icon
التغطية الحية

مزارعو التبغ في اللاذقية: لجان تخمين فاسدة وسعر الكيلو بثمن علبتي دخان

2024.05.16 | 18:38 دمشق

5345
زراعة التبغ في سوريا
دمشق - جوان القاضي
+A
حجم الخط
-A

في مطلع شهر نيسان الجاري، أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، مرسوماً سمح بموجبه  للقطاع الخاص بالاستثمار في صناعة التبغ وشرائه بهدف تصنيعه وتسويقه مصنعاً، وذلك بعد عقود من احتكار مؤسسة التبغ "الريجي" لهذا القطاع وتسعير منتجه بما لا يتناسب مع تكاليف إنتاجه من قبل المزارع. 

علي (56 عاماً)، وهو من مزارعي التبغ في ريف اللاذقية، قال لموقع تلفزيون سوريا "إنّ محصول التبغ يحتاج إلى عمل مجهد على مدار العام". مضيفاً أنه يزرع ما يقارب الدونمين سنوياً وبعد نحو شهرين من الآن يتم القطاف، ومن ثم "التيبيس" لمدة شهرين حسب وصفه، أي تجفيف الدخان في الشمس، ومن ثم توضيبه في مكان مظلم تمهيداً لبيعه. 

مرسوم فارغ وأسعار مجحفة

لم يسمع المزارع الخمسيني بمرسوم الأسد المتضمن السماح للقطاع الخاص بالاستثمار في صناعة التبغ، "شو بستفيد من مراسيمه الفارغة"، قال علي بطريقة تهكمية، مشيراً إلى أنه يبيع قسما كبيرا من محصوله للقطاع الخاص (تجار) بسبب فارق السعر بين تسعيرة الحكومة والسعر في السوق. 

وكانت حكومة النظام السوري قد حددت سعر شراء كيلو التبغ من المزارعين حسب الأنواع: "تنباك 24000 ليرة، برلي 23000 ليرة، فرجينيا 24000 ليرة، بصما 32000 ليرة، بريليب 28000 ليرة، شك البنت 27000 ليرة، كاتريني 28000 ليرة"، وذلك لكل كيلو غرام واحد من المادة. 

ويرى علي، أنّ هذه الأسعار مجحفة بحقه كمزارع ولا تغطي الجهد المبذول على المحصول طوال العام، فضلاً عن التكاليف الأخرى من بذار وأدوية ومبيدات وسماد وحراثة ومازوت، وغيرها، وأردف بالقول: "بدن نبيع المحصول للمؤسسة بهذه الأسعار التي لا تعادل سعر علبتي دخان وطني". 

يقدر علي إنتاجه للموسم الحالي بنحو 200 كيلو غرام، لكنه لن يبيع المؤسسة سوى 50 كيلو، إذ تُلزم مؤسسة "الريجة" المزارع بتسليم محصوله لها، ويقوم ما يعرف بين مزارعي التبع بـ "مراسل الدخان" (موظف تابع للريجة) بتقدير كميات الإنتاج لكل مزارع وفقاً لتقديراته التي تُجبر المزارع على تسليم ذات الكمية المقدرة وإلا سوف يتعرض للغرامات المالية (دفع ثمن كل كيلو غرام ناقص عن الكمية المحددة)

لجان تخمين مرتشية

يزرع علي، دخان البصما وهو نوع شائع زراعته في ريف اللاذقية. وفي حين حددت حكومة النظام سعر الكيلوغرام منه بـ 32 ألف ليرة، فإنه يباع في السوق بنحو 175 ألف ليرة، وهذا ما سيدفع المزارع إلى بيع قسم كبير من محصوله للتجار وليس لمؤسسة التبغ. 

علي واحد من نحو 60 ألف مزارع في سوريا يعتمدون على زراعة التبع كمحصول استراتيجي لتأمين لقمة عيشهم، حيث تتركز زراعة التبغ في ريف اللاذقية وسهل الغاب وريف حماه (مصياف) وحمص ودرعا. 

ويعاني هؤلاء المزارعون من إجحاف لجان التخمين (مراسل الدخان) الذين يقدرون كميات الإنتاج "على كيفهم"، حسب وصف علي، مؤكداً أنّه يضطر لرشوة لجان التخمين لكي تخفض كمية إنتاجه المقدَّرة وتترك له الكمية الأكبر من أجل بيعها في السوق الحر، لكي يستطيع البيع من دون الخسارة.

تراجع الإنتاج

بينما كان يقدر إنتاج سوريا من التبغ بأكثر من 12 ألف طن حتى عام 2020، انخفض الإنتاج خلال السنوات اللاحقة من جراء قلة اهتمام حكومة النظام بزراعته وعدم توفيرها الدعم للمزارع خلال زراعة المحصول وتسعيره بسعر مجحف بحق المزارع، وفقاً لحديث مهندس زراعي يعمل في وحدة إرشادية بريف اللاذقية ورفض ذكر اسمه لأسباب أمنية. 

وقال المهندس لموقع تلفزيون سوريا "إنّ المرسوم الذي سمح للقطاع الخاص بالاستثمار في صناعة التبغ جيد نظرياً لكن عملياً سيكون هناك احتكار للتبغ من قبل تاجر أو تجار محسوبين على السلطة". مشيراً إلى أنّ المرسوم يفيد المزارع في حال تخلت مؤسسة التبغ عن إلزام المزارعين بمساحات محددة لزراعته ومن ثم بيعه بسعر محجف، وهذا ما سيتضح بعد صدور التعليمات التنفيذية للقانون. 

وبلغت المساحة التي زرعت بالتبغ للموسم الحالي 2023/2024 في المناطق التي يزرع بها المحصول نحو 20 ألف دونم بإنتاجية تقدر بنحو 3000 طن، بينما كانت المساحة المزروعة بالموسم الزراعي الماضي نحو 33 ألف دونم، وكان إنتاجها 4.4 أطنان، وفقاً لتصريحات مدير الزراعة والبحث العلمي في المؤسسة العامة للتبغ التابعة للنظام أيمن قره فلاح.