تحدث تقرير لوكالة "رويترز" عن محاولات نظام بشار الأسد الاستفادة سياسياً من أزمة الزلزال بعد أن سمح بدخول المساعدات عبر المزيد من المعابر الحدودية مع تركيا لإيصالها إلى المناطق الخارجة عن سيطرته في شمال غربي سوريا.
وبحسب التقرير فإن الأسد استفاد سياسياً من قرار "السماح بدخول المساعدات" وذلك استجابة لمطالب "خصومه" في الغرب، ويأمل بتحقيق المزيد من الاستفادة من هذه الخطوة.
وأشار التقرير إلى أنه ربما هناك اتفاق خلف الكواليس ربما دفع الأسد لاستثمار أزمة الزلزال ليحقق مكاسب دبلوماسية.
استغلال ملف مساعدات الزلزال
ذكرت "رويترز" أن قرار الأسد في ظل الكارثة الإنسانية التي تشهدها سوريا وخاصة شمال غربي من جراء الزلزال، يمثل تحولا في موقف دمشق التي عارضت لفترة طويلة تسليم مساعدات عبر الحدود إلى منطقة المعارضة.
ويمثل هذا واحداً من عدة طرق يتم من خلالها إرسال المساعدات عبر قنوات دبلوماسية، ويبدو أن الأسد استفاد سياسياً من ذلك ويأمل في تحقيق المزيد من الاستفادة.
وبحسب التقرير، ينعم الأسد، المنبوذ من الغرب، بفيض من الدعم من دول عربية أعادت العلاقات معه في السنوات الماضية، لا سيما الإمارات.
وقال مسؤولان عربيان التقيا بالأسد إنه أجرى أيضا أول اتصال هاتفي معلن مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهي خطوة يهدف إلى البناء عليها.
كما أرسلت السعودية، أمس الثلاثاء، أول طائرة مساعدات معلن عنها إلى حلب الواقعة تحت سيطرة الأسد، في لفتة بارزة من دولة خليجية ما تزال على خلاف مع بشار الأسد. وقبل هذا كانت المساعدات السعودية لضحايا الزلزال تذهب فقط إلى مناطق المعارضة.
من جهتها، تبحث تركيا، حيث أودت الكارثة بحياة 31974 شخصاً، إعادة فتح معبر حدودي أمام مساعدات الأمم المتحدة للوصول إلى مناطق الحكومة السورية، وفقا لمسؤول تركي. وهي خطوة يمكن أن تطور الاتصالات التي تمت في الآونة الأخيرة بين الحكومتين بعد سنوات من العداء.
وسمحت الولايات المتحدة، التي تستبعد إعادة العلاقات مع الأسد، لمدة 180 يوماً بجميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلزال التي كان من الممكن حظرها بسبب العقوبات التي فرضتها على سوريا.
وتقول واشنطن منذ فترة طويلة إن العقوبات لا تعرقل وصول المساعدات.
وفي غضون ذلك، ارتفعت الليرة السورية منذ القرار.
وقالت الأمم المتحدة إن قرار الأسد السماح للمساعدات بالمرور عبر معبرين حدوديين آخرين لثلاثة أشهر جاء بعد دعوات للسماح بوصول مزيد من المساعدات. وجاء أيضا في وقت دعت فيه الولايات المتحدة إلى قرار من مجلس الأمن الدولي يسمح بفتح المعبرين.
ويتم تسليم مساعدات الأمم المتحدة حاليا عبر معبر واحد سمح به قرار من مجلس الأمن. ويقول دبلوماسيون إنه على الرغم من أن الأسد فقد السيطرة على معظم الحدود المتاخمة لتركيا منذ سنوات، فإن موافقته تعني أن وكالات الأمم المتحدة لا تحتاج إلى قرار آخر من هذا القبيل للدخول من المعبرين الإضافيين.
وقال آرون لوند من مؤسسة سنشري إنترناشيونال البحثية "يبدو هذا إيجابيا بشكل لا لبس فيه، وهذا ليس شيئا يمكنك قوله عن سوريا غالبا هذه الأيام".
هل هناك اتفاق وراء الكواليس؟
قال لوند "إما أن يكون هناك اتفاق وراء الكواليس يحصل فيه الأسد على شيء في المقابل، أو أنه قرر أن الوقت قد حان لتقديم بادرة حسن نية".
ومضى يقول "فتح هذه المعابر لفترة مؤقتة لا يكلف الأسد شيئا حقا، لكنه يسمح له بالإفلات من الانتقادات ويبرز قدرته على السماح وعدم السماح بإمكانية الوصول إلى الحدود كما يشاء".
وقال نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ردا على سؤال حول القرار خلال مؤتمر صحفي، الإثنين الماضي، إنه يأمل في أن يكون الأسد جاداً.
ومضى برايس يقول "دأب نظام الأسد على الجدل ضد زيادة المعابر الإنسانية. لكن إذا كان النظام جادا بشأن هذا وعلى استعداد لتنفيذ ما يقول، فسيكون هذا جيدا للشعب السوري".
ولم ترد وزارة الإعلام السورية على الفور على طلب للتعليق عبر البريد الإلكتروني. ولم تصدر الرئاسة السورية أي تصريحات بشأن قرار المعابر.
وجدد سفير سوريا لدى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي موقف حكومته بأن المساعدات يجب أن تتم بالتنسيق مع الحكومة وتوصيلها من داخل سوريا وليس عبر الحدود التركية.
ونقلت الرئاسة عن الأسد قوله في لقاء مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أمس الثلاثاء، إن الحكومة تريد وصول المساعدات إلى جميع المناطق السورية لمساعدة المتضررين.
وضرب الزلزال السوريين الذين يعانون بالفعل من أزمة إنسانية حادة بعد أكثر من عقد من صراع أودى بحياة مئات الآلاف وشرد أكثر من نصف سكان سوريا وقسم البلاد.
وأحبطت الخصومة الشديدة بين الأطراف المتناحرة محاولتين على الأقل لتقديم المساعدة إلى الشمال الغربي الخاضع لسيطرة متمردين والذي سجل القسط الأكبر من القتلى حتى الآن. وتضررت مناطق يسيطر عليها النظام بشدة أيضا.
كسر العزلة
تعهدت الإمارات بتقديم 50 مليون دولار كمساعدات لسوريا لكنها لم تذكر في أي جزء من سوريا سيتم إنفاق هذه الأموال. وقالت وسائل إعلام حكومية سورية إن الدعم الإماراتي للمناطق التابعة للحكومة يشمل فريق بحث وإنقاذ.
وزار وزير الخارجية الإماراتي دمشق أيضا.
وقال مصدران خليجيان إن الإمارات التي كانت ذات يوم تدعم أعداء الأسد أصبحت تضغط على الدول العربية الأخرى لإعادة التعامل مع دمشق، على الرغم من معارضة حليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة.
وتم تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية عام 2011 مع تصاعد الحرب. لكن مع إلحاق الأسد الهزيمة بعدد من أعدائه بمساعدة روسيا وإيران، ترى بعض الدول العربية في إعادة التواصل مع الأسد وسيلة لمواجهة نفوذ إيران الشيعية من بين اعتبارات أخرى.
الأسد: اتصال السيسي يمكن البناء عليه
وقال مسؤول عربي اجتمع مع الأسد، متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته لأن الاجتماع كان خاصا إن الأسد شعر بالارتياح من مكالمته مع السيسي وقال إن الاتصال سيتم "البناء عليه". وكانت الرئاسة المصرية قد تحدثت عن اتصال مع الأسد في 7 من شباط/فبراير لكنها لم تسهب في تفاصيل.
وقال السيسي متحدثا في مؤتمر في دبي إنه ناقش الحاجة إلى مساعدة سوريا مع رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان وإن الإماراتيين يجب أن يفخروا بجهود المساعدة.
وقالت تونس التي قطعت العلاقات مع سوريا قبل عشر سنوات إنها ستعزز علاقاتها مع دمشق منذ وقوع الزلزال.
وعبرت واشنطن عن معارضتها لأي تحركات لإصلاح أو تطبيع العلاقات مع الأسد مشيرة إلى وحشية نظامه خلال الصراع وضرورة رؤية تقدم نحو حل سياسي.
وقال مسؤول عربي آخر اجتمع مع الأسد إن الرئيس السوري يأمل في أن "يصير التفاف عربي حول سوريا" وأن يساعد العرب في "اختراق الحصار" في إشارة إلى العقوبات.
لكن محللين يقولون إن العقوبات الأميركية مازالت تعمل ككابح للدول التي تسعى إلى بناء علاقات تجارية.