مع توسع سيطرة قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني في الجنوب السوري، منذ عام 2018 في أعقاب التسوية التي فرضتها روسيا، تحولت المنطقة وخاصة محافظة درعا إلى قاعدة لإرسال المخدرات باتجاه الأردن والخليج العربي.
وكشفت مصادر لموقع تلفزيون سوريا مسار تهريب المخدرات في الجنوب السوري إلى الأردن ودول الخليج، وكذلك أسماء قيادات النظام القائمين على تجارة المخدرات وتصنيعها ونقلها.
وأعلن الجيش الأردني في السادس عشر من كانون الثاني/ يناير 2022، مقتل ضابط برتبة نقيب، وإصابة ثلاثة عناصر آخرين من حرس الحدود، خلال اشتباكات مع مهربين على الحدود مع سوريا.
وأشار الجيش الأردني في بيان صادر عنه حول الحادثة، أن حرس الحدود تمكن بعد الاشتباكات من ضبط كميات من المواد المخدرة في المنطقة.
وكانت السلطات الأردنية قد أعلنت في آب/ أغسطس 2021، عن ضبط شحنة مخدرات في معبر جابر/نصيب، بلغت كميتها نصف مليون حبة، بعد أقل من يوم على الإعلان الرسمي عن افتتاح المعبر، تلاها مصادرة شحنة في تشرين الأول/ أكتوبر من العام ذاته تقارب مليون حبة كبتاغون.
نقاط تهريب المخدرات إلى الأردن
حولت الفرقة الرابعة وميليشيا حزب الله اللبناني محافظتي درعا والسويداء إلى نقطتي عبور للمواد المخدرة باتجاه الأردن ودول الخليج العربي.
وأفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أنه يتم استخدام عدة نقاط في جنوبي سوريا ملاصقة للحدود الأردنية، تنطلق منها شحنات تهريب المخدرات باتجاه الأردن وهي: بلدات آرة والكويا وتل شهاب والزامل في منطقة حوض اليرموك، بالإضافة إلى خراب الشحم والمتاعية ونصيب وبصرى الشام.
وفي محافظة السويداء يتم الاعتماد على منطقتي "الشعاب"، و "خربة عواد" الواقعتين على حدود الأردن، من أجل تهريب المواد المخدرة، حيث يتم نقل المُهربات من منطقة "اللجاة" في ريف درعا عبر البادية، لتصل إلى "الشعاب" و "خربة عواد"، بالتنسيق مع تجار محليين، من أبرزهم "مرعي الرمثان".
دور حزب الله اللبناني في إنتاج وتهريب المخدرات
بعد انحسار سيطرة فصائل المعارضة السورية في محافظة درعا، تنامى نفوذ حزب الله اللبناني فيها، واستطاع تأسيس قواعد عسكرية عديدة هناك.
وأكدت مصادر ميدانية متطابقة لموقع تلفزيون سوريا أن الفرقة 901 التابعة لحزب الله اللبناني، ترعى تهريب حبوب "الكبتاغون" من لبنان إلى منطقة "اللجاة" في محافظة درعا، التي يقيم قواعد فيها، وتمر الشحنات عبر ريف دمشق قبل وصولها إلى شرقي درعا، ويتم تجهيز الشحنات لتهريبها إلى الأردن أو بيعها في الأسواق المحلية، ويساعد الحزب في عملياته متعاونون محليون، من أبرزهم: خلدون الحتيتي – حسين وهيبان – هايل الرويسي.
واعتمد حزب الله اللبناني على "أحمد المهاوش" كمتعاون محلي في عمليات تهريب المخدرات، لكن النظام السوري اضطر إلى إيقافه والإعلان عن ضبط كميات من المواد المخدرة في العام الماضي، كمحاولة لامتصاص الغضب الدولي والأردني تحديداً، وإبراز الجهد في عملية مكافحة المخدرات وانتشارها.
وأقام حزب الله اللبناني صلات مع متعاونين في محافظة السويداء من أجل تجارة المخدرات، من أبرزهم "رافع رويس"، و "مرعي الرمثان" وهو تاجر كبير ويحظى بحماية عشائر من البدو، بالإضافة إلى مجموعات مسلحة يقودها شخصيات من آل فلحوط وآل مزهر.
الفرقة الرابعة وإنتاج الكبتاغون
أنشأت الفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري مكبساً لضغط حبوب "الكبتاغون" في منطقة "خراب الشحم" بمحافظة درعا، القريبة من الحدود الأردنية.
وبحسب المصادر فإن العمل يشرف عليه كل من: أحمد الشنوان – عبد الرحمن الشنوان – ليث السودي، وجميعهم يحملون بطاقات أمنية صادرة عن المكتب الأمني في الفرقة الرابعة، تساعدهم على تسهيل تحركاتهم وتضمن لهم المرور على جميع النقاط العسكرية من دون تفتيش.
وينسق نشاط الفرقة الرابعة الخاص بالمخدرات في محافظة درعا العقيد محمد العيسى، الذي يعمل في المكتب الأمني للفرقة الرابعة.
وتتم في بلدة "نصيب" بريف درعا عمليات تغليف المواد المخدرة، وتجهيزها استعداداً لإرسالها إلى الأردن عبر معبر جابر/ نصيب، بعد أن يتم حشوها ضمن المواد الغذائية أو مع شحنات الخضراوات والفواكه، ويشرف على العملية كل من: غسان أبو زريق – رائد الرفاعي.
مادة مخدرة جديدة في الجنوب السوري
راجت في الآونة الأخيرة مادة مخدرة جديدة في الجنوب السوري، تحمل اسم "الكريستال ميث"، ويطلق عليها تسميات شعبية مختلفة منها "آتش بوز" و "الشبو".
وتعتبر هذه المادة أرخص نسبياً من "الكبتاغون"، وتحظى بانتشار واسع بين الفئات الفقيرة، وتعاطيها يتم عن طريق حرقها في أنابيب خاصة واستنشاق دخانها.
المصدر الأساسي لـ "الكريستال ميث" هو إيران، حيث تصل إلى الجنوب السوري عن طريق الخط الذي يصل أصفهان الإيرانية بالعراق، ثم إلى الأراضي السورية، وتنتشر بشكل واسع في الجنوب والشمال، ويتم تهريبها أيضاً إلى الأردن.
أبرز مناطق انتشار "الكريستال ميث" يتركز في "نوى" بريف درعا، ويدير تجارتها أعضاء في حزب البعث العربي الاشتراكي الموالي للنظام السوري، وفي السويداء تبرز بلدة "عتيل" كمركز لتوزيع هذه المادة، بإشراف متزعم مجموعة عسكرية تتبع للأمن العسكري، ويدعى "راجي فلحوط".
ويمكن تفسير تركيز كل من حزب الله والفرقة الرابعة على محافظات الجنوب السوري، وتحويلها إلى مركز أساسي لنشاطها في مجال المخدرات، بأنها قريبة على الأردن، وهو بوابة عبور مهمة إلى دول الخليج وخاصة السعودية، وهي على ما يبدو الهدف الأساسي بسبب العوائد المادية المرتفعة التي توفرها هذه السوق.