموالين لسلطتها، بحسب الصحفي.
ويرى الصحفي، في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن "الحملة التحريضية الحالية تأتي للتغطية وإلهاء سكان المنطقة المتذمرين من سوء الخدمات وغياب الأمن وانتشار البطالة والمخدرات بين الشباب، وتصاعد الانتهاكات وغياب القانون وتدهور الوضع الاقتصادي واستشراء الفساد داخل مؤسسات قسد".
وتحاول "قسد" ربط فشلها الأمني والاقتصادي والخدمي بتعرضها للهجوم والعداء من قبل تركيا والأحزاب الكردية المعارضة لها عبر بث سيل من الاتهامات بحق كل شخص أو حزب أو جهة تنتقدها وتعارضها، وفق قوله.
ماذا يعني صمت قسد؟
قال الصحفي جانو شاكر، الذي شملته حملة التحريض على هذه الصفحات، إن الإدارة الذاتية مطالبة بتبرئة نفسها من هذه الصفحات.
وكتب الصحفي منشوراً قال فيه إن "الإدارة الذاتية مطالبة بتحمل مسؤولياتها تجاه القضية، والتبرؤ أولاً من هذه الحسابات التي تشوه سمعتها، والإعلان في بيان أن هذه الحسابات ليست تابعة لها".
واعتبر أن عدم إبداء "الإدارة الذاتية" أي موقف يعني أن "الحسابات تابعة للإدارة الذاتية وللأحزاب الكردية التي تدعم مشروعها، وهي المتهمة بهذه الحالة بالتحريض على هذه الأسماء".
وقال الصحفي سلام حسن إنه "تعرض لحملة تضليل وتشويه سمعة وتهديدات بالتصفية والقتل على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل مجموعة لا تمتلك أي أخلاق إنسانية أو كردية أو عربية، ولا حتى أخلاقيات عامة أو أخلاق ثورية أو وطنية وقومية".
فيس بوك يحظر بعض الصفحات
اختفت صفحة "الأمن القومي الكردستاني" وصفحات رديفة لها على منصة فيس بوك صباح الجمعة الماضي، وقال صحفي لموقع تلفزيون سوريا إنه تم حظر الصفحة لتعرضها لحملة إبلاغات من قبل الصحفيين والأشخاص الذين شملتهم حملة التحريض والتشهير.
صفحات وهمية
ويومياً تنشئ استخبارات "قسد" صفحات وهمية جديدة تحمل صوراً وأسماء مستعارة، وترسل طلبات صداقة لآلاف الأشخاص من سكان مناطق شمال شرقي سوريا. وغالباً ما تستخدم هذه الحسابات صوراً وأسماء نساء غير معروفات لزيادة أعداد المتابعين.
وتلجأ استخبارات "قسد"، بحسب ناشطين، إلى حملات تشهير وتحريض منظمة على صفحات التواصل الاجتماعي للنيل من خصومها السياسيين، لا سيما مسؤولي وأعضاء المجلس الوطني الكردي، وكذلك تستهدف الناشطين والصحفيين المعارضين لها أو كل شخص ينتقد "قسد" و"حزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD).
وإلى جانب صفحات استخبارات "قسد"، توجد عشرات الحسابات التابعة لـ"الشبيبة الثورية"، التي تعمل من جهة على استقطاب الأطفال والقصر إلى صفوفها، ومن جهة أخرى توجه تهديدات وتقود حملات تستهدف كل من ينتقد تجنيد الأطفال أو التنظيم في مناطق شمال شرقي سوريا.
عملية النشر منظمة
أشارت منصة True Platform إلى استمرار حسابات شخصية وصفحات عامة على موقع "فيس بوك" بنشر صور صحفيين وناشطين وسياسيين في شمال شرقي سوريا، مع اتهامات بالعمل ضد الإدارة الذاتية والعمل لصالح الاستخبارات التركية وممارسة أعمال لا أخلاقية، في سياق حملة تحريض منظمة تقودها هذه الحسابات منذ أيام.
وأوضحت المنصة المتخصصة في تقصي الحقائق والمعلومات المضللة أن "البحث أظهر أن حساباً وهمياً باسم "الأمن القومي الكردستاني" هو مصدر غالبية هذه المنشورات التي استهدفت صحفيين وناشطين وسياسيين، من دون إيراد أي أدلة تثبت الادعاءات التي ساقها".
ولفتت إلى أنه "يجري تداول هذه المنشورات بالتزامن مع نشر فضائية "روناهي"، المقربة من الإدارة الذاتية، حلقات تحت اسم "الأيادي المظلمة"، تقول إنها اعترافات جواسيس وعملاء للاستخبارات التركية".
وأردفت: "تفيد مشاركة العشرات من الصفحات والحسابات الوهمية والمجموعات العامة، والتي يتابع بعضها عشرات الآلاف، إضافة إلى نشرها بشكل متعمد في مجموعات ذات طابع تجاري، يتابعها الآلاف، بوجود حملة تضليل ممنهجة".