أعرب "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" عن "قلقه العميق" إزاء وفاة محتجزين اثنين خلال أقل من شهر في سجون "قوات سوريا الديمقراطية" تحت التعذيب، داعياً إلى إجراء تحقيق محايد ومستقل في حوادث الوفاة داخل مراكز الاحتجاز التي تديرها "قسد" شمال شرقي سوريا.
تحت التعذيب في سجون "قسد"
وفي بيان له، قال المرصد إنه تلقى معلومات تفيد بوفاة الشاب مصطفى عمر الحمدو، في 5 من آذار الجاري تحت التعذيب، بعد ست سنوات من الاحتجاز في سجون "قسد" بمحافظة الحسكة، على خلفية تهم إرهاب مزعومة.
كما وثّق وفاة الشاب يوسف محمد السلامة الراشد، في 20 من شباط الماضي، متأثراً بممارسات التعذيب التي تعرض لها بعد احتجازه تعسفياً خلال هجوم "تنظيم الدولة" على سجن الصناعة بمدينة الحسكة أواخر كانون الثاني الماضي.
ووفق "المرصد الأورومتوسطي" فإن الشاب مصطفى الحمدو كان محتجزاً في سجن علاوي في القامشلي، وقضى 6 سنوات من مدة عقوبته البالغة 7 سنوات، قبل أن تبلّغ "قسد" زوجته أنه توفي داخل السجن، ونقلت جثته التي بدا عليها آثار تعذيب إلى مستشفى مدينة القامشلي، ومنعت عائلته من دفنه في مسقط رأسه في قرية الحمدو شمالي الرقة، وجرى دفنه في قرية الشيخ حسن جنوبي الطريق الدولي "M4" شمالي الرقة.
وأضاف المرصد أن "قسد" اختطفت الشاب يوسف الراشد، وهو نازح من مدينة القورية بريف دير الزور إلى الحسكة، مع عشرات آخرين على نحو تعسفي أواخر كانون الثاني الماضي، خلال هجوم "تنظيم الدولة" على سجن الصناعة بالحسكة.
وأوضح أن الشاب اقتيد بعد اختطافه إلى جهة مجهولة، وظل قيد الإخفاء حتى أفرج عنه بعد نحو عشرين يوماً، ولكنه نقل عقب الإفراج عنه مباشرة إلى أحد مستشفيات الحسكة لتدهور حالته الصحية بسبب التعذيب، ليتوفى بعد يومين في المستشفى، وفق ما قال أفراد من عائلته.
الانتهاكات في سجون قسد سياسة ممنهجة
وفي بيانه، أكد "المرصد الأورومتوسطي" على أن "حالات التعذيب داخل سجون قسد ليست ممارسات معزولة أو سلوكاً فردياً، ولكنها على ما يبدو سياسة ممنهجة لإلحاق الأذى الجسدي والنفسي بالمحتجزين، وترهيب الناشطين والمعارضين السياسيين"، مشيراً إلى أنه وثّق وفاة 3 محتجزين في سجون "قسد" بسبب "التعذيب والمعاملة السيئة" خلال العام الماضي فقط.
ووفق بيان المرصد، فإن "قسد تستمر بلا هوادة في انتهاك حقوق المدنيين في مناطق سيطرتها، وتمارس على نحو كبير الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري بحقهم".
وشدد على "رفضه للأساس الذي تحتجز بموجبه المدنيين، إذ تقوم في معظم الحالات باحتجاز الأشخاص بعد رفضهم الخضوع للتجنيد الإجباري، أو بسبب آرائهم المعارضة لسياستها، وتحاول إسباغ الشرعية على هذه الممارسات من خلال النصوص والقوانين التي فرضتها دون أي معايير تشريعية أو قانونية".
وانتقد "المرصد الأورومتوسطي" استمرار "تدفق الدعم السياسي والعسكري من المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية لقسد، رغم انتهاكاتها الموثّقة لحقوق المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها في سوريا".
وأكد على ضرورة أن "يتم تقييد جميع أشكال الدعم، وضمان عدم استخدام تلك الأموال والأسلحة في ارتكاب مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان".
تحقيق محايد ومحاسبة المتورطين
وقال الباحث القانوني في المرصد عمر العجلوني إن "حوادث الوفاة بسبب التعذيب في سجون قسد تعكس استهتاراً قبيحاً بالأرواح، وحالة من غياب القانون واحترام حقوق الإنسان على نحو يتنافى مع قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ذات العلاقة".
ودعا المرصد إلى "تحقيق محايد ومستقل في حوادث الوفاة، وتحديد المتورطين فيها وتقديمهم إلى العدالة، وإنشاء آلية رقابة مستقلة للتأكد من ظروف الاحتجاز داخل السجون ومراكز الاحتجاز التي تديرها قسد شمال شرقي سوريا".
وحث "المرصد الأورومتوسطي" المقرر الخاص للأمم المتحدة، المعني بالتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، على إجراء زيارة تقصي إلى السجون التي تديرها "قسد"، وتقديم تقرير حول ظروف الاحتجاز إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، للحيلولة دون تفاقم تلك الممارسات غير القانونية.