أعلنت رئيسة منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة يوم الخميس الماضي، بأن منظمتها حصلت على مئات الملايين من الدولارات ضمن عمليات تمويل جديدة كما أنها نوعت قاعدة الجهات الداعمة، وقد أتى هذا التصريح بعد أن أعلنت المنظمات الإغاثية أنها تعاني في تحصيل ما يلزمها من أموال.
كما أثارت نتائج الانتخابات في العالم بأسره تساؤلات حول مستقبل الدعم بحسب ما ذكرته إيمي بوب مستشارة الهجرة السابقة لدى الرئيس الأميركي جو بايدن والتي حصلت على دعمه في حملتها التي نجحت خلال العام الماضي لتترأس المنظمة الدولية للهجرة.
وذكرت بوب أنها ركزت على معالجة تعقيدات الهجرة، وبأنها حذرت من الأخطار التي يتعرض لها أغلب المهاجرين وبأنهم يخاطرون بحياتهم في رحلات مريعة، وقالت في مقابلة لها من مقر المنظمة في جنيف: "إن هذا لا يمثل إدارة بايدن، بل يتعلق بوضع نهج شامل ومتكامل لمشكلة الهجرة، مع الاعتراف بأن اختصار الأمور بجزء وحيد من رحلة المهاجر يعتبر خطأ فادحاً".
أعلنت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة بأنها تقف ضد محاولات "اختزال قضية الهجرة بإدارة الحدود، لأني أرى في ذلك خطأ استراتيجياً جسيماً ترتكبه الحكومات من خلال بعض السياسات التي تنتهجها ونرى نتائجها اليوم، بما أن ذلك يتسبب بعواقب وخيمة للغاية".
أول مناشدة عالمية
مع وصول بوب لرئاسة المنظمة، أطلقت المنظمة الدولية للهجرة أول مناشدة عالمية لها في كانون الثاني الماضي، والتي سعت من خلالها لتحصيل نحو ثمانية مليارات دولار على أمل تمويل برامج تعمل على الاستعداد لتدفق المهاجرين قبل وصولهم، من دون أن يقتصر ذلك على تقديم استجابة عند وصولهم. ويأتي الدعم المخصص للمنظمة من مصادر متنوعة مثل المصارف التنموية وشركة التقانة العملاقة مايكروسوفت.
وتعليقاً على ذلك تقول بوب: "حصلنا حتى الآن على ثلث المبلغ الذي طالبنا به من خلال المناشدة"، في حين رثت لحالها منظمات أممية شقيقة مثل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وذلك بسبب نقص التمويل المخصص للأزمات مثل الحرب في السودان، حتى مع تصدر دول غنية للجهود الساعية لتحسين أمور التمويل.
برامج مشكوك بأمرها
كثيراً ما تحدثت بوب عن فوائد الهجرة ومنها العمالة التي يحملها المهاجرون إلى الدول المضيفة والأموال التي يأتون بها إلى وطنهم الثاني، في وقت باتت الحركات السياسية اليمينية في بعض الدول الغربية تنتقد المهاجرين وتحاول شيطنتهم، وهذا ما دفع بوب للقول: "أعتقد بأن كل وكالة تابعة للأمم المتحدة أصبحت تعاني بسبب الآثار التي خلفتها الانتخابات التي تقام في مختلف بقاع العالم في هذه الفترة من الزمان، كما لا يوجد ما يضمن احتفاظ كل من يشغل منصباً معيناً في السلطة بالموقف ذاته تجاه الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها، ولهذا يركز هدفنا على ضمان تنوع قاعدة الجهات الداعمة لدينا".
وشكك بعض المنتقدين بميثاق الهجرة الجديد الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي والذي يسعى لتحسين عمليات دراسة ملفات المهاجرين وترحيلهم إذا لزم الأمر. كما ذكر هؤلاء بأن أموال الاتحاد الأوروبي قد ذهبت لبرامج أقيمت في مناطق مثل ليبيا التي يندد الخبراء الأمميون بوضع انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها المهاجرون هناك.
ولذلك أعلنت بوب بأن المنظمة الدولية للهجرة لن تدعم بعض البرامج "إن لم تنسجم مع معايير الحماية لدينا" على حد تعبيرها، وأضافت: "في الوقت ذاته إننا نمثل منظمة تتبع للدول الأعضاء فيها، ومن القيم التي وضعناها قدرتنا على الدخول مباشرة في حوار مع الحكومات"، وهذا الحوار من شأنه "محاسبة تلك الحكومات" وتقديم أدلة لها، ومساعدتها على معالجة مشكلة الهجرة وإدارتها، وقالت: "من السهل توجيه أصابع الاتهام ثم الابتعاد عن المشهد، ولكن ثمة حالة توازن نسعى دوماً إلى تحقيقها، وذلك عبر التأكد من أننا نتوجه للاحتياجات الأساسية لمن ليس لديهم من يدافع عنهم".
"حراس لحق اللجوء"
يذكر أن المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية اللاجئين استشهدتا بالحق "الأساسي" في اللجوء بعد أن أعلنت إدارة بايدن عن فرض قيود جديدة على طالبي اللجوء عند الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وهذا ما دفع بوب للقول إن موظفي مفوضية اللاجئين ما هم إلا: "حراس لحق اللجوء" وعليهم أن يسعوا لضمان احترام الدول لتلك الحقوق، وأضافت: "إننا نتصدر ما تمارسه المفوضية من أعمال عندما يقوم موظفوها بتقييم قرارات الدول حول إتاحة ما يكفي من طلبات اللجوء لتلبية احتياجات من يطلبونه، لذا فإن هدفنا لا يسعى للتدخل بذلك التقييم، لأن هذا العمل عملهم هم، ويكفي أن نقف معهم أثناءه وأن نساندهم فيه".
تعتبر بوب أول امرأة تتولى قيادة المنظمة الدولية للهجرة، ولهذا وضعت على مكتبها لوحة كتب عليها: "السيدة المديرة".
ويقوم عمل المنظمة الدولية للهجرة في مكاتبها الميدانية البالغ عددها 560 مكتباً على تزويد المهاجرين بالطعام والماء والمأوى ومساعدتهم في تقديم الأوراق والمعاملات التي تفرضها الحكومات عليهم، وتقوم المنظمة أيضاً بجمع كم هائل من البيانات ومشاركتها، وتلك البيانات تتعلق بتدفق المهاجرين، حيث ترسل تلك المعلومات للحكومات وتقدم لهم المشورة بخصوص القرارات التي تتعلق بها سياسات الهجرة لديهم.
حري بالذكر أن تسعة من أصل 11 مديراً عاماً للمنظمة الدولية للهجرة منذ تأسيسها قبل 73 عاماً، تعود أصولهم إلى أميركا، ولهذا ظهر كثير من المنتقدين لبوب.
المصدر: AP News